#جريدة_الآن د. عبداللطيف بن نخي: قانون الجامعات الحكومية.. ومنع الاختلاط

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 814 مشاهدات 0


الراي

رغم تحفظاتي الجوهرية على قانون الجامعات الحكومية، إلا أنني أهنئ المجلسين على إقرار القانون في يوم الاثنين الماضي. فالتحركات البرلمانية لإعداده وإقراره بدأت من قبل عشر سنوات تقريباً، كما أنه منح أولوية عالية منذ أيامه الأولى، فضلاً عن تطوره من قانون للجامعات الحكومية الجديدة إلى قانون شامل لجميع الجامعات الحكومية. لذلك أسجل تقديري لجهود كل من ساهم في إعداد وتقديم الاقتراح بقانون قبل تسع سنوات، ولكل من انتقده بموضوعية منذ مسودته الأولى، إلى المسودة الأولى من مشروع القانون الذي قدّم في تاريخ 14 يونيو 2016، إلى صيغته النهائية التي أقرّت قبل ثلاثة أيام.‬ ‬‬‬
رغم إعجابي بعدد من الملاحظات التي أثيرت، إلا أنني استغربت كثيراً من ملاحظات الساعات الأخيرة على القانون، وتحديداً ممن لهم علاقات عريقة ومتينة مع الأعضاء المستمرين في اللجنة التعليمية. فالقانون الذي أقر هو نسخة معدلة من مشروع قانون قدمته الحكومة قبل ثلاث سنوات، واللجنة التعليمية عقدت 29 اجتماعاً لدراسته قبل عرضه على المجلس.
صحيح أن ملاحظات الساعات الأخيرة غالباً ما تكون بغرض عرقلة المجلس من تحقيق إنجاز مهم، وعادة يعقبها محاولات لإسقاط أو تقليل أهمية الإنجاز إذا تحقق؛ إلا أن بعض الملاحظات التي أثيرت على قانون الجامعات الحكومية كانت فعلاً مستحقة. وكان في مقدمتها ملاحظات الدكتور إبراهيم الحمود رئيس جمعة أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت.
حيث إنها كشفت مخالفات لمبادئ ومواد دستورية في القانون، وفق رأي الحمود. ولذلك كانت تلك أيضاً محل استغراب، فكيف لم يلاحظ مستشارو المجلس الدستوريون تلك الملاحظات، إن فرضنا صحّتها؟ ولماذا لم تصل إليهم أو إلى أحد أعضاء اللجنتين التعليمية والتشريعية في الوقت المناسب؟
في الضفة المقابلة، العديد من ملاحظات الساعات الأخيرة على القانون كانت غير مستحقة. فكانت من بينها ملاحظات نقابية ضيّقة المنظور، تبالغ في تعزيز سلطات الأكاديميين وتتناسى أهمية تحقيق التناغم بين الجامعات وبين أسواق العمل والخطط الاستراتيجية للدولة. والأغرب منها، تلك الملاحظات التي أثيرت حول نقاط مختلقة ومفبركة، كالادعاء بأن القانون ألغى العمل بقانون منع الاختلاط، رغم أن قانون منع الاختلاط مشار إليه في ديباجة القانون الجديد، وخلت نصوص مواده من مسألة الاختلاط.
وأما بالنسبة لتحفظاتي على القانون الجديد، فهي مرتبطة بفلسفته التقليدية غير المواكبة لطموحاتنا التنموية. فكنت أتمنى أن أرى قانوناً ينظم عمل الجامعات الحكومية وفق نماذج مالية (business models) أكاديمية تنموية. جامعات حكومية شبكة مواردها المالية مقاربة لشبكات الجامعات الخاصة، إلا أنها غير ربحية وتتميز عليها بدعم حكومي يتناسب مع تصنيف الجامعة في الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وجودة التعليم، ومع التصنيف الأكاديمي للأقسام العلمية لدى الجهاز الوطني أو لدى مؤسسات التصنيف الأكاديمي البارزة.
أي أن الكليات الحاصلة على الاعتماد المؤسسي، والحاضنة للأقسام العلمية الحاصلة على الاعتماد الأكاديمي، والأكثر نشراً للأبحاث العلمية في المجلّات المرموقة، والأكفأ في شراكتها مع سوق العمل، والأنجح في تلبية متطلبات خططنا التنموية، تستلم دعما حكوميا أكبر من نظيراتها.
ولأنني أرى أن هذه الفلسفة الإدارية ما زالت قابلة للتطبيق - إلى درجة ما - خلال اللائحة التنفيذية للقانون ومجلس الجامعات الحكومية المرتقبة، لذلك أناشد وزير التعليم العالي تبني هذه الفلسفة في صياغة اللائحة التنفيذية وأثناء إدارة مجلس الجامعات الحكومية. فالجامعات الحكومية يفترض أنها تتسابق في توفير تخصصات متناغمة مع متطلبات نهضتنا التنموية، وتتنافس في إعداد خريجين أكثر تأهيلاً للانخراط في سوق العمل... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك