يعقوب العوضي: الهجوم على أبناء الأسرة سببه دخولهم في التجارة
زاوية الكتابكتب أغسطس 18, 2007, 6:53 ص 508 مشاهدات 0
لماذا الهجوم على بعض أبناء الاسرة؟
كان هناك عرف اسري يتضمن منع اي من افراد الاسرة الحاكمة القيام باي عمل تجاري من
دون الحصول على موافقة خطية من رئيس الديوان الاميري آنذاك، ولم تكن الموافقة مطلقة
بل كانت مشروطة باعمال محددة، وكان الحصول على هذه الموافقة لا يتم بالسهولة التي
يتصورها البعض، بل كانت تمر باجراءات معقدة عدة لتتم الموافقة عليها. ولذا لم تكن
هذه الامور ميسرة مثلما هي عليه اليوم، مما كان لهذا الامر تأثيره القوي في امتناع
ابناء الاسرة من السعي للحصول على هذه الموافقات التي يصدرها رئيس الديوان، وكان
عدد الممارسين للعمل التجاري من ابناء الاسرة الحاكمة محدودا جدا، وموافقة الديوان
الاميري مقدرة من قبل صاحب الامر، وكانت نظرة الحكام الى هذا الموضوع على هذه
الصورة نابعة من ان الحكم يتعارض تماما مع مبدأ العمل التجاري، وهذه القناعة كانت
راسخة في عقول رجال الحكم الاوائل الذين اتخذوا هذا القرار حفاظا على كيان الاسرة
من تعرضها إلى التنافس التجاري والصدام مع ابناء الشعب وحماية لكرامتهم من ان ينال
منها العمل التجاري بمتاهاته الملتوية، مما يقلل هذا الصراع من هيبة الحكم ويجعل من
ابناء الاسرة عرضة للنقد والقدح والذم وتطاول الآخرين عليهم، اكثر من الحظر الموجود
في الدستور المانع لهم من الترشيح لعضوية مجلس الامة.
وبما ان الاوضاع تغيرت عما كانت عليه في الماضي، واصبحت ممارسة ابناء الاسرة
الحاكمة للعمل التجاري لا تتطلب موافقة الديوان الاميري، فقد صار الحصول على الرخص
التجارية سهل المنال، واخذت تمنح الرخص إلى اقل الاعمال التجارية والحرف المهنية
البسيطة، وانتشر القول سريعا بين الناس على خلفية الصراع التجاري الذي حدث نتيجة
ممارسة بعض ابناء اسرة الحكم للعمل التجاري إلى درجة ان سعي البعض في الحصول على
رخص لبيع الخضرة والفاكهة والسمك واللحم والدجاج، والتنافس على بسطات يوم الجمعة
وبسطات تنزيل المواد الغذائية في شبرة الخضرة، واصبحت المنافسة تمس المتقاعدين الذي
يحصلون على قوت يومهم من هذه البسطات المحدودة العدد، كما اضحى التطاول علنا بين
افراد من ابناء الاسرة الحاكمة وبين المسؤولين الحكوميين على اماكن تنزيل المواد
الغذائية في شبرة الخضار، وصار التهديد بكسر العظام على صفحات الجرائد للذين يقفون
ضد تجاوزاتهم إذا لم يحصلوا على بسطات لتسيير تجارتهم، وامست الاولوية بالتهديد
للحصول على مبتغاهم وهم مستندون إلى انتمائهم الاسري في انجاز معاملاتهم قبل غيرهم
من المواطنين وان تكون لهم الافضلية في ذلك عند موظفي الدولة، وهذا التنافس بين
ابناء الاسرة الحاكمة وبين ابناء الشعب عن هذه المواضيع، قد خلق التناحر والتنابذ
والاحتدام بينهم، مما ادى إلى الهجوم بالنقد الذي يشنه البعض على ابناء الاسرة
الحاكمة في شأن هذه الاعمال التجارية، وان لم يكن هذا الهجوم في العلن فهو يمارس في
الدواوين والمنتديات المختلفة، ناهيك عن هجوم بعض افراد الاسرة لبعضهم البعض، وقد
شجع هذا الامر بقية الناس المتضررين من المنافسة التجارية في الهجوم عليهم، مما
افقد الهجوم احترام وتقدير المواطنين لمكانة بعض افراد اسرة الحكم عند الناس وفقد
بعضهم وقاره بينهم.
والعمل التجاري في حد ذاته هو حرية مطلقة لكل الناس بممارسته، ولكن الامتيازات التي
يحصل عليها افراد اسرة الحكم تختلف عن بقية ابناء الشعب وذلك لوضعهم الاسري المميز،
فالاولون قالوا لا يمكن ان تكون تجارة وحكم في الوقت نفسه، وعليه كان المنع السابق
عليهم في مكانه ليحفظ مكانة ابناء الاسرة وكرامتهم من الاهانة. واذا ما كان لابد من
قيام بعضهم في العمل التجاري، فالامر يستدعي ان توضع آلية معينة تحفظ لجميع
المواطنين العدالة والمساواة في حقوقهم وواجباتهم من دون امتيازات تخص أبناء
الاسرة. ولا تسري على الآخرين «فالظلم في السوية عدل في الرعية».
الراي
تعليقات