#جريدة_الآن محمد المقاطع: دولة المدينة المدنية دولة الإسلام النموذج
زاوية الكتابكتب د. محمد المقاطع يونيو 18, 2019, 11:02 م 595 مشاهدات 0
الجريدة
فضائل دولة الإسلام في الواقع وعبر التاريخ تكمن في جوهر النظام الإسلامي، ألا وهو توحيد المسلمين، وتعزيز كيانهم كأمة، وتحقيق مقاصد الدين التي تنتفع منها البشرية كافة، باعتبار أن الإسلام جاء لمنفعة الناس جميعاً، ومن أجل كل إنسان، المسلم وغير المسلم، وهو ما شرع بإقامة نموذجه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فأقام أول دولة للأمة الإسلامية دولة المدينة المدنية، التي استظل بأركانها المسلم واليهودي وغير المسلم، وسطر ميثاقها بقيم دولة عادلة تصون الإنسان وترعى الحقوق، وانطلق منها ليحقق الخيرية التي انطوى عليها الإسلام للناس كافة، وهو ما عجل معه نبينا الأعظم بتشييد الدولة على فكر الإنسانية والعالمية اللتين جسدهما القرآن الكريم، وعبرت عنهما صحيفة المدينة باعتبارها أول دستور مكتوب في العالم لدولة مدنية حضارية حديثة، مبتغاها التعايش بين الناس، وجعل من المواطنة لكل أهل المدينة منطلق التكامل والتكافؤ والتعاضد بين مكونات مجتمع المدينة على تباين سكانها دينياً وأصولاً وأعراقاً وانتماءً، فكان السكان الأصليون والمهاجرون واليهود بفئاتهم، والكفار من قبائل هوازن، خليطاً لمكونات المدينة، لتعكس أبهى صور مقاصد الدين وإنسانية الإسلام.
وفي هذا النموذج الواقعي والبناء الفكري والتركيب السياسي للمواطنة والتعايش الاجتماعي والعالمية بمسلمات إنسانية فقط، ندرك فضائل دولة الإسلام الأولى، وما تبعها من انتشار لها على يد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس لكونه نبياً، وإنما لأنه حاكم قائم بالولاية الدنيوية السياسية والإدارية والاقتصادية على هذه الأسس للدول الحديثة اليوم، وتفوقها بفكرة السعة والاستيعاب الذي يمد من أطرافها كونها دولة أممية متنامية لا ينال من طبيعتها كونها إقليمية بكيانها الجغرافي.
ولا شك في أن فضائلها تتابعت عبر مراحل تاريخنا الإسلامي الحافل برقي وفضائل دولة الإسلام، التي كلما تطورت كسبت كساءً إضافياً لا تجده في أية دولة ولا حضارة أخرى بفضل أممية نظام دولة الإسلام، وهو سر تفوقها واستمرارها رغم ما طرأ من متغيرات عبر الزمن وانتقالها الجغرافي، مما أضفى عليها تميزاً حقيقياً يظهر ركائز راسخة ببنائها أكسب الأمة الإسلامية والعربية مكانة متميزة.
تلك بعجالة فضائل دولة الإسلام الأولى.
إن نموذج دولة الخلافة في منال العديد من الدول الإسلامية والعربية إنما حينما تبنى على رضائية ومشاركة حقيقية بالسلطة وتوازنها، وأن تقام صروح سلطاتها على مبادئ العدالة والمساواة والإنصاف، وفتح آفاق الحريات بصورة واقعية يلمس أثرها القريب والبعيد، لا أن تكون نصوصا ووثائق لا تقدم ولا تؤخر، تلك الأسس تعيد للأمة اعتبارها وتمنح البشرية جمعاء أن تنعم بوارف دولة عصرية مدنية إسلامية على هدى دولة النبوة الأولى، لتبدد حالة الفرقة والنزاع بين دولنا، وهي التي كانت سبباً لسقوط دولة الخلافة بالأندلس فيما عرف بتاريخها بـ "أمراء الطوائف".
وسنستعرض بهذه الورقة مقومات دولة المدينة المدنية، وسنبحث لاحقاً تفاصيلها بصورة كاملة، كي تتضح معالم هذه المقومات بهذه المقالة، تاركاً التفصيل للدراسة المتكاملة، وتتمثل مقومات دولة الإسلام الأولى "دولة المدينة المدنية بما يلي:
أولاً: دولة تستظل بكيانها البشرية جميعاً "إنسانية بطبيعتها".
ثانياً: تستند لوثيقة أساسية مكتوبة "دستور" تستمد من القرآن والسنة ركائزها التي أرساها الرسول، وتكملها الممارسات الراشدة لدولة الإسلام.
ثالثاً: تبنيها مبدأ الفصل بين السلطات.
رابعاً: ارتكازها على مبادئ المشاركة الشعبية وفقاً لقاعدتي الشورى في القرار وتداول السلطة فيها.
خامساً: كفالة الحقوق والحريات للشعب سواء العامة أو الحقوق الفردية.
سادساً: الأخذ بفكرة المواطنة السياسية (أو الدستورية)، والتكافؤ بين الناس في حقوقهم والتزاماتهم.
سابعاً: التعقيب والمراقبة اللذان لا يستثنيان أحداً مسؤولاً أو فرداً.
تعليقات