#جريدة_الآن د. غازي العتيبي: يا وقت من يشتريك؟!
زاوية الكتابكتب د. غازي العتيبي يونيو 12, 2019, 11:01 م 813 مشاهدات 0
في زحمة المسؤوليات وغمار الواجبات أصبح الإنسان رده الطبيعي والمعتاد «ما عندي وقت» ولو أبصر فيما يفعله لوجد أن الأولويات تبدلت وأصبح غير المهم سائدا، فمن الطبيعي أن نشعر بضيق الوقت وانه لا يتسع لنعمل كل شيء.
من كثر ما اعتدنا على كلمة ما فيه وقت أصبح وقتنا تراه بين غير المفيد وغير المهم نشغله بالتفاهات وأحيانا بعدم عمل شيء، وهذا ما يغذي بداخلنا شعور الملاحقة أن كل شيء فوق رأسنا ولن نستطيع. وقد تجد الفراغ الذي نعيشه وعدم شغله بالمفيد يجعلنا دوما غير قادرين على أن نجد حلا بديلا، وأن نجد متسعاً لنفعل فيه ما نريد.
دعني أخبرك ان توجهاتك ان كانت بالماضي فستنفق الكثير من الوقت والجهد دون أدنى استفادة وان كانت توجهاتك بالحاضر سلبية فستجد نفسك دوما أمام تناقضات نفسية وشعور بعدم الفائدة مهما فعلت، وان كانت تسابق المستقبل ستكون فعالا في إيجاد ما تريد لكن سيخلف ذلك الكثير من القلق وعدم الاستمتاع بما تفعل أو الشعور بقيمة ما تنجز.
لتستثمر وقتك صح عليك ان تتوقف عن السيطرة على الأمور الخارجة عن سيطرتك وتحاول التركيز على ما يمكنك السيطرة عليه فذلك يعود عليك بالوقت والجهد والأفكار السليمة.
التغيير حتى لو كان بسيطا سيجعل من وقتك ثمينا لأنك ستبدأ بإزالة كل السلبيات والتركيز على الإيجابيات وهذا يجعل وقتك يثمر من جديد بالمفيد، فحين نجعل اهتمامنا يذهب نحو أي جانب يمثل لنا دعما ستصبح أوقاتنا عبارة عن جدول مهام ونعرف كل وقت ماذا نفعل فيه وذلك يجعلنا أصحاب قرار وخيار.
نسمع كثيراً عن قيمة الوقت وأنه كالسيف سيقطعك إذا لم تقطعه لكن لم نفكر ولو لدقيقة ما لابد ان نفعله، ماذا نريد؟ فالركض خلف مبدأ السرعة لمجرد ان لا يفوت علينا شيء يجعلنا أناساً قلقين لا نعرف ماذا نريد، نستسلم لأبسط تأثير ونتراجع لمجرد أننا خائفون لا نعرف كيف نفرق بين الوقت المناسب والوقت المجازف. وهذا للأسف ينبع من سوء تقدير الأولويات، أيضا تبني معتقدات عن ذاتك تجعلك تغذي فكرة انك لا تجدي نفعا وهذا هو أسوأ مدمرات الوقت حين نستهلكه بمشاعر تزيدنا تراجعا وتستهلك إمكانياتنا في إدمان العمل أو بعض الملهيات أو حتى العزلة، فحين نبتعد عن أنفسنا ونظل في ظلام دامس، نغرق في نشوب حرب بين الظلمة والنور، أكون أو لا أكون، الوقت لم يعد كافيا، ما فات ليس بقدر ما سيأتي، والكثير من العبارات التي تدور حول الوقت دون ان تدرك ان مفاتيحه بيدنا ونحن من ندير عقاربه لماضيه أو حاضره أو مستقبله.
وعادة تنتهي هذه الحرب إلى التكاسل والتقصير في واجباتنا وتتفاقم تلك المشاعر حتى تبني حاجزا صلبا من انتقاد الذات وعدم الاستقرار.
ش كان هناك عجوز من قبيلة هندية يسير مع حفيده، أخبر العجوز الفتى: هناك عراك بداخلي منذ ان كنت في سنك والعراك بين ذئبين أحدهما: كان شريرا يمثل الغضب والحقد والندم والجشع في حين ان الآخر كان طيبا يمثل السلام والأمل، وهذا العراك سيدور بداخلك وبداخل كل إنسان في هذا الوجود، ثم سأل الحفيد جده: وأيهما سيفوز؟ قال: الذئب الذي ترعاه وتطعمه.
تعليقات