#جريدة_الآن أحمد بومرعي: الضريبة على تحويلات المقيمين ضريبة سياسية لا علاقة لها بالاقتصاد
زاوية الكتابكتب أحمد بومرعي مايو 28, 2019, 10:54 م 507 مشاهدات 0
الأنباء
يتم الحديث دائما عن فرض ضريبة على تحويلات المقيمين في الخارج، وهو أمر قد يصبح واقعا إذا استمرت الدعوات البرلمانية لتشريع قانون خاص بهذه الضريبة.
في العادة تفرض الحكومات ضرائب دخل لتحصيل أرباح على حجم إنتاج معين يقوم به الأفراد في المجتمع، حيث يشاركون في توزيع الثروة، كل حسب دخله السنوي، فكلما ارتفع الدخل دفع الفرد ضرائب أكثر، وهو مؤشر جيد للناس والاقتصاد، فهذا يعني أن دخول الناس ترتفع وأن الاقتصاد جيد والعكس صحيح.
لذا يلاحظ أن الأميركيين على سبيل المثال يدفعون الضرائب كلما ارتفعت مداخيلهم، وبعضهم يبالغ في الاستهلاك والمصاريف ليخفض الضرائب، لكن هذا مؤشر جيد، لأن المال يعود الى الاقتصاد بطريقة أو بأخرى، وهذا هو المطلوب.
لكن الضريبة التي تبحث في أروقة السياسة لفرضها على المقيمين هي ضريبة سياسية لا علاقة لها بالاقتصاد ولن يستفيد منها الاقتصاد كما يصور، بل بالعكس ستكون نتائجها عكسية.
فالمشكلة الرئيسية لتحويلات المقيمين أنها تذهب للخارج لأن لا مجال لاستثمارها في الداخل، فهناك منع للاستثمار الفردي للمقيم، بحيث يحتاج الى مشاركة الكويتي في كل استثمار وبنسبة حاكمة فوق 51% للكويتي، وهناك منع لكفالة المقيم لنفسه، بل يحتاج الى كويتي لكفالته للعمل في السوق الكويتية، وهناك منع لاستثمار الأموال في العقار.
والأمر الوحيد المسموح فيه باستثمار بحرية هو البورصة الكويتية، وليس كل الناس يفهمون في الأسهم ومهتمين بها، لذا لا مجال لأصحاب الرواتب من الموظفين في الشركات والمؤسسات الحكومية إلا إرسال أموالهم للخارج لاستثمارها بحرية وبلا موانع وقيود.
وفرض الضرائب على تحويلات الوافدين في ظل هذه الموانع، هو بمنزلة فرض عقوبات من الدولة على شريحة منتجة في الاقتصاد الحكومي واقتصاد القطاع الخاص، وذنبها الوحيد أنها ممنوعة من الاستثمار في أغلب مفاصل الاقتصاد!
كما أن فرض الضرائب على التحويلات يتعارض مع مبدأ حرية الأسواق وحرية نقل الأموال واستثمارها بحرية.
وكل إنسان يرغب في تحويل أي دولار لديه الى دولارين وأكثر، وهذا حق له.
ووضع قيود على حرية الناس في نقل أموالهم، في وقت لا يفتح مجال لها لتطوير ثروتها الخاصة، هو ظلم واستقواء القوي على الضعيف، وليس «فهلوة» اقتصادية.
ومن الخطأ أن تحصل الكويت على سمعة دولية أنها دولة ظالمة للمقيمين، لأن ذلك سيؤثر على عمل الكويتيين في الخارج، خصوصا أن الدولة لديها صندوق سيادي من 600 مليار دولار.
وفي حال تم فرض الضريبة على تحويلات الوافدين، سيشهد المطار كثيرا من الحقائب التي ستنقل الأموال الى الخارج لتلافي دفع ضرائب عليها.
وسيخلق ذلك سوقا سوداء، حيث سيقوم الكويتيون، أصدقاء المقيمين وأرباب أعمالهم، في تحويل الأموال بأسمائهم، وهو أمر سيربك نظام الصرافة عموما.
وهناك من سيجعلها مهنته يتكسب منها مبلغا على التحويل أقل من ضريبة الحكومة، وهذا سيفتح باباً لوجود أسماء متشابهة في عمليات تحويل مختلفة الوجهة، وباباً لاستفسارات عن عمليات غسيل أموال.
وبطبيعة الحال الاقتصاد سيضعف من هذا التشوه في آليات العمل في السوق التي تفصل في تحويل الأموال بين مواطن ومقيم شرعي في الدولة.
والخوف من فرض ضرائب سيدفع الناس غير المطلعين على الأمور السياسية والاقتصادية الى سحب أموالهم من البنوك ومن الاقتصاد عموما.
تعليقات