#جريدة_الآن زايد الزيد: عُمان.. وسياسة الحصافة والحكمة والتأني
زاوية الكتابكتب زايد الزيد مايو 27, 2019, 11:35 م 995 مشاهدات 0
النهار
تقع سلطنة عمان في موقع جغرافي حساس تشارك وتطل به على العديد من القوى الأساسية في المنطقة اضافة الى اطلالات بحرية واسعة على المحيط الهندي والخليج العربي ومضيق هرمز.
هذا الموقع الحساس بالنسبة للدول اما أنه يتحول الى نعمة تطور من خلالها علاقاتها التجارية والاقتصادية والسياسية بمحيطها أو يكون نقمة تصبح معه هذه الدولة شريرة ومعادية للجميع.
في الحالة العمانية استطاعت الدولة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد أن تحول هذا التداخل الجغرافي مع القوى الاقليمية الكبرى في المنطقة الى مصدر قوة لها وذلك عبر اتباع سياسة «الوساطة الاقليمية» التي يقدم عليها السلطان دوماً - والتي أثبتت فائدتها لعمان وللمنطقة - والوقوف موقف الحياد التام في كثير من المواضع والقضايا، مع نصرة للحق اذا ظهر الحق بشكل واضح وجلي كما هو الحال مع الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990.
هذه السياسة لم تؤد الى تقدير دول المنطقة للدور العماني والنظر اليها كوسيط محايد بعيداً عن الاصطفافات الكبرى في المنطقة بين القوى الاقليمية والصراع الملتهب على كثير من الجبهات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط فحسب، بل أدت الى فوائد سياسية أكبر وهي تحول عمان لقوة كبرى ذات نفوذ بسبب دبلوماسيتها بدون أن تطلق طلقة سلاح واحدة!
ولعل الدور العماني الحثيث الذي يقوم به اليوم وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي لانهاء التوتر الحاصل في المنطقة بين ايران والولايات المتحدة الأميركية وتجنيب المنطقة ويلات حرب اتفق الجميع بمن فيهم الأميركان والعرب والايرانيون على أنها ستكون مدمرة ومضرة، هو أكبر دلالة على أهمية وجود الدور العماني الدبلوماسي في المنطقة وأهمية الركون لصوت العقل المتمثل بقواعد الدبلوماسية العمانية.
هذا الدور العماني الدبلوماسي بما يخص التوترات الأميركية الايرانية لم يكن الأول من نوعه، اذ سبقه رعاية عمان لمحادثات الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة (5+1) ورعاية مفاوضات مشتركة لانهاء حالة الحرب في اليمن اضافة الى جهود كبيرة في عدد من الملفات الدبلوماسية العالقة في المنطقة.
ان سياسة عمان الخارجية اليوم المتمثلة بتقريب وجهات النظر بين القوى الاقليمية المتصارعة في المنطقة هي السياسة التي تجب أن تسود في المنطقة، وان الصوت العماني الداعي للحكمة والتأني في اتخاذ القرارات ينبغي أن يكون هو الصوت العالي، لا صوت المطالبة بقرع طبول الحرب، أو اشعال جبهات المنطقة وتكسير عظام بعضنا البعض دون فائدة تُذكر الا حصول القوى العظمى على صفقات تسليح ضخمة.
تعليقات