#جريدة_الآن د. ناصر العمار: أين الجهات الرقابية لمكافحة هذه النماذج الدخيلة المخادعة؟
زاوية الكتابكتب د. ناصر العمار مايو 21, 2019, 10:57 م 771 مشاهدات 0
الأنباء
يقول: كنت يوما عائدا الى منزلي في الثانية ظهرا وعند تقاطع أحد الشوارع الرئيسية المؤدية الى منزلنا إذ بطفل يقترب من نهاية العقد الأول من عمره يقف على ناصية أحد الأرصفة متمترسا خلف كومة من فاكهة «الرقي ـ بطيخ احمر» يعرض بضاعته بحرفية متناهية وبأسلوب ترغيب يجذب كل زبون متعطش «متنرفز» مخنوق من زحام شوارعنا للوقوف والشراء منه، خاصة أن عاطفتنا تميل بالفطرة لمساعدته وتشجيعه على كسب قوت يومه من عرق جبينه وهو يتلظى بلهيب شمس الكويت مقابل حفنة دنانير قد يحصل عليها اليوم وتصعب عليه بالغد.
يكمل: أثارني منظر هذا الشاب وهو يسترزق الله بكفاح يجبرك على احترامه، وقفت على الفور ودار بيني وبينه هذا الحوار: بكم تبيع الرقي؟ دينارين للواحدة، كم متبقي منه؟ خمسة فقط.
في هذه اللحظة تركني الصبي وذهب لقائد سيارة أخرى في محاولة لتسويق بضاعته.
يكمل صاحبنا: لقد هداني تفكيري لأعمل خيرا بهذا الطفل البائع المسكين بشراء جميع الكمية المتبقية من الرقي لديه حتى أخلصه من معاناته ومن لهيب الحر ليعود لأسرته ويرتاح من شقاء المهنة المتعبة وإنقاذه قبل أن «تكبس» عليه البلدية المعهودة بنشاطها.
أستدعيت هذا الصبي وقمت بإخراج مبلغ من المال وأكملت حديثي معه: يعني تقصد أن قيمة الكمية المتبقية من الرقي عشرة دنانير؟ قال: نعم، قلت: تفضل هذه عشرون دينارا، عشرة دنانير قيمة كل الرقي المتبقي، وعشرة دنانير أخرى زيادة لك بشرط أن ترجع لأسرتك فورا فلا مبرر لبقائك تحت هذه الشمس الحارقة.
تسلم الصبي النقود ولم يبد أي ردة فعل أو تلفظ بكلمة شكر وثناء لم أكن منتظرها منه، لكن ما جعلني مصدوما ما قام بفعله معي بعد الانتهاء من وضع الرقي في صندوق السيارة، فقد تحول هذا البائع الى «طرار» من الطراز الأول متقنا هذه المهنة مستخدما مهاراته المتميزة في استدرار عطف زبائنه لتقديم المزيد له من المال لأنه ـ حسب ادعائه ـ الفقير المعدوم الذي يساعد اخوته الذين لا يستطيعون أن يجدوا قوت يومهم، نظرت اليه وأنا متعجبا من هذا الأسلوب المخادع والرخيص الذي يستخدمه معي.
تركته وأكملت طريقي وقبل الوصول الى منزلنا عدت مرة أخرى لبائع الرقي كي أطمئن بمغادرته وبعودته لأسرته وإذ به متمترسا امام كومة رقي أخرى منتظرا أمثالي لعلهم يكونون أفضل مني في استجابتهم لأسلوبه في الطرارة! ليفرض علي تساؤلات عدة منها:
1 ـ ألا يسيء أمثال بائع الرقي هذا إلى سمعة بلدنا الكويت كمركز عالمي للعمل الإنساني وقائدنا أمير الإنسانية، حفظه الله ورعاه، وأن الكويت الدولة الوحيدة في العالم التي اختطت لنفسها خريطة جغرافية عالمية للعمل الخيري ليأتي أمثال هذا «الطرار» ليسيئوا لنا؟
2 ـ أين دور الجهات الرقابية لمكافحة هذه النماذج الدخيلة المخادعة؟
3 ـ كيف نصنف أنفسنا أمام تحايل أمثال بائع الرقي وتعاملهم معنا، طيبون، سذج، أم أغبياء؟
لا أملك في هذا المقام ألا الدعاء «ربنا ارزقنا على قدر نوايانا».
تعليقات