#جريدة_الآن هند الشومر. يجب إدخال تطعيم ضد الفساد في الجسم الطبي لحماية المجتمع

الأنباء

منذ أن أقبلنا على دراسة الطب ثم ممارسته فإن الثوب الأبيض للأطباء كان يعني لنا النقاء والملائكية والتجرد والتفاني في أداء الرسالة الإنسانية العريقة، وكان ينظر المجتمع إلى الطبيب على أنه ملاك خلقا وسلوكا. ولكن مع العديد من التطورات في المجتمعات ظهرت ممارسات داخل الجسم الطبي في جميع الدول أشبه ما تكون كالبقع السوداء على الرداء الأبيض ويجب أن ننتبه لها ونكشفها بشفافية كاملة من أجل المحافظة على نقاء وقدسية مهنة الطب في الحاضر وفي المستقبل. وليست القصص عن الفساد ببعيدة عن بعض الممارسات الطبية وليس الطب بمنأى عن تضارب المصالح وعقد الصفقات.

ولا أتحدث عن أمر محدد ولكن أتحدث عن أهمية إدخال تطعيم ضد الفساد في الجسم الطبي لحماية المجتمع والمرضى والمهنة الملائكية، وهناك الكثير من الشعارات البراقة والمؤتمرات التي تتحدث عن الشفافية والرقابة في القطاعات الصحية ولكن على أرض الواقع قد يكون بيننا زملاء يتركون خفاراتهم في المستشفيات للعمل في عياداتهم الخاصة بعد الظهر، وقد يتلقى البعض هدايا مجزية من شركات للمشاركة في مؤتمرات طبية خارج البلاد بالتزامن مع عضويتهم في لجنة ترسية مناقصات وقد يصر أحدهم على تمرير أحد الأدوية أو الأجهزة الطبية دون دراسة كافية عن مدى جدواها وقد يجامل البعض في تقارير طبية وإجازات مرضية دون وجه حق.

وقد يجامل البعض في تقييم غير عادل وغير منصف لمن يعملون معه فيعطي تقدير امتياز لمن لا يستحق ويعطي «جيد» لمن يستحق الامتياز، وبذلك ينتشر الإحباط وتهتز الثقة في الخدمات الصحية مهما كان الإنفاق عليها سخيا.

فهل ننتبه إلى مثل تلك الممارسات الغريبة على الجسم الطبي ونعمل على استئصالها جراحيا بأسرع وقت ممكن قبل أن تتغلغل في النظام الصحي ويصعب بعد ذلك مواجهتها ووقفها وعندئذ لن نجد ثوبا أبيض ناصعا يليق بنا كأطباء؟ وقد يؤدي ذلك إلى تراجع المكانة الاجتماعية والإنسانية للأطباء وتحول الطب إلى ممارسات تجارية تخضع للربح وللخسارة وتخسر معها قيمتها الإنسانية.

ولابد أن نحافظ على الثوب الأبيض ليظل ناصع البياض دون أي بقع سوداء حتى لا نندم بعد ذلك إذا لم نتخذ الإجراءات المناسبة لبقائه في صورته النقية.