#جريدة_الآن د. غانم النجار: في السودان... صوت المرأة ثورة

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 669 مشاهدات 0


الجريدة

أين تكمن القوة لدى الحاكم الدكتاتور؟ ولماذا يطير كما الريشة أعتاهم قوة وهيمنة عن كرسيه، والذي كان يظن أنه قد التصق به "لزقة عنزروت".

ما حدث في السودان يأتي في سياق، ويعطي دليلاً فصيحاً على أن هذه القوة الطاغية من حيث الشكل، ليست كما تبدو عندما تواجه تحدياً جماهيرياً حقيقياً.

بالطبع ما حدث في السودان قد يختلف في تفاصيله عن غيره من الدول العربية، ولكن السياق متشابه.

التحدي هنا، لأول مرة، كان لنظام حكم إسلامي معلن رسمياً، مرتبط بحزب إسلامي، وبغض النظر عن تفاصيل الخلافات الداخلية، ظل الحكم محافظاً على هويته الإسلامية.

عندما التقيت، دون تخطيط مسبق، بالدكتور حسن الترابي، رحمه الله، بالخرطوم في بداية التسعينيات، وكنت قد كتبت عن ذلك بشكل أكثر تفصيلاً حين وفاته، كان واضحاً أن هناك "شكلاً"، وهو الحكومة بقيادة البشير، و"موضوعاً" وهو الترابي والسنوسي وغيرهما. كان واضحاً أن صداماً سيحدث وهكذا كان، إلى أن انتهى إلى سجن الترابي.

الثورة السودانية الحالية ستحتاج إلى الكثير للخروج إلى بر الأمان، وتحقيق الاستقرار والتقدم والحرية للشعب السوداني الذي تعب من التعب لزمن طويل.

هناك فرق بين الثورات العربية وما يحدث بالسودان. ففي السودان إذا حسبنا بن عوف، فإننا أمام دولة تكررت فيها الرئاسة الانتقالية خمس مرات، كما تكرر فيها التحول من حكم عسكري إلى مدني، وبالتالي هناك تراث في التعامل مع التحولات، يفسدها دائماً دخول العسكر، وبعض الأحزاب. هذه المرة وخلافاً لغيرها من الثورات العربية، هناك قيادة للحراك، وهذه القيادة لها باع طويل في العمل المدني، وهي اليوم تفاوض العسكر، ولم تكن الثورة بلا ملكية، وبلا صاحب وبلا قيادة، وطالما تمكنت تلك القيادة من التماسك ووضوح الهدف فهي في وضع أحسن نسبياً.

التحدي الإقليمي، الذي سيواجه من يدير دفة الحكم لاحقاً أكثر تعقيداً، فالاتحاد الإفريقي كان واضحاً في موقفه بتسليم السلطة لمدنيين. وهناك مشكلة أخرى وهي المشاركة العسكرية في اليمن، وهي بقدر ما هي محرجة فهي مكلفة. الوضع الدولي أغلبه يطالب بالانتقال لحكم مدني، وهو إن حدث، فسيحدث على مضض. هناك حلفاء متناقضون من السعودية إلى الإمارات إلى مصر إلى تركيا إلى قطر، كيف سيتمكن السودان من التعامل مع تلك المتناقضات المشتعلة.

لسبب أو لآخر تصدرت الشابة الطالبة آلاء صلاح، البعد الرمزي للثورة، فرفعت شعاراً فيه من المناكفة بقدر ما فيه من الانسيابية ألا وهو "صوت المرأة ثورة"، وربما هي كذلك، ولعلها كذلك.

"الكتاحة" باللهجة السودانية هي الجو العاصف المترب المتقلب، أما "الهمبريب" فهو الجو اللطيف المعتدل، فنأمل أن يكون السودان طريقه همبريب، فالشعب السوداني قد تعب من كتاحة تلو الكتاحة تلو الكتاحة.

تعليقات

اكتب تعليقك