#جريدة_الآن أسعد الفهد يكتب : أثر الربيع على الربيع

زاوية الكتاب

كتب الآن - القبس 672 مشاهدات 0


القبس

عصفت بالمنطقة الكثير من الأحداث والتحديات والتهديدات منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي 1981، حيث سقط حكم الشاه وانطلقت الثورة الإيرانية في ذلك الوقت، مفتتحة عهداً جديداً من صراعات المنطقة.

وفي ظل استمرار الحرب العراقية – الإيرانية شق مجلس التعاون الخليجي طريقه بثبات متحدياً ظروف المنطقة لتحقيق آمال وطموحات شعوب دول المجلس، حيث سار بشكل متوازن محافظاً بذلك على ترابط واستقرار أهم مناطق العالم في مخزون وإنتاج النفط وسط مخاطر حروب وصراعات لا تنتهي.

وعلى الجانب الآخر، شهدت أغلبية الدول العربية هدوءاً نسبياً بعد انتهاء الحروب العربية مع الكيان الصهيوني وما نتجت عنه من آثار، وصولاً إلى ثورات الربيع العربي التي لست بصدد تقييمها الآن بقدر تقدير آثارها وبيان انعكاساتها وما أحدثته من مناطق فراغ هرول لها من يسعى لإيجاد مراكز نفوذ ومواقع تأثير في محاولة أو مغامرة للعب دور إقليمي ربما فاق القدرات الذاتية.

وهنا تجلّى أثر الربيع العربي على دول مجلس التعاون من خلال اختلاف مواقف بعضها تجاه الثورات، ما بين مؤيد ومعارض، وكل فريق له حججه ورؤاه ومصالحه.

فما إن انشغلت دول الربيع العربي بأزماتها الداخلية وحروبها الأهلية وصراعاتها على تشكيل هيئات الحكم ومستقبل الدولة، حتى وجدت نفسها أمام تدخلات خارجية تسعى لتغليب طرف أو تيار أو نظام – باختلاف الأيديولوجية – على آخر، ولعل هذا هو الانعكاس الحقيقي لثورات الربيع العربي على ربيع دول مجلس التعاون.

وفي نظرة فاحصة لأسباب خلاف البيت الخليجي يتبين لنا أن وراءه اختلاف الموقف السياسي من ثورات الربيع العربي، حيث بلغ الخلاف حداً شَكّل سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ مسيرة مجلس التعاون وفي وقت أحوج ما تكون فيه دول المجلس للترابط والنهوض بأجيال المستقبل وحماية دوله من الأطماع الخارجية.

ومما يثير الألم وصول الخصومة لأعلى درجاتها ومستوياتها، حيث بلغ خطاب الكراهية من خلال الإعلام – غير المسؤول – الذي أجَّج الصراع، أي أننا زرعنا الخلاف منذ الصغر بين أجيال المستقبل وكأننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة.

إلا أن هناك صوتاً للحكمة يسعى – وبدعم إقليمي ودولي – للإصلاح ورأب الصدع الخليجي، وهو صوت أمير الإنسانية والدبلوماسية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، الذي بحنكته السياسية يبعث فينا الأمل ويدفعنا إلى التفاؤل، كيف لا، وهو الذي حذّر مراراً وتكراراً من أن: «تصدع وانهيار مجلس التعاون هو تصدع وانهيار لآخر معاقل العمل العربي المشترك».

فلتحتكم الأطراف جميعا إلى صوت العقل لأنه أحوج ما تحتاجه المنطقة في المستقبل المضطرب، وليكن هدف الجميع الترابط والهدوء والنأي بالنفس وصبّ جل الاهتمام على مصالح الشعوب وتحقيق طموحاتها واستثمار طاقاتها.

وإن كانت ثمة حاجة إلى القوة والنفوذ وتحقيق المصالح، فليسلك من يسعى لها طريق «القوة الناعمة».

تعليقات

اكتب تعليقك