#جريدة_الآن عصام الفليج يكتب: احرصوا على صحة أبنائكم النفسية
زاوية الكتابكتب عصام الفليج مارس 25, 2019, 11:01 م 701 مشاهدات 0
الأنباء:
أخذت أبنائي الصغار إلى مدينة ألعاب، وخلال متابعتي لهم وهم يلعبون، ذهب طفل عمره 8 سنوات إلى أخته (6 سنوات) التي تناديه لتلعب معه، فنزل من لعبته وصفعها على وجهها البريء فبكت بكاء مُرّا، فذهبت له مباشرة ومسكته من ذراعه حتى لا يستمر بضربها، وقلت له: لم صفعتها؟ فقال: إنها أختي! فقلت له: المفروض إنك ما تضرب أختك.
فأخذته الخادمة وهي تبتسم وكأنها تقول: لم التعجب، فهذا ديدنه اليومي. وركبوا السيارة مغادرين المكان.
استذكرت هذه الحادثة التي جرت قبل 20 عاما، عند انتشار فيديو لطفل يضرب طفلا آخر في المدرسة، مما أغضب الناس جميعا، وطالبوا وزير التربية بالتحرك لحماية أبنائهم من بعضهم البعض!
وباعتقادي أن هذا التصرف ليس بجديد، بل منتشر في العالم كله، من رياض الأطفال حتى الجامعة، وفي البيوت والأندية، مع اختلاف الأسلوب والمكان. كما أنه أسلوب قديم متجدد، فهذه سنة الحياة الناتجة عن التربية والبيئة وما يتعرض له الطفل يوميا من أحداث مختلفة.
ولا أريد هنا التقليل من شأن الحدث ولا تضخيمه، ولا أريد الاكتفاء بفصل طالب أو نقله ومحاسبة الإدارة المدرسية، بقدر ما أدعو لأن يؤخذ الأمر بجدية أكثر من قبل المسؤولين.
ولا ينبغي تحميل وزارة التربية كل المسؤولية، بل هي مسؤولية مجتمعية متكاملة، تشترك فيها وزارات الإعلام والتربية والصحة والشؤون والأوقاف، بالاستعانة بالأكاديميين والاستشاريين والاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين والتربويين، فالمسألة أكبر من طفل ضرب طفلا، المسألة هي «الصحة النفسية» للمجتمع بشكل عام، وللأطفال بشكل خاص، فكلما تعرض الطفل لضغوطات نفسية مبكرة، كان أكثر عرضة للانحراف السلوكي، وفقد القيم، والأمراض النفسية البسيطة والعميقة، كالتنمر والقلق والتوتر والوسواس القهري والوهم وانفصام الشخصية والانسحاب والهوس الفكري وشعور العظمة.. وغيرها من الأعراض والأمراض التي أترك تفاصيلها لأهل الاختصاص، والتي قد يسلم منها البعض، وتنتاب البعض.
تربية النشء مسؤولية عظمى، إن نجحت فعلى المجتمع الأمن والاستقرار، وإن فشلت فعلى المجتمع السلام، وعلينا أن نحافظ على صحة أبنائنا النفسية حتى لا يتعرضوا لنتائج سلبية، وأن نعالج أي ملاحظة بأسرع وقت، مع ضرورة نشر ثقافة الحرص على «الصحة النفسية»، والابتعاد عن المؤثرات السلبية لها، كالوقاية من الأمراض بشكل عام، واعتبار مراجعة الطبيب النفسي مثل مراجعة طبيب المستوصف أو عيادة الأسنان، فكم من حالة تم علاجها بوقت مبكر قبل استفحالها.
ولتكن المبادرة من الوالدين بالنسبة للأبناء الصغار، والمبادرة بأنفسنا بمراجعة الطبيب النفسي عند أي شعور بأعراض غير سوية، وألا نخجل من ذلك، وأن تأت متأخرا خيرا من ألا تأت.
خففوا كم التوتر والضغط النفسي الذي نعيشه يوميا، فالدنيا قصيرة، واستمتعوا بحياتكم، وابتعدوا عن أماكن الصخب والفوضى، واقتربوا من أماكن الهدوء والعبادة، ومارسوا الرياضة والألعاب الذهنية، وأبعدوا أطفالكم عن الألعاب الإلكترونية، وأشغلوهم بالألعاب الحركية، وارتبطوا بأصدقاء النجاح والأمل، وابتعدوا عن أصدقاء النكد والفشل، واستعينوا بالله على ذلك كله.
لذا.. فإن الأمم المتحدة تهتم بالصحة النفسية بشكل كبير جدا، وتدعو لأن يكون ذلك منهج كل بلدان العالم، مع مراعاة الفروقات الدولية والفردية، والاجتماعية والاقتصادية، فهل من مبادر؟!
تعليقات