#جريدة_الآن يوسف عبدالرحمن يكتب: مَن لهموم الناس وقضاياهم؟

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبد الرحمن 678 مشاهدات 0


الأنباء:

الهموم والبلايا والأرزاء تطحن الناس وهم يمارسون حياتهم!

مشكلات الناس وهمومهم وقضاياهم.. من يهتم؟ ومن يبادر؟

ولماذا يذهب الناس إلى المساجد والكنائس والأحبار والأتقياء الصالحين؟

من بيده أن ينقذ الناس الغارقة بالهموم والمواجع وإلحاق الرحمة بهم؟

«والله الناس في كل مكان نتيجة الحياة المادية وتراكم الهموم والقلق تكاد تنفجر!».

كانت هذه (الهموم) عبر التاريخ قضية الأنبياء والرسل والدعاة!

هذه قضية خطيرة جدا لأنها مرتبطة بالناس مباشرة، واستدعاؤها من قبلي اليوم يهدف إلى تحريك المياه الراكدة، فكثيرة هي (الاعتذارات) تحت شتى أنواع الذرائع والمعاذير! والسؤال: لماذا نغلق ونضيق واسعا؟

اليوم الناس على امتداد الوطن العربي بحاجة إلى من يسمعها!

هذا (خلق إسلامي رفيع) أن تستمع وتعمل على حل مشكلات الناس لأن هذا (قمة التحضر)، وأوروبا تفتح قطاعات من المجتمع المدني و(كول ساخن) كي يتكلم الناس!

المجتمع العصري القائم على العدل (توجد) به آليات استماع لهؤلاء (المهمومين) قبل أن يتجمعوا في جماعات ويخرجوا ليعبروا عما في داخلهم من هموم ومشكلات.. انظروا الى السودان والجزائر ومن قبل هذا سورية وليبيا والروهينغا والاريتريين وغيرهم من المحتشدين نتيجة همومهم!

الاستبداد والقهر يولّدان الكراهية ويغيران التحييد والجمود إلى أعلى مستويات المشاركة والتي تصل إلى التضارب والتقاتل والمواجهة وعدم إطاعة الحاكم وإلا ما الذي جعل جيلا رُبي في عهد أبوتفليقة ينقلب عليه؟

في التاريخ الإسلامي بقيت المجتمعات هامدة ساكنة تتحرك ذاتيا نحو معالجة الأزمات ودفع المخاطر بكل أصنافها بغية تحقيق ما يزيل هموم الناس لأن (الدين الإسلامي) أدى إلى وعي مجتمعي طال كل الأقطار الإسلامية في محاولة لإزالة هموم الناس وحل قضاياهم!

ما أحوجنا اليوم لاسترداد المعاني الغائبة ليكون كل (مواطن) خفيرا ومستشعرا المسؤولية الكاملة تجاه نفسه أولا وأمته والإنسانية جمعاء!

إعطاء الدعاة في الوطن العربي مساحة من التحرك كفيل بإزالة الكثير من الاحتقانات، وأولها إزالة هموم الناس لأن (الدعاة والمشايخ) هم المؤهلون لحمل الأمانة التي عجزت السماوات والأرض والجبال عن حملها وأشفقن منها وحملها الإنسان!

إن محاولات (عزل الدين) عن الحياة وإبعاده عن هموم الناس مؤامرة كبيرة لتسليط الإنسان على الإنسان والتمكين لعبودية البشر في زمن الألفية الثالثة، فلا إنسان بلا دين والذي يدين بدين سماوي يرتدع لأن هذا من الفطرة والمشكلة في الإقصاء!

حمل هموم الناس ضرورة قصوى وفق ضوابطها الشرعية، والدين يحثنا على النظر في أمور العباد وحل مشكلاتهم عن فهم ووعي ويقظة، وعزل الناس (مبتغى ظالم) وتدين منقوص ويؤدي إلى الانتقاص من الدين الإسلامي القويم.

مشكلتنا اليوم في عدم فهم النصوص الشرعية وبترها أو البعد عن صحيحها وتفسيرها وفق هوى النفس وتوظيفها من خلال مناخ التخلف، ونظرة لتاريخ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم نجد أنه دائم الانتصار والالتصاق بالفقراء والمساكين والمعوزين وأصحاب الحاجة وهو دائم الحذر من (بطر الحق وغمط الناس)!

ديننا الإسلامي الحنيف ربَّى الضمير المسلم على تنمية الإحساس بالآخرين ومشاركتهم همومهم والتكافل الاجتماعي بكل صوره وعلى كل الأصعدة، وانظروا إلى الزكوات والصدقات والنذور والأوقاف كلها لمساعدة الناس في حل همومهم وقضاياهم ومشكلاتهم!

لا يحق للدعاة أن ينسحبوا من الساحة ويغادروا هموم الناس وحصر أنفسهم في الفتيا فقط.. الناس بحاجة إلى من يسمع لهم!

وهناك ضرورة لتفعيل جمعيات المجتمع المدني والخيرية والدعوية لتوعية الناس وحل مشكلاتهم وتشجيعهم على هذا الأمر بدل سخائم التهم والإشاعات ومحاصرتهم بالتهم لتعطيل أدوارهم!

على الدعاة ومشايخ الدين ورجال العمل الخيري والدعوي والتطوعي (عدم الانسحاب) أمام هؤلاء (المغردين) الذين انخرطوا في الهجوم على الدعاة في محاولة ليتركوا الناس وقضاياهم وهمومهم!

حجج متهافتة هذه التي تحاول النيل من كل شيء جميل ببعبع الإرهاب؟

محاولة محاصرة الإسلام والإسلاميين اليوم وتهميش أدوار جمعياتهم ومنظماتهم على امتداد الوطن العربي متناقضة مع الكتاب والسُنّة في محاولة لترويج الليبرالية وغيرها من الأفكار الهدامة!

٭ ومضة: مشايخنا الكرام والدعاة حولوا الفكر إلى فعل والشعار إلى شعيرة والعمل بجدية من أجل التغيير المنشود والاجتهاد المسموح وليس من وراء المكاتب وفوق المنابر ولديكم فرصة في (الميديا) وكل الوسائل المشروعة لتقديم الحل الأمثل لعلاج مشاكل الناس وهمومهم وإيجاد الإنسان الأنموذج المعتدل الوسطي!

٭ آخر الكلام: ما أقصده في كلامي وبشكل واضح أن نعمل جميعا على الارتقاء بعيدا عن السياسة وغيرها من أمور الحكم والسلطة، وأيضا ألا نكون (وصوليين).. أنا أريد برامج عمل وتوعية وتنويرا لقضايا المجتمع وتعليم الناس (التمكين) بحيث ينفع نفسه وعياله ويطور معاشه وأن يكون الأجر ليس لبشر وإنما لله عز وجل رب الناس جميعا.

ما أحوجنا إلى الممارسات الإيجابية لتفتيق الإبداع في عقول أمتنا على هدي من الله عز وجل وامتثال لأوامره ونواهيه.

٭ زبدة الحچي: النصوص الدينية والأحاديث الشريفة الحاثة على تبني هموم الناس وحل مشكلاتهم كثيرة جدا، لأن الإسلام نظام كامل لإقامة العلاقات الاجتماعية بين الناس.

في تاريخنا ابتلاء عظيم للدعاة والقادة الذين ارتبط اسمهم بالناس من أمثال الشيخ أحمد بن حنبل (القرآن كلام الله، غير مخلوق) وشيخ الإسلام أحمد بن تيمية القائل: (ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي في صدري، وسجني خلوة ونفيي سياحة، وقتلي شهادة)!

وغيرهم كثير من أمثال عبدالقادر الجزائري وعمر المختار ومحمد الخطابي.

واقع أمتنا العربية والإسلامية نتاج ترسبات عميقة تمت عبر أزمنة مختلفة ولأسباب شرعية وعقدية وتربوية (مدارس التربية، مدارس التغريب ثنائية اللغة)! وأيضا التصورات التي سادت العالم الإسلامي وحادت بالمسلمين عن المشاركة الإيجابية في حل مشاكل الناس وهمومهم!

رحم الله الخليفة الأول أبا بكر الصديق في أول خطبة له بعد توليه الحكم «يا أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني.. إلى آخر الخطبة»!

في الإسلام.. الحقيقة أن المسؤول عن الأمة ليس بخيرها، وإنما هو واحد من أبنائها وإن طاعته تندرج تحت طاعته لله ورسوله وتطبيقه لتعاليم هذا الدين القويم، والناس كلهم أمناء متعاونون لكن لا تجعلوا الهموم تطغى والمشاكل تتراكم، فهم والله بشر والبشر لهم طاقة وقدرة على التحمل، والله المستعان.

تبقى إجابة الأسئلة: ليس هناك من يتحمل هموم الناس وحل قضاياهم!

تعليقات

اكتب تعليقك