#جريدة_الآن غازي العتيبي يكتب: حين يكون ما نرتديه أغلى منا

زاوية الكتاب

كتب د. غازي العتيبي 619 مشاهدات 0


الأنباء:

الكشخة مصطلح واسع لم يعد يقتصر على مقتنيات الشخص المتميزة ولا هاتفه الجديد ولا لباس العيد.

ليكون كشخة، لا بد أن يلبس من دار الأزياء الفلانية بالقيمة المبالغ فيها ليواكب اهتمامات الناس اليوم بالمقتنيات من دور الأزياء العالمية حتى لو كان آخر الشهر يتسلف، المهم أن يلبس.

أصبح الواحد يشعر بالأقلية في زمن الماركات التي هي من تحكم على الشخص وليس خلقه أو حسن تعامله، فلست ضد ارتداء الأشياء الثمينة، لكن ضد أن يرى الإنسان نفسه بها يزداد ثمناً وقيمة.

بل إن البعض من كثرة هوسه أصبح يبحث عن التقليد لكي يواكب هذا التمييز الواضح في طابور الانتظار بالصداقات والتعاملات اليومية وحتى في الحياة الاجتماعية.

أصبح يتملص من حقيقته ودخله المحدود، هذا الشخص ماذا يحصل له عندما يتبنى ذلك النهج؟ بالطبع لن يكون راضيا عن ذاته وستتملكه مشاعر رفض داخلية.

والإحساس بالرغبة الملحة غير السوية في امتلاك المزيد من نسخ التقليد فقط ليشعر بالرضا عن ذاته وليته يرضى.

الشعور بعدم الرضا لا يفرق بين أصلي أو تقليد، لكنه بالطبع ينمو ويزدهر مع الاثنين، فالسعي خلف المقلد يولد شعورا بالنقص أكثر.

سنصبح مشككين غير واثقين في أنفسنا، ننظر للغير بشعور الحسد وتمني زوال النعمة لديه، ولأنفسنا بالشفقة والرفض.

وفي المقابل، لن يكون الأصل الثمين ذا قيمة إذا لم تكن تشعر بقيمتك أولا.

قيمتان متضاربتان لكنهما تبرهنان على شعور الإنسان بواقعنا اليوم حين يكون ما يرتديه أغلى منه!

يفقد وجود الوازع والقيم التي تنظم حياته وانفعالاته.

يلجأ للاستعراض بما يرتديه، ويسعى جاهدا لأن يقدم نفسه من خلال ذلك يكون سطحي التفكير فارغا من الداخل مملوءا «على مافيش».

الماركات بحد ذاتها ليست مشكلة، فمشكلتنا تكمن في كيفية النظر لأنفسنا بها أو من دونها.

كيف نجعل من شيء نمتلكه غاية مستفزة ليست متزنة، بل مسألة حياة أو موت عند البعض، فهو لن يشعر بسعادته حتى يرافقه شعار الماركة التي يرتديها.

كل إنسان يستطيع أن يصنع شعاره الخاص الذي يحكي نجاحه وإحباطاته ليكمل به ذاته ويشعر بالزهو حين يذكر ويستعرض سجل إنجازه.

لماذا جعلنا اليوم الماديات هي الأساس؟ هذا هو السؤال الذي لا بد أن يطرح في داخل كل منا، هل ما ألبسه هو ما يزيدني قيمة أو أنا من يضيف إليه؟

الإجابة ستكون مفترق طريق عند البعض، وقد تكون بداية عند الآخر، لكنها ستخلق وعيا جديدا بطريقة تعاملنا مع ما نرتديه سواء أكان بعشرة دنانير أو بألف دينار.

الرسالة التي سيتوارثها جيل بعد جيل من الاهتمام السطحي بالماديات: «لا يهم ماذا تفعل المهم ماذا ترتدي!».

تعليقات

اكتب تعليقك