#استطلاعات_الآن 12 عاماً مضت على تقديم أول مقترح بقانون لإشهار الأحزاب في الكويت ...ماذا بعد ؟
محليات وبرلمانالآن - خاص مارس 3, 2019, 12:43 م 988 مشاهدات 0
استطلاعات
رغم مرور نحو 57 عاماً على إصدار الدستور الكويتي لم يتم تشريع أي قانون يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية رغم أن هذا التشريع يعتبر من ركائز الديمقراطية , وهو قانون شبه أحد السياسيين أهميته بأهمية الإشارات الضوئية فمن دونه يصبح الأمر وكأنما الجميع يقودون أحزابهم كما سياراتهم في شوارع من دون إشارات ضوئية .
وعلى عكس ما يظن كثيرون فللكويت تاريخ طويل مع العمل الحزبي فالدستور الكويتي ذاته لم يمنع وجود الأحزاب لكنه لم يشير إليها صراحة إنما ترك الباب مفتوحاً نحو تشكيلها عبر إشارته للجماعات السياسية ففي المادة 56 من الدستور الكويتي والتي تتعلق بكيفية تعيين رئيس الوزراء وإعفاءه تم الحديث في نصها عن المشاورات التقليدية التي يجب على رئيس الدولة أن يجريها قبل تعيين رئيس الوزراء وهي المشاورات التي وحسب المذكرة التفسيرية " يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها ، رئيس مجلس الأمة ، ورؤساء الجماعات السياسية ، ورؤساء الوزارات السابقين الذين يرى رئيس الدولة من المفيد أن يستطلع رأيهم ، ومن إليهم من أصحاب الرأي السياسي ".
المذكرة التفسيرية للدستور والتي تعتبر جزءا مكملا للدستور الكويتي تتحدث عن رؤساء جماعات سياسية وهو ما يعني وجود جماعات سياسية منظمة وهي بطبيعة الحال الأحزاب السياسية .
كما أن أمير الكويت الراحل وأب الدستور الشيخ عبدالله السالم وعندما تم الرجوع له في مسألة الأحزاب طلب ترك هذه المسألة لتكون حسب تقدير مجلس الأمة القادم ووفقا لما تتطلبه الظروف السياسية في حينه .
ونظراً لحساسية كثير من الكويتيين من مسمى الأحزاب نتيجة للتجارب العربية السيئة في هذا المجال فقد لجأت الأحزاب الكويتية إلى إطلاق مسميات مختلفة منها حركة أو منبر أو تجمع إلى أن أعلنت جماعة سياسية كويتية عن نفسها بمسمى حزب وهو حزب الأمة وذلك في يناير 2005 .
بعد ذلك بنحو عام وفي حفل افتتاح دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي العاشر في أكتوبر 2005 صدر موقف لافت من رئيس مجلس الأمة آنذاك جاسم الخرافي حيث قال في خطابه أمام مجلس الأمة وبحضور أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد " إذا كان تطوير العمل السياسي مطلوبا في كل زمان ومكان فهو مطلوب بإلحاح أكثر في حياتنا السياسية فمن غير الواقعي أن يبقى عملنا الوطني أسير نفس المفاهيم والنظم والأطر رغم التطورات والتحولات التي يشهدها مجتمعنا " .
وقال في موقع آخر من الخطاب " ومن غير المنطقي أن تكون لدينا أحزاب في الممارسة ولا نبحث جدياً جدوى تقنينها وتنظيمها " .
هذا الدعوة كانت الأولى من نوعها التي تصدر من شخصية سياسية رسمية حيث سبقت ذلك دعوات تبرز في ندوات أو مقالات لكنها كانت المرة الأولى التي تصدر مثل هذه الدعوة في محفل رسمي وبحضور كل الشخصيات الحكومية والبرلمانية المعنية في هذا الأمر .
التحرك التشريعي الأول لتنظيم الأحزاب صدر عن النائب في مجلس 2006 عبدالله عكاش العبدلي حيث قدم مقترحا بقانون لتنظيم وإشهار الأحزاب بتاريخ 5 نوفمبر 2007 .
بعد ذلك توالت عملية تقديم مقترحات القوانين المتعلقة بتنظيم عمل الأحزاب السياسية حيث قدم ثلاثة نواب ينتمون للتحالف الوطني الديمقراطي مقترحا بهذا الصدد في 24 ديسمبر 2007 وهم النواب محمد الصقر وفيصل الشايع وعلي الراشد .
وتبعهم في تقديم مقترح آخر يتعلق بتنظيم عمل الأحزاب السياسية ثلاثة نواب ينتمون للحركة الدستورية الإسلامية والتي توصف دوماً بأنها التيار السياسي الأكثر تنظيما في الكويت حيث قدم النواب ناصر الصانع ومحمد البصيري وخضير العنزي مقترحا في هذا الصدد في 20 يناير 2008 .
بعد نحو 12 عاماً من تقديم أول مقترح بقانون لتنظيم الأحزاب السياسية تعود القضية لتطرح من جديد .
وتلتقي مع مجموعة من السياسيين والكتاب من المهتمين في هذا الشأن :
أحمد الديين : عدم وجود أحزاب سياسية وضع شاذ وغير صحي
الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين وهو مناضل قديم سبق أن تولى مناصب قيادية في تجمعات سياسية مختلفة يقول ان الديموقراطية الكويتية لا تزال ناقصة وذلك لعدم وجود الأحزاب السياسية فالأحزاب السياسية عنصر مهم لاكتمال الحياة الديمقراطية واستمرار تأخرها وفق الديين وضع شاذ وغير صحي خصوصا أن الأحزاب موجودة وقائمة في جميع دول العالم عدا وبكل أسف بعض , وليس كل, الدول الخليجية فالبحرين لديها جمعيات سياسية مشهرة .
الديين الذي كتب مقالات كثيرة تؤصل لمفهوم العمل السياسي يؤكد أن مصلحة المجتمع الكويتي تتطلب اشهار الاحزاب والعمل وفق أطرها لأنها ستساهم وبشكل كبير في تنظيم العمل البرلماني والرقي به وتطويره الى افضل المستويات حتى ينعم الشعب بالديمقراطية الكاملة .
ويضيف أن الكويت لديها أحزابا سياسية لكن تحت مسميات أخرى غير مشهرة كحركة العمل الشعبي( حشد) والحركة الدستورية الإسلامية ( حدس) و المنبر الديمقراطي الكويتي , والحركة التقدمية الكويتية ما يجعل الحاجة تتطلب تشريع قانون قانون ينظم العمل الحزبي في أطر قانونية ودستورية .
إشهار الأحزاب سيفتح المجال أمام عمل سياسي حقيقي لا يبقى في ميدانه إلا صاحب العمل المنظم والاهداف الواضحة والخطة المرسومة القادرة على إقناع الجمهور حتى يحصل على تأييد كافي هكذا يقول الديين وهو صاحب تجربة سياسية ثرية عن مفهومه لعمل الأحزاب قبل أن يستدرك بالقول أن التجربة العربية في هذا الشأن لم تكن تخلو من السلبيات فالشعوب العربية عانت كثيراً من الحزب الواحد او الطائفية السياسية كما هو الحال في لبنان التى زرع فيها خوف كل طرف من الطرف الآخر .
ويقول إن هناك دول عربية أصبحت فيها الأحزاب تشارك في الحكم كما هو الحال في المغرب بشكل واضح وإن كانت في تونس والأردن لاتزال مشاركة الأحزاب فيهما محدودة بالرغم من أن الأحزاب تعمل على أرض الواقع .
الديين يبين أن الناس بدأت تدرك الفرق بين الحزب السياسي القائم على أسس ديمقراطية أو الطائفية التى شوهت العمل الحزبي متى ما سيطرت هذه الطائفية على العمل إدارته ولهذا يبقى الحكم للجمهور على توجه كل حزب وآلية عمله .
عبدالله خسروه : كان يجب إشهار الأحزاب بعد تحرير الكويت
عبدالله خسروه وهو نائب سابق للأمين العام لـتجمع العدالة والسلام وهو التجمع الذي يضم النائبين صالح عاشور وخليل الصالح يقول إن اشهار الأحزاب تأخر كثيراً في الكويت فالواجب كان إشهارها بعد عودة الشرعية وإعلان تحرير الكويت واندحار القوات الغازية ، في الكويت تحتاج الى مشاركة فاعلة من جميع فئات المجتمع .
ويضيف أن الأحزاب السياسية موجودة بالفعل لكنها بمسميات اخرى ولهذا فما نحتاجه هو الإشهار الرسمي لهذه الكيانات السياسية والعمل المعلن وفق أطر قانونية تتيح ممارسة العمل السياسي بحرية كاملة .
خسروه الذي ترأس أيضا تجمعا آخر بإسم " تجمع ولاء " يغلب عليه الطابع الشبابي مشاركة المرأة بفاعلية يشير إلى أن الحكومة لاتزال مترددة على الاقدام على هذه الخطوة منذ بداية الحياة الديموقراطية في الكويت وذلك خوفاً من نمو هذه الأحزاب وتمددها في المجتمع ولهذا باتت الحكومة عمليا من تزرع الخوف من إشهار الأحزاب إما بشكل مباشر او عن طريق المتحالفين معها سواء كانوا من أعضاء مجلس أمة فاسدين او بعض التجار المتأمرين .
الوقت قد حان والحاجة باتت ملحة لإشهار الأحزاب وإعلانها كمؤسسات عاملة ضمن هيئات المجتمع المدني هكذا يرى خسروه الوضع المثالي لكي يعود العمل البرلماني الى سلطة الشعب ويستعيد عافيته ويتمكن من ممارسة دوره الحقيقي في مراقبة السلطة التشريعية وإصدار القوانين التنموية.
ويفسر خسروه عجز مؤسسات المجتمع المدني عن تصعيد المطالبات وعن حث الشارع على ضرورة مواصلة الدرب لإشهار الأحزاب السياسية إلى سيطرة الحكومة وأصحاب النفوذ على المؤسسات الإعلامية ومنع اي مطالبة أو مقال أو رأي يطالب بإشهار الأحزاب حتى باتت مؤسسات المجتمع المدني مشلولة و مغلولة اليدين ما جعل هذه الجمعيات تتحول الى العمل الفني فقط .
ويؤكد خسروه أن أي تطور يطرأ على أي مجتمع بمختلف الميادين لن يحدث مالم يكن هناك عمل سياسي منظم يرعى هذا التطور ويدفع باتجاه التنمية لكنه يثير إشكالية تتعلق بأن أغلبية أفراد المجتمع المؤثرين فقدوا الثقة بالتيارات السياسية منذ العام ٢٠١١ حتى أصبح الناشطين أصحاب المبادئ والقيم الثابته يعدون على الأصابع .
ويضيف بأن أغلب التيارات السياسية التى تعمل في الساحة المحلية الآن ما هي إلا عبارة عن شخص واحد و"إيميل" فقط وإن كنا لا ننكر أن هناك تيارات سياسية أخرى لديها تواجد على الأرض ولديها قدرة على خلق رأي عام نشط , وعلى تحريك الشارع وهو ما كان واضحاً خلال الفترات السابقة.
إشهار التيارات السياسية قد يكون بداية الإصلاح الحقيقي نحو عمل سياسي منتظم وفي المقابل سيكشف هذا الإشهار التيارات التى ليس لها حضور عند الجمهور وحينها لن يبقى إلا صاحب المبادئ والعدالة والشفافية فلا مكان إلا لصوت الشعب الذى هو فيصل كل عملية ديمقراطية هكذا يرى خسروه المشهد السياسي بعد إشهار الأحزاب السياسية .
الأحزاب السياسية قائمة في الكويت بمفهومها الضمني
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور فيصل بو صليب يرى أن الأحزاب السياسية في الكويت موجودة وقائمة على الأرض في مفهومها الضمني وماتحتاجه هو التنظيم والتقنين لان ذلك سيساعدها على تطوير العمل البرلماني في الكويت لذلك يتطلب الأمر العمل بشكل تدريجي على إشهار الأحزاب السياسية تحت أي مسمى .
ويضيف بو صليب أن الأهم من مسمى الأحزاب آلية تنظيم إشهار الأحزاب فيمكن اختيار مسمى مختلف عن الإسم التقليدي فلفظة الأحزاب السياسية قد تكون غير مقبولة في المنطقة العربية لأنها ترتبط وبحسب ذهنية المواطن العربي , وخصوصا الكويتيين , بخبرات سلبية بسبب موقف أحزاب عربية عدة قامت بتأييد الغزو العراقي للكويت ولهذا لا يمانع بو صليب من استخدام مسمى الجمعيات السياسية شريطة أن تكون قائمة على أسس وطنية بعيدة عن الطائفية أو القبلية .
ويتوقع بو صليب أن يكون قياس النجاح مرتبط بإعادة النظام الانتخابي ومشاركة الجمعيات السياسية أمرا صعبا في ظل وجود نظام الصوت الواحد الانتخابي لذلك يقترح اعادة تنظيم القانون الانتخابي وفق آلية تتيح للجمعيات السياسية بالمشاركة.
ويقول إن على الكتل السياسية أن تندمج مع بعضها البعض لكي تكون مؤثرة في المجتمع وصاحبة رأي وبرنامج وأهداف لا أن تكون قائمة على عدد قليل من الأعضاء أعلنوا تشكيل كتلتهم السياسية بشكل معزول في احدى الدواوين .
لكنه بو صليب يعود ويقول إن نتائج الثورات العربية في المنطقة لا تشجع على قيام الأحزاب السياسية خلال هذه المرحلة لكن قد يكون هناك عمل معين في هذا الشأن يناسب التجربة الكويتية وفق ما نصت عليه احدى مواد الدستور والتى أشارت إلى أن حرية اشهار النقابات او الهيئات وفق قانون حكومي يقنن العمل السياسي وينظم آلية العمل في تيارات سياسية عدة منها الحركة الدستورية الاسلامية أو التحالف الاسلامي الوطني ويتابع مصادر التمويل .
تعليقات