#جريدة_الآن د. خالد محمد بودي يكتب : إسقاط القروض يفتح الطريق أمام مطالبات أخرى

زاوية الكتاب

كتب الآن - القبس 585 مشاهدات 0



القبس
يُتداول هذه الأيام موضوع إسقاط القروض، إذ يدعم مطالب أصحاب القروض في هذا الجانب بعض أعضاء مجلس الأمة. ولا شك ان قيام الدولة بتخفيف الأعباء المالية عن كاهل المواطنين هو أمر محمود، وجزء من مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها، لكن هذا الأمر لا يجب أن يتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة التي نص عليها الدستور الكويتي، ولابد أن يكون في حدود القانون، كما أنه يجب ألا يكون سببا لنشوء التزامات أخرى لا يمكن تقدير حجمها، بالنظر إلى احتمال تعرض الدولة لمطالبات مالية أخرى متعددة في الحاضر والمستقبل، كما سوف نبين لاحقا.
إن إسقاط القروض يتعارض أولا مع مبدأ العدالة والمساواة، سيستفيد منه أصحاب القروض ويعتبر منحة مالية من الدولة لهم تعادل قيمة قروضهم. فما هو المبرر لحجب هذه المنحة عن المواطنين الذين لم يحصلوا على قروض؟ إن هذه المنحة يجب أن تشملهم تطبيقا لمبدأ العدالة. هذا التساؤل نطرحه ليس للمطالبة بدفع منحة للمواطنين غير المقترضين، وإنما فقط لنبين بأن الدولة إن أسقطت القروض فإنها سوف تتعرض لمطالب من غير المقترضين لمعاملتهم بالمثل. وهذا من شأنه أن يزيد الأعباء المالية على الدولة.
ثانيا إن القروض الشخصية (الاستهلاكية والمقسطة) تبلغ حوالي ١٣ مليار دينار، وإسقاطها يمثل عبئاً كبيراً على الدولة، خاصة إذا وجدت الدولة أنها مضطرة لدفع منحة لغير المقترضين تطبيقا لمبدأ المساواة. هذا عدا المطالبات الأخرى المُحتملة مستقبلا، إذ ان إسقاط القروض يفتح باب المطالبة مستقبلا بالمعاملة بالمثل، وهذا يعني التزامات مالية مستقبلية على الدولة، لا يعرف أحد حدها الأقصى. كما أن قيام الدولة بإسقاط القروض قد يؤدي إلى التراخي مستقبلا في سداد الالتزامات المالية، على أمل قيام الدولة بسداد هذه الالتزامات، مما يعرض النظام المالي والمصرفي في الدولة للخطر. كما أن إسقاط القروض يؤدي إلى زيادة أعداد المقترضين، على أمل إسقاط أعباء القروض عنهم مستقبلا، وهذا من شأنه إغراق شريحة واسعة من المجتمع في الديون، مما يؤدي إلى التأثير سلبا على الوضع الأُسَري لهذه الشريحة.
إن ما تقدم يُبين أن إسقاط القروض هو مقدمة لمطالبات مالية لا يمكن تقدير حجمها، مما يؤثر في قدرة الدولة على أداء التزاماتها المالية، ومما يعرض النظام المالي في الدولة لبعض المصاعب، بالاضافة إلى الانعكاسات السلبية لهذه الخطوة على المجتمع. لذلك، لابد من إجراء دراسة متخصصة عند التفكير في اتخاذ خطوة لإسقاط القروض، أو لمنح ميزات مالية لفئات معينة في المجتمع. ويجب أن تتضمن هذه الدراسة الآثار المالية والقانونية والاجتماعية لهذه الخطوة. وقد يطرح تساؤل: ما هو البديل الذي يمكن من خلاله تخفيف الأعباء عمن يمرون بضائقة مالية بسبب الاقتراض؟ والإجابة عن ذلك، وضع نظام ومعايير معينة يحق لمن يستوفيها أن يتقدم بطلب إلى المؤسسات الاجتماعية في الدولة وفي المجتمع، للمساعدة في تقديم الدعم المطلوب للمعسرين.
وبالله التوفيق.

تعليقات

اكتب تعليقك