#جريدة_الآن د. حمد إسماعيل الأنصاري يكتب: ماذا فقدنا بعد التحرير؟

زاوية الكتاب

كتب حمد الأنصاري 952 مشاهدات 0


الراي:

تحل علينا اليوم الذكرى الثامنة والعشرون لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الغاشم، ذلك اليوم الذي لا يمكن أن تغيب تفاصيله عن ذاكرة من عايشه أبداً، ففي ذلك اليوم انتهت أزمة الاحتلال الذي استمر لمدة سبعة أشهر، عانى فيها الشعب الكويتي الأمرّين، كما سطّر فيها أسمى معاني التضحية من خلال صموده ومقاومته للمحتل، فكان ذلك الانتصار بعودة الكويت لأهلها، ولكن لم يكن ذلك الانتصار هو الوحيد، فقد كان هناك انتصار آخر حققه الشعب الكويتي... وهو عودة الحياة الديموقراطية وعودة الدستور الذي انقلبت عليه السلطة في العام 1986.
ثمانية وعشرون عاماً مرت على تحرير الكويت من الاحتلال الغاشم، وما زلنا نتساءل؛ هل استفدنا من تلك التجربة المريرة؟      
الحقيقة أنني لا أعتقد بأننا استفدنا من تلك التجربة بالشكل الصحيح، فشعبنا الذي لا يزال يتغنى بموقفه وتضامن جميع فئاته أثناء فترة الاحتلال، نراه اليوم مفككاً يضرب بعضه بعضاً سواء بدافع العنصرية البغيضة أو الطائفية المدمرة، كما أن مكسب عودة الحياة الديموقراطية بدأنا نفقده شيئاً فشيئاً، بسبب العبث السلطوي بالنظام الديموقراطي والحياة السياسية.
لقد كان من الممكن أن يكون يوم التحرير في العام 1991 هو يوم ولادة دولة الكويت الرابعة، فذلك الحدث يعتبر مفصلياً وشبيها بتلك المراحل المفصلية التي مرت الكويت بها منذ بدايتها كإمارة ثم انتقالها لمرحلة الدولة في عهد المغفور له الشيخ مبارك الكبير، نهاية بمرحلة الاستقلال والدولة الدستورية في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، إلا أن هذا لم يحدث - وبالتأكيد - لم يتم استكمال العمل بمشروع الدولة الدستورية ذات النظام الديموقراطي، بل يبدو لي ولجميع المتابعين للوضع السياسي بأن الدولة تسير في طريق التراجع عن ذلك المشروع.
فالديموقراطية الكويتية - اليوم - تعيش أسوأ مراحلها، بعد مرسوم الصوت الواحد المجزوء وإقرار العديد من القوانين المقيدة للحريات، بينما كان من الممكن أن يتم تطوير دستور 62، والتحول إلى النظام البرلماني مكتمل الاركان، إلا أن السلطة كانت واضحة منذ يوم تحرير الكويت بنيتها في عدم استكمال مشروع الدولة الحديثة، حيث ماطلت السلطة بعودة العمل بالدستور وعودة الحياة البرلمانية، فأعادت المجلس الوطني... بعد التحرير مباشرة، إلا أن الشعب قال كلمته ولم يكن لتلك السلطة أي خيار آخر سوى عودة الحياة البرلمانية.
اليوم ونحن نحتفل بذكرى التحرير علينا أن نفكر جدياً بأننا بحاجة ماسة لتحرير الحياة الديموقراطية واستكمال مشروع بناء دولة الكويت الحديثة، تلك الدولة التي كان يسعى لبنائها الآباء والأجداد، ولولا تزوير 67 والانقلابين على الدستور لاخلتف وضعنا اليوم، وربما كنا قد استكملنا ذلك المشروع ووصلنا إلى مرحلة الديموقراطية الحقيقية.
نحن اليوم نمر بمرحلة مشابهة لتلك المراحل المهمة والمفصلية في تاريخ الكويت، وقد بات من الضروري أن يعي الشعب أهمية تطوير المنظومة السياسية واستكمال بناء دولة الكويت الحديثة، كما لم يعد من المقبول التحجج بالاحتلال كعذر لتأخر التطور في الكويت، فالكويت قبل ثمانية وعشرين عاماً كانت تسبق دول المنطقة بمراحل كبيرة، بينما نجدها اليوم تتأخر بسنوات ضوئية عن تلك الدول في جميع المجالات، والسبب الحقيقي لذلك التراجع ليس الاحتلال إنما هو الفساد الذي استشرى في جميع مؤسسات الدولة، وسوء الادارة الحكومية لموارد البلد، وقد بات من الضروري أن نبدأ العمل على إعادة مشروع بناء دولة الكويت الحديثة واستكمال الديموقراطية والاستفادة فعلاً من تلك الدروس المريرة التي مررنا بها على مر السنين.

تعليقات

اكتب تعليقك