#جريدة_الآن رأينا الآن الذكرى ال ٢٨ للتحرير .. جردة حساب

محليات وبرلمان

الآن 1005 مشاهدات 0


تمر علينا هذه الأيام الذكرى الـ٢٨ لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم الذي دمر البشر والحجر ، وكان عنواناً فاضحاً للغدر والخيانة من قبل صدام حسين وزبانيته وبعض العرب الذين قدمت لهم الكويت كل شيء في سبيل نصرة قضاياهم لكنهم جازوها بالنكران والجحود.


لكن الغزو العراقي لم يكن مجرد غزو همجي بربري تتعرض له دولة صغيرة مسالمة، بل هو علامة فارقة في تاريخ الكويت السياسي، فاليوم وبعد ٢٨ عاماً من التحرير لا بد لنا من أن نقرأ حال الكويت  اليوم ونضع النقاط على الحروف لنقارن ونحلل أحوالنا قبل وبعد الغزو .


فعلى الصعيد الخارجي، شهدت الكويت في السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في العلاقات الخارجية والدبلوماسية، كان محركها هو زعيم وزراء خارجية العالم وعميد السلك الدبلوماسي العالمي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح.

تحولت الكويت في عهد سموه إلى لاعب إقليمي مهم في المنطقة، فاستضافت مؤتمر الحوار اليمني عام ٢٠١٦ في محاولة لإنهاء الحرب في اليمن بين الحكومة الشرعية وبين ميلشيات الحوثي المتمردة على القرارات العربية والدولية، واستضافت الكويت أيضاً مؤتمرات المانحين للشعب السوري ودعت إلى إيجاد حلول سلمية في سوريا ثم قامت بالوساطة في الأزمة الخليجية المؤسفة التي اندلعت عام ٢٠١٧ حيث اعترفت القوى الإقليمية والدولية بسمو الأمير كوسيط لحل هذه الأزمة، وتحمل سمو الأمير الصعاب عبر سفره لمرات متكررة في يوم واحد من أجل إحلال السلام في الخليج والحفاظ على وحدة مجلس التعاون الخليجي لمواجهة الأخطار التي تحيط بالشعوب الخليجية من الشمال والجنوب والشرق والغرب.

وليس هناك دليل على القوة الدبلوماسية الدولية التي تحصلت عليها الكويت في عهد سمو الأمير ،لأول مرة منذ الغزو العراقي الغاشم، من تقدير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسموه أثناء زيارته للبيت الأبيض في أعقاب الأزمة الخليجية واعتماد الأمريكيين على سمو الأمير لحلحلة هذه الأزمة وإنهائها، وحصول الكويت على مقعد غير دائم في مجلس الأمن لمدة عامين استطعنا من خلاله أن نوظف جهودنا في الانتصار للقضية الفلسطينية وتقديم صورة مشرفة للكويت أمام الشعوب العربية، حتى أصبحت الكويت دولة يشار لها بالبنان من قبل كافة الشعوب والحكومات العربية.

أما على الصعيد الداخلي فإننا نعيش ومنذ تحرير البلاد حالة تدهور كبيرة على كافة الأصعدة في مؤشرات النمو والتطور والتعليم والإنشاد، وازدادت معدلات الفساد زيادة كبيرة ومهولة إلى درجة لا يمكن تصورها حتى أضحى الفساد ولأول مرة فسادًا منظماً! ففي فترة ما قبل الغزو العراقي أو أثناء الغزو العراقي تفجرت بعض قضايا الفساد مثل فضيحة شراء اسهم شركة سانتافي النفطية الامريكية رغم انها كانت قائمة الشركات الأكثر تدهوراً وخسارةً من بين الشركات المدرجة في بورصة نيوريورك ، وتلك القضايا التي اختلس فيها الفاسدون مئات الملايين من أموال واستثمارات الحكومة الكويتية في اسبانيا، وقضية الناقلات النفطية التي وصفت بأنها سرقة العصر.

لكن هذه القضايا باتت اليوم قضايا هامشية وعادية أمام ما يحدث من فساد كبير في المئات من المناقصات الحكومية، حيث صار للفساد جيش منظم من بعض الوزراء والنواب و المحامين والكتاب والصحافيين بل وحتى رجال الدين، وأضحى الفاسدون يسيطرون على كل شيء، وبعد أن كانت الاختلاسات في السابق بعشرات الملايين صارت اليوم بعشرات المليارات، وبل والأدهى من ذلك كله أن الفاسدين المطلوبين لنظام العدالة الكويتي والصادرة بحقهم أحكام بالسجن يتسكعون في شوارع لندن طلقاء ، ويقيم أبناؤهم الحفلات الراقية والباهظة الثمن في بيفرلي هيلز -أرقى أحياء العالم- في مدينة لوس انجلوس، بينما يرزح المواطن الكويتي - الذي اختلست أمواله - تحت وطأة الديون مطالباً بإعادة جدولة قرضه ليتمكن من الحصول على قدر جيد من راتبه الحكومي البسيط أصلاً.

أما ملف العلاج في الخارج فلقد بات علامة واضحة على شراء الولاءات السياسية أولاً، وعلى فشل القطاع الصحي ثانياً، فبعض الأطراف التي تحاول شراء ولاءات النواب في مجلس الأمة تقوم بمنحهم مقاعد جاهزة للعلاج في الخارج، ليقوم هؤلاء النواب بتحويلها إلى "سياحة" في الخارج عبر إعادة توزيعها على ناخبيهم وذلك في صورة من صور الرشوة غير العلنية.

ووجود إدارة العلاج في الخارج أصلاً ينبئ عن مشكلة كبيرة نعانيها في القطاع الصحي بعد الغزو العراقي، فمنذ الغزو وحتى اليوم لم نقم ببناء أي مستشفى عام إلا مستشفى جابر الذي لم يفتتح بعد، قبل أن يقرر سمو الأمير بإنشاء مستشفى الجهراء الجديد والذي أنجز بسرعة خيالية وباحترافية عالية، وهذا الفشل في القطاع الصحي لا شك أن الفساد سبب من أسبابه، فالفاسدون يودون لو تدهور القطاع الصحي في الكويت بطريقة أكبر ليتمكنوا من المطالبة بخصخصته والاستيلاء عليه بسهولة.

ما الذي يحدث في الكويت ؟ تميز في القضايا الخارجية وتدهور في الشأن الداخلي تبرزه هذه المرة التقارير الرسمية وليس مجرد إدعاءات معارضة للحكومة .

بالصلابة نفسها والإرادة والقوة والروح الوطنية التي واجهنا فيها كشعب وحكم الغزو العراقي الغاشم علينا جميعا أن نواجه غزو الفساد فالخطر أعظم وإلا فسنجد الكويت كلها أسيرة لغول الفساد والفاسدين .

تعليقات

اكتب تعليقك