#جريدة_الآن - علي عبدالرحمن الحويل يكتب: فم الحكومة وحيرة المواطن والخطر المتربص

زاوية الكتاب

كتب علي عبدالرحمن الحويل 732 مشاهدات 0


الأنباء:

ستون يوما مضت على بدء الحملة الشعبية لإسقاط القروض الاستهلاكية، كسبت الحملة خلالها تأييدا واسعا لأكثر من 400 ألف مواطن متضرر مبنيا على التعاطف مع أحوالهم المادية المتردية واستنكار المعونات الخارجية التي تقدمها الدولة لدول لا تملك تأثيرا سياسيا يخدم الوطن ولدول وقفت مع الاحتلال العراقي عام 1990، ولأخرى تتمتع بوفرة في الثروات الطبيعية، بينما يعيش المدينون من المواطنين عيش الكفاف، ويضيف لزخم الحملة الامتعاض الشعبي من الهدر المالي في مرافق الدولة ومؤسساتها، وتفشي الفساد بدرجة ظاهرة علنا.

لم يعد نهج الحكومة في شراء التعاطف الدولي ذا فاعلية مرضية؛ وذلك لارتباطه بتعرض البلاد لخطر خارجي كالاعتداء المسلح أو الظواهر الطبيعية غير المألوفة تجعلها في حاجة للدعم الدولي، وكلتا الحالتين مستبعدتان وتتأثران بالسياسة والضغوط الدولية التي قد تلغي أثرهما، فضلا عن أن اقتران السياسة بالأخلاق وقيم حفظ الجميل محدود جدا، وقد وضح هذا في انحياز بعض الدول العربية إلى الغزاة، وقد كانت تتلقى دعما كويتيا مفرط في السخاء.

في تصريح لمدير عام صندوق التنمية وهو الجهة المنفذة لتوزيع الهبات والقروض كشف عن أن المعونات التي قدمها الصندوق منذ إنشائه عام 1961 وحتى اليوم بلغت 20 مليار دينار، وبصرف النظر عن النجاحات التي حققها الصندوق، فقد كان من الممكن الخروج بنتائج افضل بكثير لو استغل نصف هذا المبلغ في صناعة قوة ناعمة للبلاد تقوم على تنمية بشرية وشاملة مثالية ترتبط بحزمة الأخلاق والقيم الإنسانية التي ينص عليها الدستور الكويتي، فتظهر البلاد بمظهر القدوة إذا لم يتفوق على النموذج السنغافوري فلن يقل عنه وبإضافة قدر محسوب من العون الخارجي المشروط بمشاريع تنموية كما كان عليه حال الصندوق في أول أيام نشأته لاكتسبت الكويت احترام العالم وحاجته إليها، إذ ستكون عندئذ مساهما فعالا في رفاه البشرية ورخائها.

إن تردد الحكومة في إبداء رأيها في المطالبة الشعبية بإسقاط القروض أو حتى معالجتها بتخفيض الأقساط الشهرية إلى ما لا يزيد ‎على 7 -10%‎‎ من الراتب، وعدم تقدمها بأية مشروع يلبي المطالبة الشعبية المشروعة ولو جزئيا هي حالة تعود فيما يبدو إلى التخوف من أن تفهم استجابتها على أنها رضوخ لهذا الأسلوب من الضغط الشعبي، مما قد يشجع على استغلاله مستقبلا لأغراض اكثر خطورة، خاصة أن أداته وهي وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة للجميع والتي تصعب السيطرة عليها، ومما شجع الحكومة على المضي في تجاهلها للمطلب الشعبي غياب الضغط البرلماني عليها بالاستجوابات البرلمانية التي يبدو أن أعضاء الحكومة غير مؤهلين لمواجهتها ودحضها، إلا أن الاستمرار في هذا التجاهل قد يؤدي لفقدان المنظمون السيطرة على جماهير المتضررين وربما خروجهم في مواجهات غضب واحتجاج يتعقد معها الرد الحكومي، وقد تضطر الحكومة إلى تنازلات لم تكن تحسب لها حسابا!

إلى أن تتفتق أذهان أعضاء الحكومة عن حل ما خارج الاحتمالين الواضحين، سيظل أصحاب الحملة يعدون الأيام والحكومة مطبقة فمها والمواطن في حيرة من أمره وخطر الانفلات مطل برأسه من شقوق الخطأ في التقدير والاستهانة بالعوز.

تعليقات

اكتب تعليقك