#جريدة_الآن تنشر دراسة دستورية للدكتور محمد المقاطع تثبت بأنه لا قیمة لحكم المحكمة الدستوریة رقم (6) لسنة 2018 ( بشأن عضوية النائبين وليد الطبطبائي وجمعان الحربش) لتجاوزه أحكام الدستور ونطاق اختصاصھا
محليات وبرلمانالآن يناير 6, 2019, 12:49 ص 1049 مشاهدات 0
"دراسة دستوریة تحلیلیة مقارنة"
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع أستاذ القانون العام
تكتسب الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستوریة أھمیةً مضاعفةً بالنظر لطبیعتھا واختصاصھا الحصري في الرقابة على دستوریة القوانین واللوائح والذي یمنحھا مرجعیة قانونیة دستوریة، طالما التزمت نطاق اختصاصھا، بالإضافة إلى الآثار المباشرة وغیر المباشرة التي تترتب علیھا، والتي تتجاوز في بعض الأحیان الأشخاص والأطراف ذات الصلة بھا لتشمل آلیات عمل وضمانات المؤسسات الدستوریة في الحاضر والمستقبل. ولذلك یتوقف المھتمون من أھل الاختصاص وغیرھم عند ھذا النوع من الأحكام بالدراسة والتحلیل، والنقد والتصویب، مما یسھم في تطویر اتجاھات القضاء الدستوري في بلادنا وتنمیة التوعیة بآلیات وضوابط عمل المؤسسات في إطار المبادئ الدستوریة وفي مقدمتھا أن السیادة للأمة مصدر السلطات جمیعاً.
وفي ھذا الإطار، یُعد حكم المحكمة الدستوریة في الطعن رقم ( لسنة 2018 الصادر في 2018/12/19 والذي قضى بعدم دستوریة المادة (16) من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم 12 لسنة 1963، حكماً منتقدا وغیر موفق، لأسباب موضوعیة وشكلیة جوھریة، فھو یتناقض والتوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات، كما أنه ینال من استقلالیة مجلس الأمة ومن اختصاصاته المبینة في لائحته الداخلیة، التي تتمتع بمكانة مھمة ترقى لمصاف القوانین الدستوریة(1)، وینتقص من العدید من المواد الدستوریة وعلى الأخص المواد (6) و(84) و(97) و(108) و(111) و(117) التي نظمت الضمانات والإجراءات المتعلقة بالعضویة وبالأعمال البرلمانیة، وقد استند ھذا الحكم إلى مفھوم خاطئ للمصلحة الشخصیة بصورة مرسلة وافتراضیة لیست موجودة لا واقعاً ولا قانوناً بل تتناقض مع المفھوم المستقر بأحكام متواترة للمحكمة الدستوریة ذاتھا، مما یجعله مشوباً بعیوٍب جوھریٍة تھدم أساس وجوده وتجعله متداعیاً.
ویتعلق الطعن المقدم بتاریخ 2018/11/12 والمسجل برقم(6) لسنة 2018 "، طعن مباشر/غرفة المشورة" والذي صدر بشأنه الحكم، محل ھذا التعلیق، بقضیة رفعھا (أ.خ) للمطالبة بالحكم بعدم دستوریة المادة (16) من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بموجب القانون رقم (12) لسنة 1963 وبني على إدعاءات لمصلحة مرسلة غیر واقعیة تقترب به من أن تكون ضرباً من ضروب الطعون الانتخابیة التي لبست لبوس دعوى عدم الدستوریة، وقد نظرته غرفة المشورة التابعة للمحكمة الدستوریة في 2018/11/25 وقررت بصورة خاطئة جدیته ثم تم تحدید جلسة للمحكمة الدستوریة بتاریخ 2018/12/19، تم فیھا النطق بالحكم محل التعلیق، مع العلم بأن القضیة ارتبطت أساساً بتصویت مجلس الأمة في جلسة عامة بتاریخ 2018/10/30 على تقریر اللجنة.
(1) انظر قرار المحكمة الدستوریة رقم 6 لسنة 1996 والذي قضى بأن اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة تتمتع بصفة دستوریة وأنھا متممة لأحكام الدستور.
المقدمة:
التشریعیة بشأن إسقاط عضویة النائبین د. ولید الطبطبائي ود. جمعان الحربش والذي رفض مجلس الأمة بأغلبیة أعضائه إسقاط عضویتیھما بسبب صدور حكم نھائي في حقھما بالسجن بتاریخ 2018/7/8 باعتبار أن إسقاط العضویة من صلاحیاته التي ینفرد بھا وفقا لأحكم المواد (82) و(84) و(108) و(111) و(117) من
الدستور ووفقاً للإجراءات المحددة بالمادة (16) من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة.
ولا یمكننا في ھذا السیاق إغفال حالة الاستعجال التي شابت النظر في القضیة، سواء في مرحلة غرفة المشورة، أو بالنسبة للمحكمة ذاتھا، رغم أن القضیة كانت تستدعي مزید ًا من الوقت وإتاحة الفرصة للحكومة ومجلس الأمة لإبداء رأییھما وإعداد مذكراتھما، وھي الحكمة من اعتبارھما من ذوي الشأن في الدعوى الدستوریة.
وفي إطار ھذا التعلیق، نعرض أولاً لوقائع الحكم، ثم نقدم ملاحظاتنا علیه، وذلك على النحو التالي:
الوقائع:
تتلخص وقائع الحكم في أن الطاعن )أ.خ( تقدم بتاریخ 2018/11/12 بطعن مباشر إلى المحكمة الدستوریة لاستصدار حكم بعدم دستوریة المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم 12 لسنة 1963، على سند من الأسباب، أھمھا:
(أولا) أن المادة المطعون بھا تخالف المادة )82( من الدستور لأنھا نصت على إجراءات وأغلبیة خاصة ومنحت مجلس الأمة سلطة تقدیریة لیست من حقه فیما یتعلق بحالات إسقاط العضویة، وھو ما یُعد تدخلاً من السلطة التشریعیة في أعمال السلطة القضائیة ومساساً باستقلالیتھا وإھدارا لمبدأ حجیة الأحكام بالمخالفة لنص المادتین )50( و)163( من الدستور.
كما أوضح الطاعن أن استمرار تمتع النائب بحقوقه السیاسیة وعدم إسقاط عضویة النائب تنفیذا للحكم القضائي یُعد تمییزا للنائب عن غیره من المواطنین بالمخالفة لأحكام المادة )29( من الدستور وإضفاء لحصانة علیه في غیر موضعھا، مشیرا إلى أن النائب ولید الطبطبائي الذي فاز عن الدائرة الثالثة في انتخابات مجلس الأمة لعام 2016 صدر بحقه حكم جنائي بات بحبسه ثلاث سنوات وستة أشھر مع الشغل، وأنه تبعاً لذلك أصبح غیر أھل لعضویة مجلس الأمة ومفتقدا لأحد الشروط المنصوص علیھا في المادة )82( من الدستور، مما یعني بنظره فقدانه لعضویته دون الحاجة لأي إجراء آخر.
ثانیاً
أوضح الطاعن أن له مصلحة یھدف لھا من وراء طعن، وھي إلغاء المادة المذكورة وإعلان خلو مقعد النائب المشار إلیه والدعوة لانتخابات تكمیلیة بالدائرة، حیث یعتزم خوضھا والفوز بھا لیحل محل النائب المشار إلیه، خاصة وأنه مقید بالدائرة الثالثة، وتتوفر به الشروط الواجبة للترشح.
وقد نظرت لجنة المشورة بالمحكمة الدستوریة في صحیفة الطعن بتاریخ 2018/11/19 وقررت إدراجھ على جدول جلسة المحكمة الدستوریة لیوم 2018/11/25، وموافاة كل من رئیس مجلس الأمة ورئیس إدارة الفتوى والتشریع بصورة من صحیفة الطعن ومرفقاتھ، وإخطارھما بموعد الجلسة، فیما تقدم المحامي )م .ع( عن النائبین ولید الطبطبائي وجمعان الحربش اللذین رفض مجلس الأمة في جلسته العامة بتاریخ 2018/10/30 إسقاط عضویتیھما، بطلب التدخل في الدعوى.
وفي حیثیات حكمھا، بينت المحكمة أن الخصومة في الطعن المرفوع بطریق الادعاء الأصلي المباشر ھي خصومة عینیة موجھة أصلاً إلى النص التشریعي المطعون بعدم الدستوریة ولیست طعناً بین خصوم، ولذلك فإن طلب كل من النائبین ولید الطبطبائي وجمعان الحربش التدخل في الطعن غیر جائز.
وأضافت المحكمة أن إشعار الحكومة ومجلس الأمة بالقانون المطعون علیه تم باعتبارھما من ذوي الشأن ومعنیان معا وعلى نحو متلازم، وذلك للوقوف على ما یبدیانه من رأي، مشیرة إلى أنه لیس من شأن ذلك أن یُغیر من طبیعة الطعن أو یستفاد من ذلك في إدخال أي طرف فیه أو إتاحة المجال لما قد یثور بمناسبته من دفوع وطلبات.
وأكدت المحكمة أن اختصاصھا في المراقبة الدستوریة یشمل كل القوانین، إلا تلك التي منحھا الدستور الصفة الدستوریة مثل قانون توارث الإمارة، موضحة أنه في ضوء ذلك فإن رقابتھا تشمل اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بقانون رقم 12 لسنة 1963. واستطردت المحكمة قائلةً بأنه لو كانت السلطة التأسیسیة الأصلیة ترید منحھا الصفة الدستوریة لكانت قد منحتھا ذلك دون تردد، مشیرة إلى صواب قرارھا ببسط الرقابة ھذه بسابقة نظرھا في طعن على مادة من اللائحة نفسھا بناء على طلب من مجلس الأمة.
وأشارت المحكمة الدستوریة في حیثیات حكمھا إلى أن فصل السلطات من القواعد الأولیة للدستور، التي تضمن التوازن واستقلالیة السلطات وعدم تعدي كل منھا على اختصاصات الأخرى، مؤكدًة على أن ما یصدره مجلس الأمة من قرارات وما یتخذه من إجراءات یُعد من الأعمال البرلمانیة التي لا تتسم بالصفة التشریعیة وتنحسر عنھا رقابة ھذه المحكمة، لكنھا استطردت وقالت بأن ذلك لا یمنعھا من بسط رقابتھا على أي نص تشریعي، مستعرضًة نصي المادة )82( من الدستور والمادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة، وما أورده الطاعن بشأن مخالفة الثانیة للأولى، معلنة بأن نعیه بشأن ذلك في جملته سدید، مشیرة إلى عدم جواز تدخل السلطة التشریعیة في اختصاصات السلطة القضائیة أو المساس بالأحكام القضائیة الصادرة عنھا وتقویض آثارھا، أو إھدار حجیتھا وذلك وفقاً لأحكام المادة )50( من الدستور.
وبينت المحكمة أن المادة )29( من الدستور لا تمنح النائب حقوقاً تختلف عن المواطن العادي فیما یتعلق بالخضوع للقانون، وأن الحصانة النیابیة مقررة للمصلحة العامة ولیست لمصلحة عضو المجلس الشخصیة، وأنھا لا تعدو أن تكون مانعاً إجرائیاً مؤقتاً.
كما أوضحت المحكمة أن عبارات المادة المطعون علیھا وھي المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة قد جاءت عامة ومطلقة؛ مما یجعلھا تشمل جمیع حالات فقدان شروط العضویة بما فیھا تلك الناتجة عن حكم قضائي بات، حیث یصبح النائب غیر أھل للعضویة بقوة الدستور، ومفتقدا لشرط من شروط الاستمرار في عضویة مجلس الأمة وفقا للمادة )82( من الدستور، مؤكدة بأن ذلك والسلطة التقدیریة التي تمنحھا لمجلس الأمة بشأن ذلك یصم المادة بعیب عدم الدستوریة.
وأضافت المحكمة بأن المادة المطعون علیھا تخالف كذلك صریح المادة )84( من الدستور التي تنظم حالة خلو محل عضو مجلس الأمة، والتي یجب أن تحترم.
وانتھى حكم المحكمة بعدم دستوریة المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بقانون رقم 12 لسنة 1963، مع ما یترتب على ذلك من آثار.
إن ھذا الحكم یثیر العدید من القضایا الدستوریة المھمة، التي تتعلق بضرورة حفظ المشروعیة الدستوریة من أي اختلال وتحقیق التوازن بین السلطات الدستوریة وعدم الافتئات على اختصاص السلطة التشریعیة، ممثلة في مجلس الأمة، باعتبارھا ركناً جوھریاً في النظام الدیمقراطي، وھو ما یستوجب التوقف عندھا وتوضیحھا،وبیان آثارھا وتداعیاتھا، وذلك على ما سیأتي بیانه:
تنقسم الملاحظات التي نوردھا في معرض تعلیقنا على ھذا الحكم وما یرتبط بھا من آثار ونتائج إلى مسائل أساسیة ھي:
أولاً- الحكم ینقض قواعد المشروعیة الدستوریة:
أكدت المحكمة في حیثیات حكمھا أن: "رقابة الدستوریة التي تباشرھا ھذه المحكمة یقف مجالھا عند حد التحقق من مدى موافقة التشریع المطعون علیھ لأحكام الدستور، وھي رقابة لھا طبیعة قانونیة لا جدال فیھا"،
وزادت بأنه: "لا یسوغ - كأصل عام- التحدي بأن التشریع الذي تراقب المحكمة دستوریته – مھما بلغت أھمیته وأبعاده وآثاره- له قوة الدستور"، معتبره بأنھا: "جھة الرقابة على الشرعیة الدستوریة"، وأنھا: "لا تتخلى عن مسؤولیتھا"، وأنھا: "الحارسة على أحكام الدستور تدعیماً لسیادته وعلوه بوصفه المعبر عن إرادة الأمة على ما عداه".
وأضافت المحكمة في حیثیات حكمھا أنه: "لا مجال للقول بأن اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم )12( لسنة 1963 لھا قوة الدستور أو أنھا عصیة على الخضوع لرقابة ھذه المحكمة..".
وتعلیقاً على ذلك، نؤكد بأن طبیعة عمل المحكمة الدستوریة ومناط اختصاصھا ھو أن تتولى الفصل في المنازعات المتعلقة بدستوریة القوانین واللوائح)2(، ولا یجوز لھا بحال من الأحوال أن تتعدى ذلك النطاق المحدد والمقصود، كأن تبحث في تطبیق مجلس الأمة لأي نص بل وتلاحق بواعثه أو أن تكيف لائحة مجلس الأمة التي ھي جزء من أعماله البرلمانیة - كما سنوضح ذلك لاحقا- على أنھا تشریع مما یخضع لرقابتھا.
وھو ما یعني أنھا - أي المحكمة الدستوریة- ھي إحدى الجھات التي أنیط بھا الحفاظ على سمو الدستور وصیانة مكانته وعلوه)3(، إذ إنه - أي الدستور- ھو أساس وجودھا وركیزة بقائھا، ومن ثم فإن السماح بتجاوز أحكام الدستور وحدود ما رسمه من فواصل وتوزیع للاختصاصات الدستوریة بین السلطات العامة تحت أي حجة - حتى من المحكمة الدستوریة نفسھا- ینقض مبرر وجودھا ویصم ما تصدره في ھذه الحالات بكونه إخلالاً بالدستور لا ینتج أثرا ولا یُرتب نتیجة ولا یُعول علیه لكونه ینقض مصدر مشروعیة وجود المحكمة ذاتھا، وھو التجاوز الذي وقعت به المحكمة في مواضع متعددة من حكمھا فیما تزیدت به من أمور لا تدخل في اختصاصھا، وفیما تخطته من حدود تنال من مبدأ یسمو علیھا وعلى كافة السلطات العامة الأخرى ألا وھو مبدأ )التوزیع الدستوري للاختصاص(، وھو ما كرسه الدستور وانطلق منه في بیان السلطات وطبیعتھا واختصاصاتھا وحدودھا وھو ما ردده الدستور في أكثر من 58 مادة بشكل مباشر ومنھا على سبیل المثال المواد: ) 4، 6، 50، 51، 52، 53، 54، 56، 57، 59، 60، 62، 63، 64، 65، 66، 70، 71 ، 75، 79، 80، 82، 84، 91، 100، 101، 102، 104، 115، 123، 128، 160، 162، 164، 169، 171، 173، 174، 175،
176، 179، 180، 181، 182، 183(.
إن مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات ھو مبدأ أساسي بني علیه الدستور الكویتي حینما قرر في المادة )50( فكرة الفصل بین السلطات ثم تتالت المواد الأخرى لتتولى كل منھا بیان طبیعة ونوع اختصاصات كل سلطة.
فقد بینت المادة )51( السلطة التشریعیة وھي التي تتكون من الأمیر ومجلس الأمة، ثم جاءت المادة )52( لتبین السلطة التنفیذیة والتي أیضاً تتكون من الأمیر ومجلس الوزراء، ثم أوضحت المادة )53( بأن السلطة القضائیة تتولاھا المحاكم باسم الأمیر في حدود الدستور. وبذلك یكون الدستور قد حدد لكل سلطة أجھزتھا واختصاصاتھا ونطاق عملھا وطبیعة تكوینھا، ومن ثم فإن مبدأ التوزیع الدستوري قد انبثق باعتباره مبد ًأ مركزیاً ینبني علیھ الدستور الكویتي، ولذلك فقد تتالت مواد الدستور من المادة )51( وحتى نھایة الدستور في بیان طبیعة ونوع اختصاص كل سلطة من السلطات الثلاث.
وقد عادت المحكمة في حیثیات حكمھا إلى التأكید على أن: "فصل السلطات من القواعد الأولیة للدستور، لذا فقد رسم لكل سلطة من السلطات الثلاث التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة حدود اختصاصھا ووظائفھا وصلاحیاتھا بما یحقق توازن السلطات توازناً لا یتیح لإحداھا مكنة استیعاب الآخرین، ولم یجعل أي سلطة منھا تعلو على الأخرى".
إذا فإن كل السلطات - ولیست المحكمة الدستوریة وحدھا- معنیة بالحفاظ على سمو الدستور ومكانته والذود عنه بما في ذلك مصدر السلطات جمیعا ألا وھو )"الأمة" أي الشعب( وذلك بصریح نصوص الدستور ذاته كما ندرك ذلك من تتابع وتعاضد نصوص الدستور في بناء مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات تحقیقاً لغایة سموه وحجب أي سلطة عن التفرد - تحت أي مبرر- للنیل من أحكامھ أو التفریط بھا أو تجاوز قیودھا.
في ضوء ھذا الفھم لفكرة الشرعیة الدستوریة ومصدر المشروعیة لعمل السلطات في كنفھا واعتمادًا علیھا ندرك بأنه یستعصي على أیة سلطة تجاوز حدود التوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات، ومن ثم إن وقعت أي من السلطات في حومة ھذا التجاوز فإن عملھا لا قیمة له ولا ینتج أثر ًا ولا یرتب قیمةً ولا یعول علیھ وینحدر به إلى صیرورته عملا مادیا لا أثر له قانونا، لكونه ینقض مصدر مشروعیة وجودھا أصلاً، وھو ما شاب حكم المحكمة الدستوریة فیما تجاوزه من حدود اختصاصھا وتزیده في أمور ھي خارج ولایتھا القضائیة.
ثانیاً-
الحكم یبسط رقابة المحكمة على الأعمال البرلمانیة:
إن جز ًءا من الأمور المستقرة في الكویت في أحكام المحكمة الدستوریة وفي القضاء المقارن، أن الأعمال البرلمانیة أي تلك القرارات أو الأعمال المادیة أو التصرفات التي یصدرھا مجلس الأمة )أو البرلمان (، في شأن تنظیم سیر جلساته واكتمال نصابھا وحضورھا والتصویت والمناقشات والإجراءات التي تتم من قبله مثل تقدیم السؤال البرلماني أو لجان التحقیق البرلمانیة أو الاستجواب أو غیرھا من الأعمال الأخرى بما في ذلك سلطة مجلس الأمة في تنظیم أعماله وإجراءاتھا في إطار العمل داخل البرلمان جمیعھا تصدر بقرارات من قبل مجلس الأمة، وھذه القرارات قد تكون قرارات آنیة وقد تكون قرارات تنظیمیة، فالقرارات الآنیة من أمثلتھا أن یتم انتخاب رئیس مجلس الأمة أو أعضاء لجان المجلس، أو كما أن یتم اتخاذ قرار بتحدید السماح لبعض موظفي الحكومة دخول قاعة المجلس في وقت انعقاد الجلسة للمشاركة في النقاش، أو التصویت على قرار بإضافة بند على جدول الأعمال أو غیرھا من القرارات الآنیة المؤقتة.
كما أنھا قد تكون قرارات تنظیمیة تصدر على شكل قواعد قانونیة ونصوص دائمة، وھي إما أن تصدر على ھیئة لائحة داخلیة وھو ما تم في شأن اللائحة الداخلیة للمجلس، التي تستند إلى التفویض الدستوري المقرر في المادة )117( من الدستور، وقد تصدر أحیاناً بجملة قرارات متتابعة یتم تجمیعھا ویتم تنظیم العمل البرلماني وفقاً لھا أیضا، من حیث وقت المناقشة ومن حیث إجراءات النقاش وإجراءات الإحالة إلى اللجان، وأیضاً في حالة تحدید توقیت وإجراءات عرض رسائل أعضاء مجلس الأمة أو تظلماتھم أو احتجاجاتھم. أو كما ھو الأمر في مسائل تتعلق في عضویاتھم واستمرارھا وبقائھا أو فقدانھا.
كل تلك الأمور تصدر بقرارات تنظیمیة ومن ثم ھي جزء من الأعمال البرلمانیة الخالصة إذ إنھا صدرت عنه لتنظیم شؤونه وأعماله التي یستقل بتنظیمھا، التي باتفاق أحكام المحكمة الدستوریة في الكویت منذ إنشائھا إلى صدور الحكم الأخیر رقم 6 لسنة 2018 ھي أعمال برلمانیة مما تخرج عن ولایة المحكمة الدستوریة وتستعصي على رقابتھا، ولا یجوز بسط ھذه الرقابة علیھا، ولا یُغّیر من ھذا الأمر والحقیقة في شيء حتى وإن حدث أن حاولت المحكمة الدستوریة وبسطت من الناحیة الفعلیة رقابتھا علیه - تجاوز ًا لأحكام الدستور- كما حدث في إجراءاتھا في الحكم الوارد في القضیة محل ھذه الدراسة، على نحو ما سنبینه تفصیلاً في ھذه الدراسة بأنھا مدت نطاق رقابتھا بصورة فیھا إخلال جسیم وخروج على وظیفتھا ونطاق اختصاصاتھا حینما بسطت رقابتھا على الأعمال البرلمانیة التي تستعصي علیھا قولاً واحد ًا متخذ ًة من الدعوى الدستوریة مدخلا للنیل من اللائحة ومن قرارات برلمانیة تتعلق بتطبیقھا في مجال اختصاص المجلس النظر في إسقاط عضویة أعضائه من عدمھا، بما یترتب علیه انحدار عمل المحكمة للعمل المادي الذي لا ینتج أثرا ولا یكتسب أي وجود ولیس له قیمة لخروجھ الكامل على أحكام الدستور.
وفي الحكم الماثل أمامنا، ورغم تأكید المحكمة على أن رقابتھا الدستوریة لا تشمل الأعمال البرلمانیة، حیث أشارت في الحكم إلى أن: "ما یصدره مجلس الأمة من قرارات وما یتخذه من إجراءات یُعد من الأعمال البرلمانیة التي لا تتسم بالصفة التشریعیة، وتنحسر عنھا رقابة ھذه المحكمة دون نزاع"، إلا أنھا في ھذا الطعن بسطت رقابتھا على عمل برلماني متخذة من سبب الطعن المنظور قبلھا مدخلاً لإخضاع عملین برلمانیین یُعّدان من الاختصاصات الأصیلة لمجلس الأمة لرقابتھا، أولھما نصوص اللائحة الداخلیة ذاتھا وثانیھما یتمثل في التصویت على إسقاط عضویة اثنین من أعضاء مجلس الأمة بعد صدور حكم نھائي قضى بسجنھما، وھي الحالة التي یستنھض معه اختصاص المجلس وفق المادة )82( من الدستور التي تنص على أنه: "یشترط في عضو مجلس الأمة:
1-أن یكون كویتي الجنسیة بصفة أصلیة وفقا للقانون. 2- أن تتوافر فیه شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب. 3- ألا تقل سنھ یوم الانتخاب عن ثلاثین سنة میلادیة. 4- أن یجید قراءة اللغة العربیة وكتابتھا". وكذلك وفقا للمادة )117( من الدستور التي تنص على أنه: "یضع مجلس الأمة لائحته الداخلیة متضمنة نظام سیر العمل في المجلس ولجانه وأصول المناقشة والتصویت والسؤال والاستجواب وسائر الصلاحیات المنصوص علیھا في الدستور.
وتبین اللائحة الداخلیة الجزاءات التي تقرر على مخالفة العضو للنظام أو تخلفه عن جلسات المجلس أو اللجان بدون عذر مشروع".
ومن الواضح أن الدستور في ھذه المادة قد خوَل مجلس الأمة منفردا سلطة تقدیریة في تنظیم الاختصاصات المعھودة إلیه في لائحته الداخلیة، وھي لھذا الاعتبار تتمتع بمنزلة دستوریة وتُعد عملا برلمانیا في آن واحد.
كما یأتي ھذا العمل البرلماني، الذي قصدت المحكمة بصورة خاطئة بسط رقابتھا علیھ، تنفیذ ًا لأحكام المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة التي تنص على أنه: "إذا فقد العضو أحد الشروط المنصوص علیھا في المادة )82( من الدستور أو في قانون الانتخاب أو فقد أھلیته المدنیة سواء عرض لـه ذلك بعد انتخابھ أو لم یعلم إلا بعد الانتخاب أحال الرئیس الأمر إلى لجنة الشؤون التشریعیة والقانونیة لبحثه، وعلى اللجنة أن تستدعي العضو المذكور لسماع أقواله إذا أمكن ذلك على أن تقدم تقریرھا في الأمر خلال أسبوعین على الأكثر من إحالته إلیھا. ویعرض التقریر على المجلس في أول جلسة تالیة، وللعضو أن یبدي دفاعه كذلك أمام المجلس على أن یغادر الاجتماع عند أخذ الأصوات، ویصدر قرار المجلس في الموضوع في مدة لا تجاوز أسبوعین من تاریخ عرض التقریر علیه.
ولا یكون إسقاط العضویة إلا بموافقة أغلبیة الأعضاء الذین یتألف منھم المجلس باستثناء العضو المعروض أمره، ویكون التصویت في ھذه الحالة بالمناداة بالاسم، ویجوز للمجلس أن یقرر جعل التصویت سریاً".
ولذلك فإن تطبیق ھذه المادة من خلال الإجراءات المبینة والتي انتھت بتصویت المجلس برفض إسقاط عضویتي النائبین وھو أیضا عمل برلماني أصیل.
إن رقابة المحكمة الدستوریة الخاطئة للمادة )16( المشار إلیھا استتبعه حتماً بحث ومناقشة ما أجراه مجلس الأمة من عمل برلماني- إن لم یكن قصد منه بلوغ ذلك)4(-، رغم أنه عمل برلماني خالص مما تنحسر عنه رقابة المحكمة الدستوریة، ویجعل الحكم مصاباً بالعوار الجسیم، الذي یفقده أن یكون له أي أثر قانوني أو قیمة في أصل النزاع الموضوعي الذي أثاره الطاعن)5(، بل إن المحكمة الدستوریة ذاتھا في حكم لھا عام 2015 أوضحت ذلك مقررة أن
"مراقبة تطبیق النص المطعون فیه لا یكشف بذاته عن عیب دستوري، وأن المحكمة لا شأن لھا بكیفیة تطبیق القانون ولا بما یظھر عند ذلك من قصور ومثالب")6(. ولعل مما یلزم التنویه إلیھ ھنا ھو أن ما ورد من اختصاص في المادة )16( یجد أیضاً سنده الصریح في المادة )117( من الدستور، التي فوضت المجلس بوضع لائحة داخلیة - تصدر بقرار برلماني منه - تحكم وتنظم أعمالھ الداخلیة، بما في ذلك إسقاط العضویة، وھو ما یجعله )أي قرار إسقاط العضویة( واحدا من الأعمال البرلمانیة التي تخرج عن رقابة القضاء الدستوري.
كما یجد ھذا الاستبعاد سنده في أن إسقاط العضویة من عدمھا بالنسبة لسلطة المجلس بشأنھا یحكمھا فكرة الملاءمة السیاسیة بأبعادھا التقدیریة، وھو ما أشارت إلیه المذكرة التفسیریة للدستور في نطاق التصویر العام لنظام الحكم عندما جعلت ھذه الملاءمة "مسألة تعبر عن واقع الدولة وتتخیر أقدر الأصول
النظریة على التزام الحد الضروري من مقتضیات ھذا الواقع".
إن منح الدساتیر وقوانین المجالس التشریعیة منفردة الاختصاص والسلطة الحاسمة في مسألة إسقاط عضویة أعضائھا عبر إجراءات دقیقة تتضمن تقاریر اللجان والتصویت العام والأغلبیة الخاصة بالنسبة للبعض ھو نھج دستوري أصیل یستھدف حفظ الضمانات الأساسیة لعضو البرلمان خلال تأدیة مھامه خشیة من التربص بھ أو التعسف في مواجھته من قبل السلطات الأخرى، وكان من الحري بالمحكمة الدستوریة أن تتوقف عند ذلك.
وتأكیدا لأھمیة النص الدستوري الذي منح الاختصاص لمجلس الأمة في تنظیم وإدارة شؤونه، ذھب الفقه الكویتي إلى أنه: "وفقا لنص المادة )117( من الدستور یستطیع مجلس الأمة أن یضع لائحته بقرار یصدره، دون حاجة إلى إصدارھا بقانون یخضع لكافة الإجراءات التي یخضع لھا كل قانون )موافقة مجلس الأمة – تصدیق- إصدار- ونشر(")7(، وھو ما أیدناه من جھتنا وعبرنا عنھ في أحد مؤلفاتنا منذ وقت طویل بالقول إنھ آن الأوان: "لتصحیح ھذا الوضع الخاطئ، وإصدار )مجلس الأمة( لائحتھ الداخلیة بقرار منه")8(، ولذلك فإن ما نعبر عنه الآن لیس برأي جدید بمناسبة الحكم محل التعلیق، بل ھو موقف علمي مؤصل یستحضر أھمیة تعزیز الأدوات التي تحفظ توازن واستقلالیة السلطات الدستوریة، وخاصة السلطة التشریعیة منھا، في ممارستھا لمھامھا الجوھریة تشریعیاً ورقابیاً بشكل فعال، والتي تنوء بالصعاب الجسیمة.
لكن المحكمة الدستوریة في الحكم محل ھذا التعلیق أعرضت في حیثیاتھا عن المسلمات والمبادئ الدستوریة وتجاوزتھا، ومنحت لنفسھا بشكل مباشر - بتجاوز جسیم- الحق في رقابة الأعمال البرلمانیة بمناسبة بسط رقابتھا الدستوریة، حیث جاء في حیثیات الحكم أن:
"لھذه المحكمة كل الحق في بسط رقابتھا الدستوریة على أي نص تشریعي دون أن یحجبھا عن ذلك أي إجراء أو عمل في ممارسة اختصاصھا... فمثل ذلك الإجراء أوالعمل لا یأبھ لآثاره، ولا یحول بین المحكمة وممارسة دورھا".
ولذلك فإن ھذا الحكم یعد مجافیاً للصواب بل ویبیح للمحكمة أن تغشى میداناً محظورا علیھا لإھدارھا مبدأ الفصل بین السلطات وعلى وجه التحدید مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات، وفضلاً عن ذلك فإن مسلك المحكمة الخاطئ في الحكم محل التعلیق یتعارض مع الاتجاه المتواتر من قضاء المحكمة نفسھا، حیث استقر قضاؤھا على استثناء الأعمال البرلمانیة من رقابة المحكمة بحسبان اقتصار رقابتھا على المنازعة الدستوریة فقط، إذ قضت في حكم لھا بشأن الفصل بدستوریة قرار مجلس الأمة الصادر بجلسته المنعقدة في 1994/1/11 والمنشور بالجریدة الرسمیة بالعدد رقم 139 – بعدم إقرار المرسوم بقانون رقم 1990/35 في شأن محاكمة الوزراء بأنه
: "وإذا كان المجلس التشریعي یختص أساساً بالتشریع أي بإصدار قوانین ذات قواعد عامة مجردة وفقاً للإجراءات المرسومة دستوریاً، فإن الدستور قد خوله بالإضافة إلى ذلك اختصاصات أخرى یطلق علیھا اصطلاح الأعمال البرلمانیة، وھي جمیع الأعمال القانونیة والمادیة التي لیس لھا صفتا العمومیة والتجرید، والتي تصدر من المجلس التشریعي أو من إحدى لجانه أو أحد أعضائه، وھم بصدد القیام بوظائفھم المخولة لھم بموجب الدستور خارج نطاق وظیفة التشریع، ومن ثم فلا تعد أعمالا تشریعیة، مما یبعدھا عن مفھوم القوانین أو المراسیم بقوانین أو اللوائح، وعلى ذلك فھي تخرج عن رقابة المحكمة الدستوریة. ولما كان ذلك وكان قرار مجلس الأمة بإقرار أو عدم إقرار المرسوم بقانون الصادر في غیبته لا تتوافر فیه المقومات التي تدخلھ في زمرة القوانین التي یصدرھا المجلس إذا افتقد عناصر القاعدة القانونیة الملزمة من العمومیة والتجرید، ولم تتبع بصدده الإجراءات الدستوریة المقررة لسن القوانین، ومن ثم فإن قرار مجلس الأمة بعد إقرار المرسوم بقانون رقم 1990/35 في شأن محاكمة الوزراء لا یُعد من التشریعات التي حددھا الدستور والقانون. وأخضعھا لرقابة المحكمة الدستوریة، بما تضحى معه المحكمة الدستوریة غیر مختصة بالنزاع المطروح وھو ما یتعین القضاء به، دون حاجة إلى التعرض لما أورده الخصوم في مذكراتھم ومرافعاتھم الشفویة من دفاع، فلھذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم اختصاصھا بنظر الدعوى")9(.
وتعزیزا للتوجه الذي انتھت إلیه المحكمة الدستوریة، فقد شھدت نفس القضیة تقدیم رئیس مجلس الأمة طلب التدخل فیھا والدفع بعدم اختصاص المحكمة الدستوریة في موضوع المنازعة تأسیساً على أن عدم إقرار مجلس الأمة المرسوم بقانون رقم 90/35 في شأن محاكمة الوزراء لیس عملاً تشریعیاً مما یدخل في نطاق ولایة رقابة المحكمة الدستوریة وإنما ھو عمل برلماني ینفرد بطبیعة قانونیة خاصة.
وفي قضیة أخرى مماثلة بشأن طعن بعدم دستوریة المادة )17( من قانون المطبوعات والنشر رقم 61/3 وبعدم دستوریة البند خامساً من المادة الأولى من القانون رقم 81/20 المعدل بالقانون رقم 82/61، دفعت إدارة الفتوى والتشریع بأن المحكمة غیر مختصة بالفصل في النزاع الموضوعي لكونه من الأعمال السیاسیة المندرجة في أعمال السیادة والتي تخرج بطبیعتھا عن مجال الرقابة القضائیة لسائر المحاكم)10(.
ومن جھتھا، فقد قضت المحكمة الدستوریة العلیا في مصر بخروج الأعمال البرلمانیة من نطاق رقابتھا، وذلك بمناسبة النظر في طعن على قرار برلماني بترشیح رئیس الحزب الوطني الحاكم لولایة رئاسیة جدیدة، حیث أشارت إلى أن: "الدستور عھد، بنص المادة )175( منه، إلى المحكمة الدستوریة العلیا دون غیرھا بتولي الرقابة القضائیة على دستوریة القوانین واللوائح على الوجه المبین في القانون، وقد جرى قضاء ھذه المحكمة على أن الولایة التي تباشرھا في ھذا المجال لا تنبسط إلا على القانون بمعناه الموضوعي، باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونیة التي تتولد عنھا مراكز قانونیة عامة مجردة.."، معتبر ًة أن: "القرار الذي یصدر عن المجلس )مجلس الشعب( بترشیح مرشح لمنصب رئیس الجمھوریة ھو قرار وإن كان یصدر عن المجلس بوصفه عملاً برلمانیاً..وھو یُعد في فحواه ومضمونھ ذا طبیعة إجرائیة بحتة تحول وأن یكون تشریعاً أصلیاً أو فرعیاً مما تمتد إلیھ الرقابة القضائیة لھذه المحكمة على دستوریة القوانین واللوائح". وانتھت إلى الحكم بعدم اختصاصھا بنظر الدعوى)11(.
كما سلك قضاء مجلس الدولة المصري المسلك نفسه عندما قضى في أحد أحكامه بأن: "الأعمال التي تصدر عن السلطة التشریعیة لیست من طبیعة قانونیة واحدة، فمنھا القوانین التي أقرتھا السلطة التشریعیة وصدق علیھا رئیس الجمھوریة وأصدرھا، ویخرج الطعن علیھا من ولایة محاكم مجلس الدولة وینعقد الاختصاص بنظر الطعن على دستوریتھا للمحكمة الدستوریة العلیا دون سواھا.
كما أن السلطة التشریعیة یصدر عنھا أعمال برلمانیة تتعلق بإدارة شؤون البرلمان الداخلیة كانتخاب رئیس مجلس الشعب ورئیس مجلس الشورى وانتخاب كل مجلس والأعمال المتعلقة بالرقابة على أعمال السلطة التنفیذیة كتوجیه الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات وغیر ذلك من الأعمال المتعلقة بمباشرة السلطة التشریعیة لاختصاصھا الدستوري والقانوني، وكل ھذه الأعمال تخرج عن ولایة محاكم مجلس الدولة، ولم یسندھا المشرع إلى ولایة أیة جھة قضائیة أخرى، فھي تخرج عن ولایة المحاكم، فضلاً عن أن الأعمال البرلمانیة لم تخضع یوماً لرقابة أیة جھة قضائیة في مصر، ولم یتضمن تاریخ التشریع في مصر إسناد أیة رقابة على الأعمال البرلمانیة إلى إحدى جھات القضاء بما في ذلك المحكمة الدستوریة العلیا")12(.
إن مبدأ الفصل بین السلطات وممارسة مجلس الأمة لاختصاصاته البرلمانیة سواء في علاقته بالحكومة كما في الاستجوابات أو الأسئلة البرلمانیة، أو تصویتھ فیما یتعلق بشؤون أعضائه وحصانتھم وتصویتھم أو بشأن عضویتھم بلجانه أو بنظره طلبات إسقاط عضویتھم منه، بل إن كافة أعمال المجلس المتعلقة باختصاصاته ھي أعمال برلمانیة ما عدا إصدار القوانین وإجراءاتھا فھي فقط التي تتعلق بالتشریع والتي یمكن أن تراقبھا المحكمة الدستوریة، ومن ثم فإن الأصل في أعمال المجلس أنھا من الأعمال البرلمانیة الصرفة بطبیعتھا، ولا یمكن ولا یجوز للمحكمة الدستوریة أن تبسط رقابتھا علیھا واتخاذ دعوى عدم الدستوریة - كما في الحكم محل ھذاالتعلیق- مدخلاً ووسیلةً لذلك وھو المسلك الخاطئ للحكم محل التعلیق إذ لحقه عوار یعدم وجوده ویأتي على كل أثر له، إذ إن ذلك المسلك تجاوز على التوزیع الدستوري للاختصاصات والذي لا یجوز بحال من الأحوال للمحكمة الدستوریة ذاتھا أن تفتئت علیھ وتتخطاه، فكافة الأعمال البرلمانیة لا تخضع لرقابة المحكمة الدستوریة إطلاقاً وھو الإجماع الذي تنعقد علیھ أحكام القضاء المقارن )في فرنسا)13(، وألمانیا)14(، وإسبانیا وإیطالیا، ومصر)15(، وغیرھا من كافة الدول الأخرى التي تبنت الرقابة على دستوریة القوانین وھو ما تواترت علیھ أحكام المحكمة الدستوریة ذاتھا في الكویت أیضاً في كافة أحكامھا بصورة حاسمة ومستقرة، ومن ثم یستعصي على المحكمة الدستوریة نظرالعمل البرلماني ولو ُغّلف على ھیئة طعن بعدم الدستوریة كما في الطعن الماثل، مما كان یتعین علیھا رفضه شكلیاً من قبل المحكمة أو من قبل أیة جھة أدنى منزلة منھا )غرفة المشورة(.
بل إن قبوله منھا شكلاً فیه نكوص عن المستقر ونیل من مسلمات شكلیة تتمثل بعدم النظر بأي نعي على العمل البرلماني لانحسار ولایتھا عن الرقابة علیه ، وھو في الحكم محل التعلیق تجاوز صریح لنطاق اختصاصھما وقیودھا القانونیة لیحولھما لجھة تحكیم سیاسي وھو ما تنكبت طریقه وتجاوزته المحكمة وبل أھدرت بدیھیاته المسلم بھا والمستقرة، وكنا نأمل أن تنأى المحكمة الدستوریة بنفسھا عن متابعة ھذا التوجه الخاطئ الذي تھتز معه أركان الدستور ومبادئه وینال من مرجعیتھا ومكانتھا الدستوریة، حینما قبلت أن تصبح جھة تحكیم سیاسي لا محكمة قضاء دستوري، فتنظر في طعن بعدم الدستوریة حقیقته الزج بھا لتغشى میداناً لا ولایة لھا فیه، كي تنظر وتراقب عملاً برلمانیاً صرفاً مما یستعصي على اختصاصھا الولائي سواء أكان ھذا الإقحام لھا قد تم بصورة مباشرة أم غیر مباشرة، وھو ما كان یجب على المحكمة الدستوریة رفضه لخروجه بالكامل عن ولایتھا، ترسیخاً لمكانتھا المرجعیة الدستوریة والتي مناطھا الحفاظ على الدستور ولیس إھدار جوھر مبادئه وأحكامه والتي منھا )مبدأ الفصل ببن السلطات، وعدم اختصاصھا الولائي بالرقابة على الأعمال البرلمانیة، وھو المتواتر والمستقر في كافة أحكامھا السابقة، وھو أیضاً ما ینعقد علیه إجماع القضاء الدستوري المقارن كما أوردنا أعلاه()16(.
ولم یكن خافیاً على المحكمة أن الطعن المقدم إلیھا فاقد للمصلحة وھو ضرب من ضروب الطعون الانتخابیة الذي لُّبس لبوس الدعوى الدستوریة مما كان يستوجب رفضھا له شكلیاً.
ثالثاً- الحكم یھدر الطبیعة البرلمانیة للائحة الداخلیة وأھمیتھا الدستوریة:
نصت المحكمة الدستوریة في حكمھا محل التعلیق أن اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة ھي قانون، وأنھا تدخل ضمن رقابتھا الدستوریة، معتبرة أن "الدستور قضى بأن یضع مجلس الأمة لائحته الداخلیة.. وذلك أخذا بما جاء في دساتیر مقارنة أخرى من أن یُترك للمجلس النیابي وضع لائحته الداخلیة، صدر القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة، وذلك على نحو ما اتبعته دول عدیدة من جعل اللائحة قانوناً، وتطبیقه حتى یكون للسلطة التنفیذیة من الشأن في أمور اللائحة ما لھا من الشأن في أمور القوانین الأخرى..". كما أكدت في حیثیات حكمھا أن: "رقابة الدستوریة التي تباشرھا ھذه المحكمة یقف مجالھا عند حد التحقق من مدى موافقة التشریع المطعون علیه لأحكام الدستور، وھي رقابة لھا طبیعة قانونیة لا جدال فیھا، وبالتالي فلا یسوغ - كأصل عام - التحدي بأن التشریع الذي تراقب المحكمة دستوریتھ - مھما بلغت أھمیتھ وأبعاده وآثاره – له قوة الدستور لا یجوز نقضه .
إن الموقف القانوني للمحكمة الدستوریة من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة كما بدا من النصوص المشار إلیھا خاصة، ومن مجمل ما ورد في الحكم محل التعلیق مجاف للحقائق الدستوریة وأصولھا، وھو یستحق التوقف عندھا بالبیان والتحلیل وذلك على النحو التالي:
- إن اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة تتسم بطبیعة فریدة ألا وھي أنھا ذات طبیعة دستوریة لارتباطھا بالمادة )117( من الدستور، وأنھا تندرج ضمن الأعمال البرلمانیة الخالصة إذ إن مجلس الأمة ینفرد بإصدارھا وتعدیلھا وإلغائھا وفقاً لصریح نص المادة )117( من الدستور وبقرار أو مجموعة قرارات
منه، ولم ینص الدستور على صدورھا بقانون كما تحاول المحكمة الدستوریة أن توحي بحیثیاتھا، بل نص الدستور على صدورھا بقرار من مجلس الأمة منفردا تحقیقاً لاستقلالیة المجلس بتنظیم شؤونه وسیادته على إجراءاته واختصاصاته.
وفِي ضوء ھذه الطبیعة الخاصة فإنه لیس بإمكان أیة سلطة أخرى - نزولاً عند مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات- أن تنظر أو تعقب أو تراقب اللائحة الداخلیة للمجلس، بما في ذلك المحكمة الدستوریة التي تنحسر ولایتھا عن فحص أو نظر مدى دستوریة نصوص أو أحكام اللائحة الداخلیة لكونھا تندرج ضمن الأعمال البرلمانیة لمجلس الأمة وتتمتع بطبیعة دستوریة تستعصي على المحكمة الدستوریة رقابتھا، باعتبار أنھا صدرت لتنظیم أعمال المجلس البرلمانیة وإجراءاته وشؤونه وترتیباته الداخلیة. ومن ثم فاللائحة الداخلیة برمتھا عمل برلماني خالص ذو طبیعة دستوریة استناد ًا للمادة )117( من الدستور. وأداة إصدارھا ھو قرار أو مجموعة قرارات من مجلس الأمة وھذه ھي الأداة التي كان یجب إصدارھا بھا، إلا أنھا قد صدرت بالكویت بالقانون رقم 12 لسنة
1963 وإصدارھا بأداة القانون َتزیُد لا ینال ولا یُغّیر في أساسھا الدستوري ولا ینال من قیمتھا ولا من طبیعتھا الخاصة المذكورة أعلاه، خلافاً لما أوردته المحكمة الدستوریة من محاولة للإیحاء بأن صدورھا بقانون یُغّیر من طبیعتھا، ومن ثم فإن خلاصة ذلك ھو أنھا - أي اللائحة - خارج نطاق رقابة المحكمة الدستوریة بل القضاء برمته لأنھا عمل برلماني خالص، ومن ثم فإن تعرض المحكمة الدستوریة لھا أو لنصوصھا وبسط رقابتھا علیھا، لا تُرتب أثرا ولا تُولد نتیجةً ولیس له أیة قیمة قانونیة، باعتبار أن ذلك تجاوز لأحكام الدستور وإھدار لمبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات الذي ینحدر بعمل - أي سلطة أو جھة تتعرض لنصوصھا، بما في ذلك المحكمة الدستوریة – لتصبح كالعدم لصیرورتھا عملاً مادیاً بحتاً فلا یكتسب قیمةً قانونیةً ولا یُحدث أي أثر إطلاقاً
- إن ما تجدر الإشارة إلیه في ھذا السیاق ھو أن المادة )117( من الدستور ھي تأكید لفكرة استقلال السلطة التشریعیة وانفرادھا بإدارة كافة شؤونھا وتنظیمھا بعیدا عن تدخل أي سلطة كانت، وھذه المادة الدستوریة )أي المادة )117( من الدستور( أوضحت بأن مجلس الأمة ھو الذي یضع لائحته الداخلیة،بمعنى أن مجلس الأمة ینفرد لوحده بوضع اللائحة تأكیدا لفكرة استقلاله من جھة، وتعزیزا لفكرة أنه سید قراراته في شأن ما قد یعن له من اختصاصات وما یحدده من إجراءات من جھة ثانیة، وھو ما من شأنه أن یجعل المادة )117( أساساً جوھریاً للائحة الداخلیة لمجلس الأمة التي تُعد متممةً للمادة )117(، باعتبار أن ما ورد بالمادة )117( من الدستور)17( ھو تفویض دستوري كامل لمجلس الأمة بوضع ھذه اللائحة بحیث یضفي على اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة طبیعة دستوریة تنبثق وترتبط بالمادة )117( وتعلو في مكانتھا عن بقیة القوانین نظرا لطبیعة ھذه اللائحة من الناحیة الدستوریة بالإضافة لاعتبار أن كل ما یأتي في اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة ھو من ضمن الأعمال البرلمانیة الخالصة التي ینفرد البرلمان في وضعھا، ومن ثم یستعصي على أي سلطة أن تتدخل بھا أو تنال من أحكامھا.
وھنا تجدر الإشارة إلى أن اللائحة الداخلیة بما ورد بھا من نصو ٍص وأحكام وفقاً لما قررته المادة )117( وبارتباطھا الوثیق بالدستور تكون خارج إمكانیة أن تبسط المحكمة الدستوریة أو غیرھا من المحاكم رقابتھا علیھا أو تخضعھا لاختصاصھا باعتبار أن ذلك یُعد اقتحاماً لمیدان السلطة التشریعیة وافتئاتاً مباشر ًا على فكرة التوزیع الدستوري للاختصاصات والذي أفرد مجلس الأمة بھذا الاختصاص الجوھري تعزیزا لاستقلاله وسیادته وأنه سید قراراته بشأن تنظیم شؤونه البرلمانیة على وجھ الاستقلال بصورة كاملة، من خلال لائحته الداخلیة وأحكامھا.
- إن النتیجة المترتبة عما سبق، ھو أنه إذا كانت اللائحة الداخلیة بھذه المكانة وبھذه المنزلة، فمن ثم لا یجوز أن تأتي أي محكمة أیاً كان موقعھا أو طبیعتھا لتتدخل في ما یتعلق بأیة إجراءات أو أحكام ترد في ھذه اللائحة لكون ذلك مما ینفرد باختصاصه البرلمان )مجلس الأمة( بعید ًا عن رقابة أي جھة كانت، وھنا ندرك بأن القرار التفسیري بشأن الطلب رقم 26 لسنة 1996 والذي أصدرته المحكمة الدستوریة بتاریخ 1997/1/8 بشأن طبیعة اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة حینما وصفتھا بأنھا ذات طبیعة دستوریة ومكملة لأحكام الدستور، حكم صحیح في فھم وتفسیر معنى وطبیعة اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة، وھذا الموقف من المحكمة لیس جدید ًا ولا منفرد ًا، فقد سبق لھا أن استشھدت بالمادة )122( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة في قرار تفسیري للمادة )99( من الدستور رقم 3 لسنة 1982، وفي سیاق مماثل. - وفي ضوء ذلك، فإن صدور اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة بقانون یعتبر تزید ًا لا یلغي طبیعتھا الخاصة
ولا یُغیر من مكانتھا التي حددتھا المادة )117( من الدستور، وھو ما یعني عدم جواز أن یتم النیل من أحكامھا أو إجراءاتھا باعتبارھا عصیة على الرقابة القضائیة بعیدة عن نطاقھا لكونھا تُنظم الأعمال البرلمانیة الخالصة لمجلس الأمة.
ومن ثم لا تنبسط علیھا رقابة القضاء إطلاقاً بما في ذلك المحكمة الدستوریة، فلیس للقضاء ولایة أیاً كان نوعھا على اللائحة الداخلیة، ومن ھنا فإن الحكم الذي صدر من المحكمة الدستوریة بالطعن رقم 6 لسنة 2018 )محل ھذا التعلیق( باعتباره للمادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة بأنھا غیر دستوریة یُعتبر حكماً قد تجاوز نطاق اختصاص المحكمة الدستوریة وطبیعتھا، حینما اقتحمت میدانا مما ینفرد به البرلمان لكونه یندرج ضمن الأعمال البرلمانیة، ومن ثم أحقیته في تنظیمھا بلائحته الداخلیة استنادا للتفویض الدستوري المقرر في المادة )117( من الدستور، وعلیه فإن حكم المحكمة الدستوریة الصادر في ھذا الخصوص لا یجد له قیمة ولا ینتج أثر ًا قانونیاً ولا یرتب أي نتیجة باعتبار أنھ قد تجاوز على مبدأ یسمو على كافة السلطات بما فیھا المحكمة الدستوریة ألا وھو مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات، وھو ما یجعل ھذا الحكم متجاوز ًا في أحكام الدستور خارجاً عن سیاق أحكامه وجاء من قبل المحكمة الدستوریة في نطاق وفي موضوع لیس لھا ولایة علیھ إطلاقاً، مما یعد حكمھا لا یتجاوز أن یكون عملاً مادیاً مما ینحدر بعملھا إلى مرحلة العدم أو العمل المادي البحت الذي لا یرتب أي أثر ولا ینتج أي حكم ولیس لھ أیة قیمة قانونیة في ھذا الصدد.
رابعاً- غیاب المصلحة المباشرة والصفة كأساس للطعن:
إن إجراءات الوصول للمحكمة الدستوریة منضبطة ومحددة، ومن بینھا بیان صفة الطاعنین ومدى توافرھا والمصلحة المرجوة)18(، ولا یمكن تخطي استیفاء تلك الإجراءات ولا متطلباتھا حتى من قبل المحكمة الدستوریة ذاتھا، وبالتأكید لیس بمقدور أیة جھة أدنى منھا أن تتخطى ذلك ومن باب أولى )سواء كانت غرفة المشورة التابعة للمحكمة الدستوریة، أو لجنة فحص الطعون، أو أي محكمة موضوعیة یتم الدفع أمامھا بعدم دستوریة قانون أو لائحة(، وھو ما أقرته المحكمة الدستوریة ذاتھا منذ وقت طویل بقولھا إنه: "لما كانت الدعوى الدستوریة نظر ًا لطبیعتھا كدعوى عینیة تستھدف التشریع المطعون علیه بالعیب، فقد وضع المشرع إجراءات تحریكھا وشروط قبولھا والاختصاص بنظرھا على نحو خاص مرسوم، وكانت تلك الإجراءات من مقومات الدعوى الدستوریة، فإن ولایة المحكمة الدستوریة بالفصل في دستوریة القوانین واللوائح لا تنعقد إلا باتباعھا، لتعلقھا بالنظام العام باعتبارھا شكلاً جوھریاً في التقاضي قصد بھ المشرع مصلحة عامة حتى ینتظم التداعي في المسائل الدستوریة بالإجراءات التي رسمھا، وإلا كانت الدعوى الدستوریة غیر مقبولة في حال تجنب تلك الإجراءات")19(.
وقد جانب المحكمة الدستوریة الصواب في الحكم الماثل محل التعلیق حینما قبلت قرار غرفة المشورة بالمحكمة الدستوریة والذي قررت فیھ قبول الطعن رقم )6( لسنة 2018 على أنھ جدیر بالنظر وقیده في سجل المحكمة "طعن مباشر دستوري" إذ إن قرارھا منتقد فھو معیب لتخلف تحقق شرط المصلحة المباشرة والصفة اللازمة في الطاعن لقبول طعنھ، وفقاً للتفصیل التالي. 1- الشروط والضوابط الشكلیة لقبول الطعن: إن من أھم الضوابط والشروط لقبول أي طعن مباشر أو غیر مباشر أمام المحكمة الدستوریة ذاتھا أو أي جھة أدنى مرتبطة بھا أو بالدعوى الدستوریة، ما یلي:
)أ(- أن یكون الطاعن لھ صفة ومصلحة مباشرة في الطعن بعدم دستوریة القانون أو اللائحة، وھو أمر لا یُفترض ولا یُبنى على القرائن بل لا بد أن یكون بیناً وجلیاً ومباشر ًا لیتم قبول الطعن بعدم الدستوریة، وھو ما نصت علیھ المادة الأولى من القانون رقم 109 لسنة 2014 بشأن المحكمة الدستوریة التي جاء فیھا أنه: "تضاف إلى القانون رقم 14 لسنة 1973 المشار إلیه مادة جدیدة برقم )رابعة مكرر ًا( نصھا كالآتي: لكل شخص طبیعي أو اعتباري الطعن بدعوى أصلیة أمام المحكمة الدستوریة في أي قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة إذا قامت لدیه شبھات جدیة بمخالفته لأحكام الدستور، وكانت له مصلحة شخصیة مباشرة في الطعن علیه".
كما قررت المحكمة الدستوریة ذاتھا عندما أشارت إلى أنه یجب أن: "..تكون للطاعن مصلحة شخصیة مباشرة والتي لا یقبل الطعن في غیبتھا، ومفاد ذلك أنه لا یكفي لقبول الطعن المباشر مجرد أن یكون النص التشریعي المطعون علیه مخالفاً في ذاته للدستور، بل یتعین أن یكون تطبیق ھذا النص على الطاعن قد أخل بأحد الحقوق التي كفلھا الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً، أو أن یكون تطبیقه علیه راجحاً وأن الإضرار بھ صار محتملاً")20(، وبذلك استوجبت غرفة المشورة في قرارھا أن تكون المصلحة مباشر ًة وغیر محتملة، وھو الأمر الذي لا ینطبق على الطاعن في ھذا الحكم محل ھذا التعلیق وھو خلل بین نال من سلامة الحكم ویعیب مسلك المحكمة بتجاوزه.
كما أن المحكمة الدستوریة قضت بأن: "مناط قبول الدعوى الدستوریة أمامھا رھین بقیام الدلیل على وجود ضرر لحق الخصم من جراء تطبیق النص المطعون علیھ")21(، وھو الأمر الذي لا ینطبق على الطاعن الذي یدعي أنه تضرر من عدم إسقاط عضویة نائب الدائرة الثالثة د. ولید الطبطبائي والدعوة لإجراء انتخابات تكمیلیة، إذ إن الضرر على افتراض وجوده غیر شخصي وھو عام، والمصلحة محتملة ولیست مباشرة ونظریة ولیس عملیة)22(. وقد ذھبت المحكمة الدستوریة في حكم سابق لھا إلى أن: "المصلحة المعتبرة قانوناً یجب ألا تكون محض مصلحة نظریة، غایتھا إما إبطال النصوص إبطالاً مجرد ًا...ومتى كان ذلك، وكانت الطاعنات – وھن كویتیات- غیر مخاطبات أصلاً بالحكم الوارد بالنصوص المطعون فیھا، بما تنتفي مصلحتھن في الطعن علیھا، مما یتخلف معه مناط قبول الطعن، ومن ثم یكون حریاً بالتقریر بعدم قبوله")23(.
لقد استقرت المحكمة الدستوریة ذاتھا في كافة أحكامھا السابقة على تحدید أكثر دقة للمصلحة الشخصیة المباشرة للطاعن، عندما أشارت إلى أنه: "یُشترط لقبول الدعوى الدستوریة توافر المصلحة الشخصیة المباشرة للطاعن في طعنه
ویتحدد مفھوم تلك المصلحة باجتماع شرطین:
أولھما: أن یُقدم المدعي الدلیل على أن ضرراً واقعیاً قد لحق به، ویتعین أن یكون ھذا الضرر مباشراً ومستق ًلا بعناصره، ممكناً إدراكه ومواجھته بالحكم بعدم الدستوریة، ولیس ضرراً نظریاً أو ُمجھلا، ولا یتصور أن تقوم المصلحة الشخصیة المباشرة إلا مرتبطة بدفع ذلك الضرر.
وثانیھما: أن یكون مرد الأمر في الضرر إلى النص التشریعي المطعون علیھ، فإذا لم یكن النص قد طبق على المدعي أصلا فإن المصلحة الشخصیة المباشرة تكون منتفیة.
وشرط المصلحة إنما ینفصل دوماً عن مطابقة النص التشریعي المطعون علیھ للدستور أو مخالفته لأحكامه")24(. وھو نفس الموقف الذي قضت بھ المحكمة الدستوریة العلیا المصریة في أحكام عدیدة)25(.
إن كل الأحكام السابقة التي تشرح الاتجاه المتواتر والمستقر لمفھوم وشروط المصلحة المباشرة الذي سارت علیه المحكمة الدستوریة وبتفصیل وتوصیف دقیق وضوابط واضحة للمصلحة الشخصیة والمباشرة، على نحو یؤكد انتفاءھا وعدم تحققھا في الحكم محل التعلیق، وھو ما یجعل حكم المحكمة الدستوریة محل التعلیق معیباً بعیب جوھري یھبط بالحكم لدرجھ العدم؛ إذ إنه غیر قائم على أسس تبنى علیھا الدعوى بعدم الدستوریة.
)ب(- أن یتقید الطعن بمواعید تسمح بقبوله شكلاً ونظره شكلیاً قبل المضي بفحصه موضوعیاً، سواء أكان طعناً بعدم الدستوریة، أو كان من الطعون الانتخابیة وھي التي تقدم بعد فترة محددة من إجراء الانتخابات ولا یمكن أن ینفتح باب الطعن من خلال إجراءاتھا )بناء على عبارات لا تمت للقانون بصلة مثل الإعابة على قرار مجلس الأمة بعدم إسقاط العضویة )وھو قرار برلماني صرف(، بحیث یكون من الممكن قانوناً أن یفتح باب الطعن بقرار عدم إسقاط عضویتي النائبین المذكورین أعلاه مدخلاً للطعن بعدم دستوریة المادة )16( من قانون اللائحة الداخلیة، فھذا الأساس ُمنبت الصلة بكل القواعد والمسلمات القانونیة، لا قیمة له ولا یُعول علیھ ولا یُلتفت إلیھ إطلاقاً(، ولا یصلح أساساً مدخلاً للطعن بعدم دستوریة المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم 12 لسنة 1963، وھو الأساس المنبت الصلة بدعوى عدم الدستوریة والذي قبلته المحكمة مجافیةً لحكم القانون والمستقر من أحكامھا المتواترة.
2- سلطة المحكمة الدستوریة في نظر الطعن شك ًلا وموضوعا:
(أ)- من الناحیة الشكلیة:
إن مناط قبول ونظر المحكمة الدستوریة للطعون التي تدخل في اختصاصھا وولایتھا، ھو أن یتصل الطعن بالمحكمة ویصلھا بإجراءات صحیحة قانوناً، أما إن تنكب أي طعن یحال إلیھا الطریق القانوني الصحیح لیكون مصاباً بعوار بین في إحالته إلیھا نظر ًا لفقدانه شروط وضوابط نظره ولائیاً أو قبولھ شكلیاً )على التفصیل الذي أوردنا أعلاه( وھو الحال في الطعن الذي تم قبوله في الحكم الماثل محل ھذا التعلیق، فإن المحكمة الدستوریة حتماً وقولاً واحد ًا لا تملك نظره لانحسار ولایتھا عنه وعدم اختصاصھا بنظره مما كان یستوجب علیھا رفضه شكلیاً بلا تردد حفاظاً على مرجعیتھا الدستوریة وانسجاماً مع أحكامھا المتواترة والمستقرة بعدم ولایتھا بنظر الأعمال البرلمانیة وإن غلفت بطعن عدم دستوریة لا وجود له من جھة لانعدام الصفة والمصلحة المباشرة، وللغایة غیر المشروعة للنیل من قرار برلماني خالص تحت غطاء الدعوى الدستوریة من جھة ثانیة، وأخیر ًا كان الأولى أن تنأى المحكمة بنفسھا ومكانتھا بألا تسمح بأن تتحول كما لو كانت ھیئة تحكیم سیاسي، ولیست محكمة قانون، بل محكمة ذات مرجعیة قانونیة ودستوریة في الدولة.
وفِي ضوء كل ما تقدم فإن المحكمة الدستوریة كانت لا تملك سوى الحكم بعدم نظر الطعن لخروجھ عن اختصاصھا الولائي ولا تقیدھا إحالة تنكبت صحیح حكم القانون حتى لو جاءت الإحالة من غرفة المشورة التابعة لھا، أما قبولھا الطعن وفصلھا فیھ بالحكم بعدم دستوریة المادة )16( - رغم ما شابھ من عوار- فإنھ یصم حكمھا بعیب جسیم، ینحدر بھ لمستوى الأعمال المادیة المجردة، التي لا تُنتج أثر ًا ولا تُرتب أي قیمة قانونیة لحكمھا.
(ب)- من الناحیة الموضوعیة:
لا خلاف أن المحكمة الدستوریة ھي المختصة بنظر الطعون المتعلقة بدستوریة القوانین واللوائح، دون غیرھا من المحاكم، وینبغي أن یكون الطعن قُدم للمحكمة بإجراءات اتصلت بالمحكمة اتصالاً صحیحاً لینھض معه اختصاصھا بالرقابة علیھ، وھو ما تنكب الطریق بشأنه الطعن الذي نبحثه ضمن الحكم محل التعلیق الماثل، باعتبار أن الطریق الإجرائي القانوني الصحیح كما سبق وأن أوضحنا أعلاه وھو ما كان یلزم حتماً رفضه من قبل المحكمة الدستوریة لخروجه عن ولایتھا القضائیة.
ولو افترضنا جدلاً أن الطعن اتصل بالمحكمة بإجراءات صحیحة، وھو فرض غیر صحیح، فإن المسألة الأخرى والأھم ھو انحسار ولایة المحكمة الدستوریة عن نظر الطعن موضوعیاً للأسباب السالف الإشارة إلیھا أیضاً وعلى وجه الخصوص اتخاذه وسیلة لبسط رقابة المحكمة الدستوریة على قرار من صلب الأعمال البرلمانیة الصرفة.
وترتیباً على ما سبق فإن المحكمة الدستوریة في الكویت في حكمھا محل التعلیق، لا تملك ولایة النظر في الطعن الماثل لخروجه عن ولایتھا موضوعیاً.
كما أنه لا محل للقول إننا أمام طعن بعدم الدستوریة مما تختص به المحكمة الدستوریة، إذ إننا في حقیقة الأمر أمام طعن بقرار برلماني لبس لبوس الطعن بعدم دستوریة القانون أحیاناً ولبس لبوساً یقترب من حالة الطعن الانتخابي أحیاناً أخرى، وفِي الحالتین نجد أن سلطة المحكمة الدستوریة منحسرة ولائیاً تماماً عن نظر الطعن المعروض علیھا موضوعیاً لكونھ من الأعمال البرلمانیة من جھة، ولعدم صحة إمكانیة قبولھ، موضوعیاً، سواء كونھ طعناً بعدم الدستوریة أو طعناً انتخابیاً من جھة ثانیة.
وھو ما نعتقد أنھ جانب المحكمة الصواب حینما حاولت أن تتصدى لقرار المجلس، الذي ھو عمل برلماني خالص یستعصي على المحكمة الدستوریة بسط رقابتھا علیھ، وھو وجه من وجوه الخروج على أحكام الدستور، وقد افتئت ھذا الخروج عن مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات، وھو العوار
الجسیم الذي شاب حكم المحكمة محل التعلیق.
خامساً-
المغالاة بشأن المساس بالسلطة القضائیة وتعطیل الأحكام القضائیة:
في نھجٍ مغال فیه وبعید عن وقائع الطعن المنظور، وفیه افتئات على اختصاصات السلطة التشریعیة، اعتبرت المحكمة الدستوریة في حكمھا أن:
"تطبیق المادة )82( من الدستور وإخضاعھا لإجراءات معینة وأغلبیة خاصة لإسقاط العضویة، بما فیھا حالة فقد شرط من شروط العضویة كأثر حتمي لحكم قضائي بات، بحیث )جعلت كون( ھذا الأمر رھیناً بمشیئة المجلس وتقدیره في إسقاط عضویته، مما یعد تدخلاً من )قِبل( السلطة التشریعیة في أعمال السلطة القضائیة.."، معتبرة أن ذلك ینطوي على تمییز غیر جائز ومنھي عنھ في تطبیق أحكام القضاء.
ومما لاشك فیه أن ھذا القول غیر سدید ووجه ذلك بأن تطبیق مجلس الأمة لمقتضیات ومتطلبات المواد )82( و)84( و)111( و)117( من الدستور والمادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة بل واستصحاباً لحكم المادة )50( من قانون الانتخاب، ھي ممارسة أصیلة لاختصاصا ٍت دستوریة منحتھا السلطة التأسیسیة الأصلیة لمجلس الأمة باعتباره المعبر عن إرادة الأمة في إطار نظام دیمقراطي، السیادة فیه للشعب یمارسھا على النحو المنصوص علیه في أحكام الدستور، ضمن الحدود الفاصلة لتوزیع الاختصاصات بین السلطات، ولذلك فإن تطبیق ھذه القواعد لا یُعد افتئاتاً على اختصاصات أي من السلطات الأخرى، بل إن كافة المواد الدستوریة المشار إلیھا )82( و)84( و)111( و)117( وغیرھا من المواد تضمنت تمییز ًا في إجراءات خصت بھا أعضاء مجلس الأمة لطبیعة مركزھم القانوني وھو تمییٌز مقصود وإیجابي ولیس منھیاً عنه كما أوردت المحكمة الدستوریة خطأً في حیثیاتھا.
كما أن المادة )16( من اللائحة تنص على إجراءات مناقشة مسألة وموضوع إسقاط العضویة البرلمانیة والتي تمر أولاً باللجنة التشریعیة، ومن ثم في جلسة عامة لمجلس الأمة بأكمله وسلطته بالتصویت على ذلك بقرار منه، ولا تنص على تصویت على تنفیذ الحكم القضائي من عدمه أو التصویت على أي أثر من آثار الحكم، ولذلك فإن القول بأن تقیید المجلس بإجراءات المادة )16( وتطبیقھا یمس السلطة القضائیة غیر صائب ویجانبه الصواب، ولو سلمنا بذلك وطبقنا الفھم الخاطئ للمحكمة الدستوریة على ضمانات وإجراءات أخرى قررھا الدستور ذاته بالنسبة لاختصاصات قانونیة أخرى في مجال إجراءات العفو والمحاكمات الجزائیة لوجب إلغاء مواد دستوریة وقانونیة أخرى وھي مغالاة غیر سدیدة ولیست بمحلھا.
كما إن إعمال مجلس الأمة لأحكام وإجراءات المادة )16( لا یُعد بحال من الأحوال تعطیلاً للأحكام القضائیة وافتئاتاً على السلطة القضائیة، حیث إن الجھات المكلفة بتنفیذ ھذه الأحكام ھي جھات تنفیذ الأحكام التي تتبع وزارة الداخلیة والسلطة التنفیذیة.
أضف إلى ذلك أن التصویت بعدم إسقاط العضویة لا یمنع تنفیذ الأحكام النھائیة الصادرة بحق أعضاء مجلس الأمة، لكنھ فقط یحتاج إلى إذن من المجلس ووفقاً لإجراءاته، وھو ما نصت علیھ صراحة المادة )111( من الدستور التي تشترط موافقة المجلس بشأن كل إجراء جزائي یتم بمواجھة عضو مجلس الأمة، كما أنه لا یعد بأي حال من الأحوال تدخلاً في أعمال السلطة القضائیة لأن تنفیذ الأحكام لیس من اختصاص السلطة القضائیة.
وإلى جانب ذلك یُعد القول بانطواء تطبیق أحكام وإجراءات المادة )16( على تمییز غیر جائز ومنھي عنه من الناحیة الدستوریة على أساس أن الأحكام القضائیة الباتة تُطبق على المواطنین ولا تُطبق على أعضاء مجلس الأمة، مردود ًا ولا حجیة لھ، فالأحكام بحق الأعضاء تظل قائمةً ولا تسقط ولا تنفذ إلا بإذن المجلس وبعد استیفاء كافة إجراءاتھ وفقاً للمادة )111( من الدستور وغیرھا، وعلى وجھ الخصوص المادتین )82( و)84( وكلاھما تحتاج لقرار من المجلس، الأولى لإسقاط العضویة، والثانیة لإعلان خلو مقعد عضو مجلس الأمة والذي لا یُعلن إلا بقرار من المجلس وفقاً لصراحة نص المادة )84( من الدستور.
سادساً- الحكم یتضمن تزیداً في غیر محله:
بالإضافة إلى ما سبقت الإشارة إلیھ من تزید أوردناه في مواضع مختلفة، فقد تضمنت حیثیات حكم المحكمة الدستوریة تزید ًا في غیر محله یصل إلى حد الافتئات على اختصاصات مجلس الأمة، حیث جنحت في فقرتھا الأخیرة قبل النطق بالحكم إلى النص على إجراءات یجب على المجلس اتخاذھا تتضمن إنفاذ حكم المادة )84( من الدستور، أي إعلان خلو مقعد النائب والدعوة إلى انتخابات تكمیلیة، وذلك "لزوماً دون أي تراخٍ أو إبطاء أو ترخص أو تقدیٍر".
ولا شك أن الحكمة وروح التعاون تقتضیان الابتعاد عن استخدام مثل ھذا التدخل المنھي عنه وعدم استخدام مثل ھذه المصطلحات واحترام اختصاصات السلطات الدستوریة الأخرى، إذ إن إسقاط عضویة أي نائب وإعلان خلو مقعده یقتضیان انعقاد مجلس الأمة وتصویت أعضائھ بالأغلبیة وفقاً لأحكام المادة )117( من الدستور والمواد )16( و)18( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة والمادة )50( من قانون الانتخاب.
سابعاً- الدور السلبي لمجلس الأمة والحكومة في الحكم:
في منطوق حكمھا نصت المحكمة الدستوریة على أنھا: "نظرت الطعن في الجلسة المعینة لنظره على الوجه المبین بمحضرھا، وفیھا حضر الطاعن بشخصه ومحامیه، وصمما على الطلبات، كما حضر ممثل إدارة الفتوى والتشریع عن الحكومة وفوض الرأي للمحكمة"، وھو ما یؤكد غیاب ممثلین لمجلس الأمة عن الجلسة رغم أن القضیة تتعلق في جوھرھا باختصاصاته الدستوریة والموضوعیة، وھو ما نستغربه ونعده قصور ًا كبیر ًا تتحمل مسؤولیته رئاسة المجلس ومكتب، وھذه سابقة خطیرة أن یقف مجلس الأمة موقف المتفرج في طعنأ أعلن به ولم یقم بواجب إبداء الرأي بشأنھ خصوصاً وأن وقائع الطعن ُموجھة للنیل من قرارهالذيأصدره بأغلبیته في جلسة 18/10/30،
كما أن الموقف الحكومي بدوره منتقد بسبب أھمیة اللائحة في تنظیم علاقة السلطة التنفیذیة بالسلطة التشریعیة وفي بیان وحفظ اختصاصات الحكومة ووزرائھا داخل مجلس الأمة وفي التعامل مع أعضائھ من خلال الأسئلة البرلمانیة ولجان التحقیق والاستجوابات وغیرھا، وكان علیھا أن تنتصر
وتساند الموقف الدستوري السدید لا أن تتخذ موقفاً سلبیاً.
ثامناً- آثار ونتائج الحكم:
إن منطوق حكم المحكمة الدستوریة قرر ما یلي: "عدم دستوریة المادة )16( من اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم 12 لسنة 1963، مع ما یترتب على ذلك من آثار"، وھو ما یعني:
1- أن الحكم الصادر من المحكمة الدستوریة قد جاء معیباً شكلیاً وموضوعیاً ومتعدیاً على الدستور ومبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات متجاھلاً أن اللائحة الداخلیة برمتھا ھي عمل برلماني خالص لا ولایة للمحكمة علیه، مما یترتب علیھ وفقاً للتفصیل الوارد في ھذا التعلیق تداعي الحكم وانحداره للعمل المادي الصرف الذي لا یحدث أثر ًا قانونیاً ولا یرتب نتیجةً فھو والعدم سواء.
2- بافتراض أن حكم المحكمة الدستوریة صحیح - وھو غیر صحیح - فإن الحكم قد قرر إنھاء وجود المادة )16( من یوم صدورھا، وھو ما یعني تلقائیاً استمرار وجود المادة )50( من قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962، فقد كانت المادة )16( ألغت المادة )50( لتعارضھا مع حكمھا.
3- أما وأن المادة )16( تم إنھاء وجودھا بحكم عدم دستوریتھا، فإنه یترتب على ذلك تلقائیاً بقاء نص المادة )50(، وھي التي تنظم آلیة وإجراءات إسقاط المجلس لعضویة أعضائه، ومن ثم فإن قرار المجلس الصادر بجلسة 018/10/30 برفض إسقاط عضویة النائبین د. ولید الطبطبائي ود. جمعان الحربش یظل ساریاً منتجاً لكافة آثاره، لأن حكم المحكمة الدستوریة - إن اعتبرناه قائماً ومنتجاً- یقتصر على عدم دستوریة المادة )16( وأثره یعید المادة )50( من قانون الانتخاب للوجود، وقد قضت المحكمة الدستوریة بأن: "الأصل في القاعدة القانونیة ھو سریانھا اعتبار ًا من تاریخ العمل بھا على الوقائع التي تتم في ظلھا حتى إلغائھا، فإذا أحل المشرع محلھا قاعد ًة جدید ًة تعین تطبیقھا اعتبار ًا من تاریخ نفاذھا وإھمال القاعدة القدیمة من تاریخ إلغائھا، وبذلك یتحدد مجال إعمال كل من القاعدتین من حیث الزمان، الذي نشأ مكتملاً من المراكز القانونیة – وجود ًا وأثر ًا- في ظل القاعدة القانونیة القدیمة یظل محكوماً بھا وحدھا")26(.
4- وفي جمیع الأحوال فإنه لیس للحكم أي أثر على القرار البرلماني الذي أصدره المجلس بجلسة 2018/10/30 برفض إسقاط عضویتي النائبین المذكورین لكونه صدر صحیحاً ومنتجاً لآثاره، وھو ضمن ما یملكه المجلس من اختصاص وصلاحیات في أن یقرر رأیھ بإسقاط العضویة وفقاً للمادة )82( من الدستور، وآلیتھا وفقاً إجراءات المادة )16( من اللائحة الداخلیة، وبفرض أن المادة المذكورة لا وجود لھا فسند المجلس في إصدار القرار المذكور یستمر صحیحاً ومستمد ًا من نص المادة )50( من قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1963.
5- وخلاصة لكل ما تقدم، تكون نتیجة كل ما سبق ھو سلامة قرار مجلس الأمة برفض إسقاط العضویة وھو قرار منتج لأثره ولا یطاله أثر حكم المحكمة الدستوریة بعدم دستوریة المادة )16(، إذ إن المحكمة الدستوریة لا تملك أي ولایة للتعرض لقرار المجلس لدخوله في عداد الأعمال البرلمانیة وھو ما أكدته المحكمة الدستوریة في حكمھا ذاته بالبند خامساً. ومن ثم فإن قرار المجلس برفض إسقاط العضویة قائم ومنتج لآثاره وأخصھا استمرار عضویة النائبین المذكورین.
إن قرارا برلمانیا صدر من قبل مجلس الأمة برفض إسقاط عضویة العضوین الطبطبائي والحربش، تماماً كما سبق لمجلس سابق أن رفض إسقاط عضویة العضو خلف دمیثیر.
وبناء علیه فإن القرار البرلماني یستمر ساریاً ومنتجاً لأثره وھو استمرار عضویة النائبین المذكورین، وحتى لو افترضنا أن حكم المحكمة الدستوریة غیر معیب )وھو معیب في المصلحة والاختصاص الولائي وفي اقتحام میدان یختص بھ المجلس منفرد ًا، فصار ھو والعدم سواء(، ولذلك فإن أثر حكم المحكمة لا یمكن أن یُغیر في قرارات برلمانیة نافذة أصدرھا المجلس،ولایمكن أن یُوجه المجلس في كیفیة التصدي لإسقاط عضویة أعضائه وإعلان خلو مقاعدھم؛ لأنه لیس من اختصاص المحكمة ذلك، وذكرھا لذلك ھو تزید لا قیمة لھ، خصوصاً وأن المحكمة أشارت في حكمھا ذاتھ أنھا لا تملك التصدي للأعمال البرلمانیة لعدم امتداد ولایتھا لھا، وھو ما یعني أن المحكمة جاءت بالنقیضین في ذات الحكم، وھو ما یؤكد خروجھا عن ولایتھا القضائیة.
الخاتمة:
إن مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات إلى جوار العدید من المبادئ الدستوریة الراسخة، ترسم حدودا فاصلةً وجوھریة بین السلطات الثلاث، بحیث أنھا تقف حائلا دون أي سلطة وإمكانیة التدخل في أعمال سلطة أخرى، ومن ثم فإن الحفاظ على سمّو الدستور وعلّو مكانته ھو مسؤولیة مشتركة لكافة السلطات ولا تقتصر على سلطة دون أخرى، ذلك أن مظنة التجاوز على أحكام الدستور وإھدارھا متصورة بحق كل سلطة منھا، ومن ھنا ینھض مبدأ "السلطة تحّد السلطة" لیكون ضمانة فعالة في إطار نظام دیموقراطي للأخذ بفكرة الرقابة المتبادلة، ومن وراء كل ذلك قدرة صاحب السلطة الأكبر والسیادة - ألا وھو الشعب- في مراقبة التزام السلطات باختصاصاتھا كما تكرس ذلك المادة )6( من الدستور التي تنص على أن:
"الأمة مصدر السلطات جمیعاً"، وھو ما یجعل ما جاء في الحكم محل التعلیق مشوباً بتجاوز صارخ للعدید من المبادئ الدستوریة، وفي مقدمتھا مبدأ التوزیع الدستوري للاختصاصات بین السلطات، حینما نظرت المحكمة الدستوریة في عدم دستوریة نص المادة )16( من اللائحة الداخلیة، وھي لا تملك اختصاصاً ولائیاً بذلك، إذ أنھا – أي المحكمة – إنما بسطت رقابتھا على عمل برلماني صرف، وقبلت دعوى في حقیقتھا لُبست لبوس الدعوى الدستوریة للنیل من قرار المجلس والذي ھو أیضاً عمل برلماني بما شاب حكم المحكمة محل ھذه الدراسة بعوار جسیم انحدر بھ إلى مدارج الأعمال المادیة البحتة، التي لا ترتب أثر ًا قانونیاً ولا تكتسب أیة قیمة أو حجیة على الإطلاق. فضلاً عن غیاب شرطي الصفة والمصلحة الشخصیة في الدعوى محل الحكم الوارد في ھذا التعلیق على نحو یھدر كافة أحكام المحكمة الدستوریة السابقة والتي فصلت في تحدید وتوصیف المصلحة الشخصیة المعتبرة، التي تكون أساساً قانونیاً سلیما لقبول الدعوى الدستوریة، وخلاصة ھذا التعلیق ھو أن حكم المحكمة الدستوریة محل ھذه الدراسة جاء مجافیاً للحقائق الدستوریة المستقرة وللمستقر من أحكام المحكمة ذاتھا المتواترة في ھذا الشأن، فضلاً عن مجافاته لمبادئ الدستور وأركانه الراسخة مما یترتب علیھ أن یكون ھو والعدم سواء.
هوامش
(4) یمكن إدراك ذلك القصد بقرار غرفة المشورة بالمحكمة التي قررت جدیة الطعن المباشر متجاھلة حقیقته وأنھ في حقیقته طعن انتخابي لُبس لبوس الدعوى الدستوریة وتجرده من المصلحة المباشرة وھو ما تكشف حقیقته تلك عبارة الطعن التي جاء فیھا )أن مصلحته ھي إلغاء المادة المذكورة وإعلان خلو مقعد النائب المشار إلیه والدعوة لانتخابات تكمیلیة بالدائرة حیث یعتزم خوضھا خاصة وأنه مقید بالدائرة الثالثة( وتتوافر فیھ شروط الترشیح.
(5) حكم الدستوریة رقم 1982/2 صادر بتاریخ 1982/6/28، وحكم رقم 1994/1، صادر بتاریخ 1994/5/17. وحكم رقم 1994/3 صادر بتاریخ 1994/6/29.
(6) حكم المحكمة الدستوریة رقم 2015/13 دستوري بتاریخ 2015/12/16.
(7) د. عثمان عبدالملك الصالح، النظام الدستوري والمؤسسات السیاسیة في الكویت، ط2، مؤسسة دار الكتب، الكویت، 2003، ص 549.
(8) د. محمد عبدالمحسن المقاطع، "الوسیط في النظام الدستوري ومؤسساتھ السیاسیة، الكویت، 2006، ص 350-351.
(9) حكم المحكمة الدستوریة رقم 1994/3 دستوري بتاریخ 1994/6/29.
(10) حكم المحكمة الدستوریة رقم 1994/3 دستوري بتاریخ 1994/6/29.
(11) القضیة رقم 24/38 ق.د. جلسة 2003/5/11، المجموعة ج 10، ص 1047.
(12) قضاء مجلس الدولة، الدعوى رقم 45931 لسنة 66 ق بتاریخ 2012/10/23.
(13) انظر حكم المجلس الدستوري الفرنسي في قضیة )آلان Allain( رقم 98538 بتاریخ فبرایر 1989، حیث قضى بعدم جواز نظر مجلس الدولة في قرارات السلطات الدستوریة التي تمارس تطبیقا للاختصاصات المنصوص علیھا في الدستور واستنادا لمبادئ الفصل بین السلطات الدستوریة. مشار إلیھ لدى: الزین مازن الصباح، مرجع سابق، ص 72-73. راجع كذلك مجموعة القرارات الكبرى للمجلس الدستوري الفرنسي من إعداد وتعلیق: Favoreu, Philip et Autres: Les grandes décisions du Conseil constitutionnel , éd. Dalloz, 18ème edition, Pp.175-233. كما استقرت أحكام مجلس الدولة الفرنسي كذلك على عدم اختصاص القضاء الإداري بالرقابة على الأعمال البرلمانیة احتراما لمبدأ الفصل بین السلطات. انظر: Conseil d’Etat Ass. 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale. Les grands arrêts de la jurisprudence
administrative, Par: Long, Weil et autres, éd. Dalloz, 21ème edition, Pp.694-703.
(14) انظر: حكم المحكمة الدستوریة الاتحادیة الألمانیة لسنة 1983 عندما رفضت الطعن المقدم على تصویت برلماني على سحب الثقة من حكومة المستشار ھیلموت كول باعتباره عملا وإجراء برلمانیا یجد أساسھ في المادة 68 من الدستور الألماني، رغم المؤاخذات التي قدمت بشأنھ لأنھ ھو من تقدم بھ وطلب من نواب تحالفھ الموافقة علیھ بعدما أشارت استطلاعات الرأي إلى تقدم تحالفھ في حالة إجراء انتخابات مبكرة. وھو ما أكدتھ أیضا في حكم ثان
لھا في سنة 2005، عندما أقدم المستشار شرویدر على قرار مماثل. مشار إلیھما لدى: الزین مازن الصباح، مرجع سابق، ص 58-59.
(15) راجع مجموعة المبادئ التي قررتھا المحكمة العلیا والمحكمة الدستوریة العلیا في أربعین عاما. إصدارات المحكمة الدستوریة، 1969- 2009. الجزء المتعلق باختصاصات المحكمة الدستوریة، ص 172 وما بعدھا. )16( المرجع السابق.
(17) انظر قرار المحكمة الدستوریة بشأن التفویض الذي تضمنتھ المادة )117( من الدستور لمجلس الأمة للانفراد بوضع لائحته الداخلیة بقرار منه.
(18) د. محمد عبدالمحسن المقاطع، دراسة في اتجاھات القضاء الدستوري الكویتي، مطبوعات جامعة الكویت، 1999، ص 67.
(19) الحكم رقم 5 لسنة 1994 دستوریة في 22 أبریل 1995.
(20) قرار غرفة المشورة في الطعن المباشر المقید برقم 1 لسنة 2016، بتاریخ 25 مایو 2016.
(21) حكم الدستوریة رقم 28 لسنة 2014 دستوري بتاریخ 9 مارس 2016.
(22) حكم الدستوریة رقم 28 لسنة 2015 دستوري بتاریخ 23 مارس 2016.
(23) قرار غرفة المشورة في الطعن المباشر المقید برقم 1 لسنة 2017 بتاریخ 23 مایو 2017.
(24) الحكم رقم 1997/15 دستوري بتاریخ 8 مارس 1997، الحكم رقم 2004/1 دستوري بتاریخ 3 أبریل 2004، الحكم رقم 98/9 دستوري بتاریخ 16 ینایر 1999، الحكم رقم 1998/2 دستوري بتاریخ 25 أبریل 1998.
(25) القضیة رقم 18/42 ق.د. جلسة 2000/11/4 المجموعة ج 9. ص 770. القضیة رقم 11/41 ق.د. جلسة 2000/11/8 المجموعة ج 9، ص 758. القضیة رقم 11/40 ق.د. جلسة 2000/11/8 المجموعة ج 9 ص 753.
(26) حكم المحكمة الدستوریة العلیا رقم 166 لسنة 34 قضائیة )دستوریة( الصادر بجلسة 2012/10/23.
المراجع: أو ًلا- باللغة العربیة:
- الزین مازن الصباح، سلطة القضاء الكویتي في حل البرلمان، رسالة ماجستیر مقدمة إلى كلیة القانون الكویتیة العالمیة، مارس 2016.
- محمد عبدالمحسن المقاطع:
• الوسیط في النظام الدستوري الكویتي ومؤسساتھ السیاسیة، الكویت، 2006.
• دراسة في اتجاھات القضاء الدستوري الكویتي، مطبوعات جامعة الكویت، 1999.
- مجموعة المبادئ التي قررتھا المحكمة العلیا والمحكمة الدستوریة العلیا في أربعین عاما. إصدارات المحكمة الدستوریة، 1969- 2009. الجزء المتعلق باختصاصات المحكمة الدستوریة.
- عثمان عبدالملك الصالح، النظام الدستوري والمؤسسات السیاسیة في الكویت، ط2، مؤسسة دار الكتب، الكویت، 2003.
ثانیاً- باللغة الأجنبیة:
- Favoreu, Philip et Autres: Les grandes décisions du Conseil constitutionnel, éd. Dalloz, 18ème edition.
- Conseil d’Etat Ass. 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale. Les grands arrêts de la jurisprudence administrative, Par: Long, Weil et autres, éd. Dalloz, 21ème edition.
ثالثاً- أحكام قضائیة:
- حكم المحكمة الدستوریة رقم 1982/2 صادر بتاریخ 1982/6/28. - حكم المحكمة الدستوریة الألمانیة الفیدرالیة لسنة 1983. - حكم المجلس الدستوري الفرنسي في قضیة )آلان Allain( رقم 98538 بتاریخ فبرایر 1989. - حكم المحكمة الدستوریة رقم 1994/3 دستوري بتاریخ 1994/6/29. - الحكم رقم 5 لسنة 1994 دستوریة في 22 أبریل 1995.
- قرار المحكمة الدستوریة رقم 6 لسنة 1996. - الحكم رقم 1997/15 دستوري بتاریخ 8 مارس 1997. - الحكم رقم 1998/2 دستوري بتاریخ 25 أبریل 1998. - الحكم رقم 98/9 دستوري بتاریخ 16 ینایر 1999. - القضیة رقم 11/40 ق.د. جلسة 2000/11/8 المجموعة ج 9.
- القضیة رقم 11/41 ق.د. جلسة 2000/11/8 المجموعة ج 9. - القضیة رقم 18/42 ق.د. جلسة 2000/11/4 المجموعة ج 9.
- القضیة رقم 24/38 ق.د. جلسة 2003/5/11، المجموعة ج 10.
- الحكم رقم 2004/1 دستوري بتاریخ 3 أبریل 2004.
- حكم المحكمة الدستوریة رقم 2015/13 دستوري بتاریخ 2015/12/16. - حكم المحكمة الدستوریة العلیا رقم 166 لسنة 34 قضائیة )دستوریة( الصادر بجلسة 2012/10/23.
- قضاء مجلس الدولة، الدعوى رقم 45931 لسنة 66 ق بتاریخ 2012/10/23.
- حكم الدستوریة رقم 28 لسنة 2014 دستوري بتاریخ 9 مارس 2016.
- حكم الدستوریة رقم 28 لسنة 2015 دستوري بتاریخ 23 مارس 2016.
- قرار غرفة المشورة في الطعن المباشر المقید برقم 1 لسنة 2016، بتاریخ 25 مایو 2016.
- قرار غرفة المشورة في الطعن المباشر المقید برقم 1 لسنة 2017 بتاریخ 23 مایو 2017.
تعليقات