محمد الرميحي يدعو إلى التفكير بالأمن الإقليمي العربي المستباح من إيران وغيرها
زاوية الكتابكتب د. محمد الرميحي ديسمبر 27, 2018, 8:39 ص 796 مشاهدات 0
الإهرام
فى تصريح لوزير الخارجية الإيرانى عند الحديث عن موقف الولايات المتحدة المعترض على التدخل الإيرانى فى المنطقة، يقول بتهكم: إنها منطقتنا، هم الأمريكان القادمون من خلف البحار، الذين يتدخلون فى شئونها؟.
على خلل الحجة وضعف منطقها، فان هذا الاقتناع يعنى أنه مسموح لأى دولة جارة بالتدخل فى شئون الدولة الأخري، فقط لأنها من نفس الاقليم، فهل يمكن تبرير تدخل تركيا أو باكستان أو افغانستان او حتى روسيا الاتحادية فى الشئون الايرانية الداخلية، فقط لأن كل تلك الدول ملاصقة للحدود الايرانية!
مثل هذا المنطق البعيد عن العقلانية ينم عن أن ايران الدولة اليوم ممثلة جيدة للنظام الشمولي، الذى لا يُسمح فيه لأحد المسئولين ان يناقش السياسة المتبعة بشكل عقلاني، غير القفز على اللامعقول من المزايدات والاستعانة باللامنطق.
التدخل الايرانى فى سوريا حتى وإن جاء باسم دعوة النظام السورى ، فهو بالتأكيد ضد رغبة أغلبية الشعب السوري، وهو تدخل يعبث اليوم فى تغير النسيج الاجتماعى السورى لمصلحة الدولة الايرانية، كما ان التدخل فى العراق يواجه بالكثير من المقاومة الشعبية، دليلنا على ذلك حرق القنصلية الايرانية قبل أشهر فى البصرة.
التدخل فى لبنان ايضا معترض عليه من اغلبية لبنانية، ولولا تحكم حزب الله بالسلاح الايراني، لما بقى لبنان رهينة لذلك التدخل، تحت شعارات جوفاء، وأوصلت لبنان إلى حافة الإفلاس الاقتصادى والسياسي، أما التدخل فى اليمن فهو مقاوم من أغلبية الشعب اليمني! بدليل هذه الحرب التى استمرت لأربع سنوات! لأن معظم اليمنيين يرفضون الحكم الكهنوتي.
الحقيقة ان أمن الاقليم العربى مستباح اليوم بشكل يظهر للعيان، فهذه روسيا و تركيا وإيران تستفرد بما تسميه رسم مستقبل سوريا، دون حتى حضور رسمى للنظام السورى نفسه! ،وهو امر لم يكن يتصوره احد حتى فى الخيال فى مسيرة التحرر العربى منذ الحرب العالمية الاولي.
كان هناك دائما حس وطنى لطرد او اعتراض التدخل الاجنبي، وقامت حركات عربية عديدة من المشرق الى المغرب تدافع عن الاستقلال. اليوم يتحول الاستعمار الى الاحتكار، كان الاستعمار يُطلب من القوى الاقتصادية المتوسعة فى دول الغرب الصناعي، اصبح الاحتكار, يُطلب من أقلية ذوى شهية مرتفعة للسلطة والبقاء فيها، رغم ارادة شعوبهم.
لا يريد النظام الايرانى أن يفهم أن ما يريد أن يفعله فى بلده هو حر مع شعبه، اما أن يفرض شكل حكم ارتضاه على غيره من الشعوب المجاورة، فهو ما نعترض عليه ونقاومه بشدة، فنحن فى بلادنا لا يستهوينا نظام (ولاية الفقيه) ولا ( احزاب الله) أو (انصار الله) نريد دولنا ان تتمتع بتنمية، وشعوبنا بحرية فى دول مدنية حديثة يحكمها العقل وتنحو الى التنمية واحترام المواطنة، لا تسلط فكر البشر الغابرين واجتهاداتهم، ولا لولاية دينية منقطعة عن العصر.
هذا هو الفرق بين ما نرغب به، وما نرغب ان تراه النخب الحاكمة اليوم فى ايران. لقد تجاوز المصريون بشجاعة حكم (المرشد)! فى ايام اخرى سوداء مشحون بخرافة الأيديولوجيا، ويراد أن يفرض اليوم شكل من أشكال ذلك الحكم المحمل على تلك الخرافة، على بعض الدول العربية من خلال التدخل الايراني.، هو خرافى ولا يحمل مشروعا حضاريا غير التضليل الذى يجيده، والاستقواء بنصوص فى غير مكانها أو معناها، وإشاعة الصراعات والحروب، التى هدمت مدنا عربية وشتتت شعوبا عربية، وأفقرت أخري!.
إن مواجهتنا الأزمات كعرب شابها الكثير من التشويش والخروج عن العلمية، فقد أفرز ظهور ونشوء اسرائيل اسوأ ما فى المنطقة بعد أن سارت لفترة فى ازدهار مدنى نسبي، كما افرزت المنطقة اسوأ ما فيها مرة أخرى مع ردة الفعل على الثورة الايرانية، فقوبل التشنج الدينى المذهبي، بتشنج مماثل له ومعاكس فى الاتجاه، فدخلت المنطقة فى غيبوبة دينية وإفرازات من بعض ما افرزت القاعدة و داعش وأمثالها من ردات الفعل غير المدروسة على ممارسات تلك الثورة الايرانية.
اليوم علينا ان ننظر الى أمن الاقليم، ليس من منظور ردات الفعل المتشنجة، بل من وضع حجر أساس للتقدم وتحصين الجبهة الداخلية، من خلال دولة مدنية عادلة، تنظر الى التنمية الشاملة كمتطلب أساسى إلى استقرار الإقليم.
تعليقات