مظفر عبدالله يتساءل : لماذا الإحتفال بخلع أو لبس الحجاب مادام القرار شخصياً ؟

زاوية الكتاب

كتب 851 مشاهدات 0


الجريدة

أول العمود :

هل إعلان إحدى شهيرات التواصل الاجتماعي دخلها الشهري هو المشكلة أم عدم وجود نظام ضريبي شامل كحال الدول الأخرى؟

***

هذا موضوع شائك، أعلم ذلك، لكنه يجب أن يخضع لنقاش هادئ. مسألة نزع النساء للحجاب دائماً ما تثير ضجة في المجتمعات العربية المحافظة، وأقول ضجة وليس نقاشاً عقلانياً يُقَدِّر احترام القرار الشخصي للأفراد.

حدثت أكثر من مرة نقاشات غير ناضجة في وسائل التواصل الاجتماعي حول مسألة نزع الحجاب في الكويت على سبيل المثال وكان سببها قيام سيدات بذلك، ودائماً ما يجنح النقاش حول هذا الموضوع إلى إنتاج فريقين تقليديين، مع وضد، وهو الأمر التقليدي الذي لا يؤدي إلى نتيجة يستفيد منها الناس.

في نظري أن مسألة اللباس عموماً - لا الحجاب تحديداً - يجب أن تُناقش ضمن سياق التطور التاريخي والاجتماعي الذي يطرأ على الأزياء للجنسين معاً في أكثر من مجتمع أو قومية ما، فالظروف العملية والتحضُّر والمسألة الاقتصادية وعلاقة الرجل بالمرأة عوامل تدخل في تقدير مناسبة هذا الزي عن ذاك للذوق العام السائد في مكان وزمان ما.

في الكويت حدث أن خلعت سيدات فاضلات حجابهن فكانت النتيجة كما توقعناه دائماً، فريقي الـ "مع" والـ "ضد" أداروا النقاش، وضاعت بين هؤلاء أسئلة جوهرية يمكن أن نأتي ببعضها اجتهاداً.

فنحن لا نستمع لمن قررت ترك الحجاب وأسباب ذلك، رغم أنه أساس الموضوع، لكننا نحرص على رجمها بالكلام! ونحن نفترض مسبقاً أن قلة الديانة هي التي تقف وراء هذا التصرف الذي أحسبه قراراً شخصياً واجب الاحترام. ونحن أيضاً نعتقد أن الاحتشام لا يكتمل إلا بزي محدد للمرأة رغم أن الحجاب ليس دليلاً على خُلُق يتسق مع الدين، ويغفل البعض عن ذكر قصص إجبار الفتيات على لبس الحجاب دون رغبة وقناعة وهو الأهم، وإن كان هناك رأي بلزومية الحجاب فإن تركه لا يُكفِّر ولا يُخرج من المِلة.

بالطبع، ومن الضروري ترك كل فريق الدفاع عن وجهة نظرة كما حدث منذ مدة قصيرة في الكويت حيث عقدت ندوات تطالب بالذود عن الحجاب وهو حق مكفول لمريديه، لكن تأكيد الحرية الشخصية هام هنا، فنحن نعيش في مجتمع مدني، وإن عدم ربط احتشام المرأة بالتسلط الذكوري وظروف عيش ملايين النساء العربيات والمسلمات البائسة سيؤدي إلى نتائج علمية فاسدة، فالأصل هو توصيف الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعائلي الذي تعيشه المرأة قبل الحديث عن نزع حجاب في هذا البلد أو ذاك.

مسألة أخرى تلفت الانتباه وهي إعلان المظاهر الاحتفالية عند البعض في حال نزع الحجاب أو لبسه، وحقيقة هما تصرفان لا يمكن فهمهما، فإن كان اللبس حرية وقراراً شخصياً فلماذا الاحتفال بذلك؟ أقصد: لماذا لا يتم الشيئان بهدوء وخصوصية؟

كما يجب الأخذ في الاعتبار مسألة سيطرة قوة الإجبار في فرض الحجاب في بعض المجتمعات في زمنٍ ما وضعفها في زمن آخر، مثال ذلك انتشار الحجاب بعد ثورة الخميني وبروز الحركات السلفية واتخاذها المجتمعات مسرحاً لصراعاتها، ففي ذلك الزمان - الثمانينيات - لم تكن النساء أكثر جرأة في قرار خلع الحجاب مقارنة بجرأتهن الآن، اليوم أصبحت معارضة الخلع اجتماعية تَنَمُّرية أكثر منها أيديولوجية دينية كما كان الحال في تلك الحقبة. وأخيراً، من الذي يقرر أن ما تخرج به المرأة من زي - وهي محجبة – هو الزي المثالي المطابق للشريعة الإسلامية؟ إذا نظرنا للأمثلة داخل البلد الواحد فسنجد أكثر من حجاب، وإذا خرجنا إلى الدول الإسلامية فسنجد عشرات الأشكال في طريقة اللباس، وكلٌّ يقول : هذا هو الزي المحتشم! من المفيد هنا الاطلاع على ظروف نزع حجاب هدى شعراوي من مصر، وخمار فاطمة حسين من الكويت، وحجاب صلوحة بوزقرو من تونس، وقراءة مداخلات نظيرة زين الدين من لبنان لتتوسع دائرة النقاش عن الظروف والأسباب، وذلك لغرض توسيع الرؤية.

في ظني أن ظروف الانفتاح في دول المنطقة الخليجية ستؤدي إلى مزيد من الجدل حول هذا الموضوع مستقبلاً، وإن حاد النقاش عن مسألة العفة (للرجل والمرأة معاً) فسنظل ندور في دائرة : هل أنت مع نزع الحجاب أم ضده؟

شخصياً لا أبارك لسيدة كانت سافرة وتحجبت، ولا أسأل عن سبب سفور سيدة نزعت حجابها، لأنني أعتبر هذا الشيء شخصياً جداً، ومن المعيب ذوقياً التعليق عليه.

تعليقات

اكتب تعليقك