مبارك الدويلة يحذر من تسيد الرويبضة وتواجد الأحرار إما في المهجر أو في أقبية السجون

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 1199 مشاهدات 0


القبس 

ما يحدث اليوم في الساحة الإعلامية المحلية بعد صدور حكم المحكمة الدستورية هو فرز طبيعي للتوجُّهات السياسية داخل المجتمع الكويتي، فهذا المجتمع الصغير مجتمع حيّ، متحرّك، غير جامد بأفكار أبنائه ومفكريه وسياسييه، ويحتضن مواقف متناقضة من الديموقراطية ضمن هذه الأفكار، فمن مؤيّد للممارسة الديموقراطية السليمة إلى راغب في مشاهدة الحكومة تسيطر على السلطتين ولا عزاء للتيارات السياسية ولا للإرادة الشعبية!

لذلك، شاهدنا في الأيام القليلة الماضية كل هذه التيارات المتباينة تكشّر عن أنيابها، فمعظم التيارات والقوى السياسية رأت في حكم الدستورية مخالفة صريحة لحكم المادتين 6 و50 من الدستور؛ فالأولى تدعو إلى أن تكون الأمة مصدر السلطات، والأخرى تدعو إلى الفصل بين السلطات، في حين الحكم فيه مساس واضح باختصاصات السلطة التشريعية ممثلة الأمة! وهذا الرأي يرى غرابة في هذا الحكم الذي يقرر عدم دستورية مادة تم اعتمادها قبل 55 عاماً من قبل الجهة التي اعتمدت دستور الكويت وأصدرته! ناهيك عن التكييف النفسي للقضية برمتها، فكيف لشخص أن يتم سجنه بسبب أنه شارك في كسر مقبض الباب، وفي ضياع مطرقة، ثم إذا ما تم انتخابه في مجلس الأمة يتم عزله بسبب الحكم الذي صدر عليه؛ لأنه تجاوز ثلاث سنوات فأصبح في حكم الجناية التي تكفي لاعتبار النائب فاقداً أحد شروط العضوية؟!

الفريق الآخر استغل صدور هذا الحكم ليكشف عن كمّ الكره الذي في صدره للممارسة الديموقراطية، واسترجع شريط كل المطبات لهذه الممارسة؛ ليعبّر عن رغبته في وأدها بحجة نوايا الفريق الآخر (الإرهابية) كما ورد في إحدى الصحف التي ذكرت المخططات الإرهابية لبعض النواب! ويبدو أن صراعاً قديماً بين القوى السياسية وبعض رموز الحكومة كان حاضراً بقوة بعد صدور الحكم، وأخذ شكل التشفّي والثأر! ما يفسّر لنا ظاهرة فتح البعض للملفات القديمة.

اليوم نحن أمام تحدٍّ يواجه الأمة، فإما أن يتم القبول بالأمر الواقع؛ وعليه سيتم فتح الباب لتنقيح الدستور، ومن خلال أحكام المحكمة الدستورية، وهنا لا نستبعد أن يأتي يوم يتم فيه تفريغ الدستور من محتواه، وتكون ديموقراطيتنا عرجاء برجل واحدة، وإما أن تكون ممارستنا للحياة البرلمانية عوراء بعين واحدة، كما هي الحال في دول العالم الثالث!

اليوم، وبعد صدور أحكام الدستورية تعالت بعض الأصوات تطالب بإقصاء تيارات سياسية بعينها، وكأنها تستبق نتائج القبول بهذه الأحكام، حيث من الممكن أن تنفرد السلطة التنفيذية، ويتم تقييد الحريات العامة وينتشر فرض الرأي الواحد، وعندها لا نستبعد أن يتسيّد الرويبضة، وتكون الجولة للأقزام، بينما سيتواجد الأحرار في المهجر أو في أقبية السجون، وستمارس الأغلبية هواية الصمت والقهر، ومن يدري، فقد يأتي يوم تتم محاسبتهم على صمتهم! وستكون الكلمة لبعض الإعلاميين، فبدلاً من محاسبتهم على أفعالهم الشنيعة نجد البعض يطالب بمحاسبة تيارات سياسية، كل ذنبها أنها أرادت أن تمارس الإصلاح، من خلال القنوات الدستورية المتاحة قبل أن تطولها يد الأحكام الدستورية!


تعليقات

اكتب تعليقك