د. حسن عبدالله جوهر يكتب: قانون أبوي ما يقدر إلا على أمي!

زاوية الكتاب

كتب د. حسن جوهر 634 مشاهدات 0


الجريدة:

عوداً على قانون التقاعد المبكر، خصوصاً بعد ردود أفعال بعض النواب الهستيرية التي حاولوا من خلالها التستر على فضيحة مواقفهم وانكشاف ضحالة فهمهم أو درايتهم بمحتوى التعديلات التي أقروها بسرعة البرق وحاولوا تضليل الرأي العام بأنها بشارة سارة للمواطنين، سوف نورد بعض الملاحظات التي تؤكد الحالة البائسة التي يعيشها البعض منهم.

أولى هذه الملاحظات تتمثل في القوة التصويتية التي حققها القانون المقترح، فقد أقام مجموعة من النواب الموافقين على التعديلات في المداولة الأولى الدنيا بالصراخ والانفعال وزعموا أنهم عباقرة زمانهم، وروجوا أن قانونهم حافل بالكثير من المزايا للمتقاعدين، وإذا أخذنا الحسبة العددية نجد أن هؤلاء الفطاحل لا يتعدى رقمهم عشرة أعضاء بعد أن أعلن خمسة من زملائهم أنهم صوتوا لمصلحة المقترح على مضض، أو كأنهم تجرعوا السم، لكن من عارض القانون، فقد بلغ عددهم 16 نائباً، الأمر الذي يبين أن من مرّر المداولة الأولى هي الحكومة، وهؤلاء القلة كانوا مجرد تبع لها.

ثانياً، ردة الفعل الشعبية آتت ثمارها في الضغط على النواب المؤيدين، فرغم مهاجمتهم العلنية وبشكل يفتقر إلى الفروسية وأخلاقيات الرأي والرأي الآخر، تم تقديم العديد من التعديلات وفي حالة إقرارها، وهذا ما سوف يتم بالفعل في المداولة الثانية، فهذا يعني أنهم سوف يلحسون كلامهم وتمجيدهم للمقترح "السوبر" بشكله الحالي، ولا أدري بأي وجه سوف يواجهون الناس بعدها، ولكن إذا شخّصنا نفسيات هؤلاء النواب فيكون من الطبيعي جداً أن يركبوا موجة ما اتهموا به المعارضين لهم من تضليل ومغالطات لا تستند إلى أسس سليمة!

ثالثاً، أي تضليل مارسه منتقدي الاقتراح العقيم؟ فهل ما تم بيانه بأن مقترح أصوات الصوت العالي "المتوهق" لا يفيد سوى 6-7 آلاف متقاعد فقط يعتبر تضليلاً؟ وهل أن خصم 2 في المئة من معاش المتقاعد المبكر، وإن أكمل المدة القانونية، لآخر عمره مغالطة؟ وهل استقطاع 25 في المئة من الراتب لمن لم يكمل مدة الخدمة في حدها الأقصى وهي خمس سنوات وبمعدل 5 في المئة سنوياً يعتبر افتراء على الاقتراح "اللي جاب العيد"؟

رابعاً، أليس التضليل الحقيقي هو ما يحاول بعض النواب التكسب المجاني منه على ظهر البسطاء من الناس، فنظام التوظيف الحالي بشكل عام لا يفيد 90 في المئة من الموظفين الحاليين في التقاعد المبكر، فالموظف في ظل القوانين الحالية يدخل سوق العمل بعد 24-25 سنة في حالة الجامعي، وإذا أخذنا سنوات الخدمة في قانون التأمينات يكون المتقاعد قد بلغ من العمر 54-55 سنة بعد إكمال 30 سنة خدمة، وبالتالي فإن الغالبية العظمى، لاسيما من الرجال، تتقاعد براتب كامل وبدون فضل ولا منة من أبواق النواب إياهم.

خامساً، ورغم كل ما قيل، فإن المحك الأساسي لمصداقية النواب يكون على محك التقاعد القسري الذي تملك الحكومة عصمته، فهل يتجرأ النواب "السباع" أن يواجهوا بذلك الحكومة كما يفعلون مع الناس أم سيتحولون إلى "نعامة" كالعادة عندما يكون "جبيلهم" الحكومة؟!

نتمنى ألا يستمر بعض النواب في جعل أنفسهم أضحوكة، وأن يستوعبوا الدرس بأنه كلما زاد صراخهم على الشعب انكشفوا أكثر بأنهم مجرد أدوات للحكومة وسوف تقل قيمتهم يوماً بعد يوم، فقد ولى زمن "أبوي ما يقدر إلا على أمي"!

تعليقات

اكتب تعليقك