لا نشتكي إلا لله أن يتحول حب النبي إلى غلو وجريمة! - يكتب د. حسن عبدالله جوهر
زاوية الكتابكتب د. حسن جوهر ديسمبر 17, 2018, 10:15 م 565 مشاهدات 0
الجريدة:
لا نشتكي إلا لله أن يتحول حب النبي إلى غلو وجريمة، بينما لا يتجرأ أصحاب هذا التفكير الظلامي أن ينبسوا ببنت شفة عندما يُتغنى بالزعماء والحكام وأصحاب المال زوراً وبهتاناً، وبما لا يستحقون إلى درجة القدسية!
من مآسي زماننا الأغبر أن نختلف كمسلمين في حب الرسول الأكرم محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو نتجادل في إبداء مشاعرنا والتعبير عن عشقنا لخاتم النبيين وسيد المرسلين وخيرة رب العالمين من الأولين والآخرين، أو نشغل الرأي العام بمناقشة مدح من أرسله الله رحمة للناس ووصفه بصاحب الخلق العظيم بين مؤيد ومعارض، والأدهى من ذلك كله أن تصل درجة الوقاحة إلى عزل خطيب من منبر رسول الله بتهمة الغلو في إطرائه والترحم على أمه الطاهرة المطهرة آمنة بنت وهب رضوان الله عليها!
إن حبنا القدسي وعشقنا الإلهي لنبينا المكرم لا يحده حد ولا يؤطر في إطار ويبلغ عنان السماء ويحلق في الفضاء اللامتناهي إكراماً واعتزازاً وسمواً لنعمة وجوده وفضل رسالته وعظيم شأنه وشأن ما جاء به والمآل الذي يبلغنا وإياه عند المليك المقتدر، ولذا فإن التلذذ بمآثر المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) والصدح بصفاته والتباهي بعظيم شأنه هو ما نعتز به، بل لا يساوي ذلك كله ذرة مما ذخره لنا في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وكيف لا يلهج اللسان بحبك يا رسول الله وأنت في محشر القيامة تنادي ربك: أمتي... أمتي.
أما أنتِ يا آمنة بنت وهب فذاك الرحم الطاهر الذي اختاره الله من بين نساء خلقه ليودع فيه أشرف بريته، ونهل منك أسرار الوجود، فقدمتِ أروع هدية إلى هذه الدنيا، فليمت بغيظه من لا يغبطك على هذه الكرامة الإلهية، وليشرب من محيطات العالم السبعة من يستنكر الترحم على روحك الزكية، فعليك صلوات الله وملائكته وعباده الصالحين ما بقي الليل والنهار.
نعود إلى زماننا الأغبر ولا نشتكي إلا لله أن يتحول حب النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى غلو وجريمة، بينما لا يتجرأ أصحاب هذا التفكير الظلامي أن ينبسوا ببنت شفة عندما يُتغنى بالزعماء والحكام وأصحاب المال زوراً وبهتاناً، وبما لا يستحقون لدرجة القدسية! أو يتحولون إلى تماثيل جامدة وقد حط على رؤوسهم الطير وهم ينظرون إلى حال أمة محمد (صلى الله وعليه وآله وسلم) وقد قتلوا من كل حدب وصوب، ودمرت بيوتهم، وأطفالهم يصارعون المرض والفقر، وأموال المسلمين بين نهب وسلب، وصور الرذيلة باتت تنخر في مجتمعاتهم، فلا يحرك ذلك فيهم ساكناً، ويصابون بعقم الفتوى، فهل من حال أكثر تعاسة وخذلاناً ومتاجرة بالدين أكثر من هذا؟!
إذا كان أصحاب مثل هذه الرؤى السطحية والفكر الضيّق والعقول الصغيرة يعطون لأنفسهم الحق فيما يعتقدون، فهذا شأنهم ولهم سجلهم وسيعرضون بكل ما لديهم أمام عدالة الرحمن، مثلنا والآخرين، ولكن من الذي يعطيهم حق الهيمنة والتفرد بالرأي وفرض نمط تفكيرهم على الغير؟ ولماذا تضعهم السلطة في مواقع اتخاذ القرار؟ وبأية صفة؟ ومن أية مرجعية قانونية أو شرعية ليبسطوا قواعد الفرقة والاختلاف بين الناس؟ فحتى في حب نبينا الكريم تريدون أن تزرعوا الفتنة في هذا البلد، وكأن ما نراه اليوم من مآسي الاحتقان والنفور لا يشفي غليل الضمائر السوداء!
تعليقات