د. عبدالرحمن الجيران يكتب: برامج الأمم المتحدة ضيعت هويتنا
زاوية الكتابكتب عبدالرحمن الجيران نوفمبر 22, 2018, 11:54 م 1041 مشاهدات 0
الراي:
لقد عالج رسول، الله صلى الله عليه وسلم، بحكمة وموعظة حسنة أنماط الشخصيات في جيل الشباب، وقابل كل طائفة بما يلائمها من علاج حتى استقامت النفوس وزكت الأخلاق، فانطلق الشباب لتأسيس حضارة الإسلام.
فهؤلاء الثلاثة نفر نشأوا على حب التدّين، وكانوا يتدفقون حيوية ونشاطاً سألوا زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبادته في البيت فتقالّوها، وقال أحدهم انا أصلي ولا أنام، وقال الثاني أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثالث أنا لا أتزوج النساء، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوسطية والاعتدال والتوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة، وأخبرهم أن سنته أن يتزوج النساء وأن يصوم ويفطر ويصلي وينام.
ونصح أبا ذر - رضي الله عنه - أن ينأى عن تحمل المسؤولية وأخبره أنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.
وجاء حنظلة - رضي الله عنه - وشكى من ضعف الإيمان والفتور الذي يشعر به إذا خالط المال والعيال فقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو تدومونَ على ما تكونونَ عندي لصافحتكُم الملائكةُ على فُرُشكُمْ وفي طُرقِكُم، ولكن يا حنظلةُ ساعةً وساعةً».
وفي حفيده الحسن بن علي - رضي الله عنه - في صغره غرس السؤدد وسلامة الصدر، ومحبة اجتماع الكلمة والألفة بين الناس، والصلح بينهم، وحقن دماء المسلمين بقوله: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وتحقق ما أراد على يد هذا الشاب فوقعوا الصلح في عام الجماعة بين العراق والشام.
وحينما رأى أن أسامة فيه أهلية القيادة نماها فيه بل رد على من طعن في إمرته حيث قال: «أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله وأيم الله إن كان لخليقاً بالإمارة وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليَّ».
وهكذا إذا توفر للشاب اليوم المعلِّم المخلص والعالم المتقن لامكن توجيه طاقاتهم لبناء انفسهم ومجتمعاتهم بدل تدميرها بالشذوذ وبالانقلابات!
كل الدراسات والإحصائيات تثبت أن الشباب العربي مهمل إذا استعرضنا بشكل سريع الإحصائيات الخاصة بفئة الشباب، حيث دأبت العديد من الدول على إعداد استراتيجيات خاصة بالشباب وعلى عقد المؤتمرات واللجان والندوات، إلا أن الملاحظ ينقصها تحديد اساس البناء وقواعد الانطلاقة، وهي الهوية والهدف... وهذه أهم مقومات الاستراتيجيات التربوية الناجحة، ولقد رأينا إهمال بعض الحكومات لفئة الشباب وتهميش دورهم في المجتمع كيف أدى إلى استغلالهم خارجياً من القوى الكبرى، لا سيما مع الانفتاح وداخلياً من الأحزاب والتيارات المنحرفة إلى أقصى اليمين واليسار، وماذا كانت نتائج الشعارات المسعورة التي رفعوها لإيهام الشباب وماذا كانت نتيجتها على العالم العربي والإسلامي؟
لا يخفى على المتابع مقدار الرصد الغربي لتوجهات وافكار الشباب، بل حتى ظاهرة الحجاب اقلقت دوائر صنع القرار في أوروبا فسنوا القوانين لمنعه! في بلد الحريات؟
وبعد دراسة مشاكل الشباب العربي طرح الغرب حلول عدة لمشاكل الشباب، واعتبر أن أكبر مشكلة أمام هذه الفئة هي الفقر وعدم الحصول على وظيفة وانعدم الرعاية الصحية؟ وقلة الاهتمام الشخصي؟ من الدولة وشغلوا الرأي العام العربي والإسلامي بهذه الأمور، وحصروا مشكلة الشباب فيها وشجعوا الدول والحكومات على الدخول في برامج التنمية والتعليم التابعة للأمم المتحدة بحجة رفع الناتج القومي، لدفع المزيد من الاتاوات لصندوق النقد الدولي! في مقابل تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم لنا بقوله: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط لكم الدنيا فتهلككم كما أهلكتهم».
الخلاصة: الأولى والأجدى من الدول العربية الراغبة بالنهوض تحديد الهوية، والهدف في دساتيرها والطريق الموصل لهذا الهدف، فلا هوية للشباب العربي غير الإسلام ولا طريق إلا الالتزام بأهداب الفضيلة، ولا هدف أسمى من تحقيق الإخلاص وتزكية النفوس للانطلاق لعمارة الكون والارتقاء لمعالي الأمور.
فهذا جيل الصحابة رضي الله عنهم وضعوا أساس حضارة امتدت 14 قرناً من الزمان فهل نعي هذا؟
تعليقات