طارق بورسلي يكتب: حتى لا تحدث كارثة الأمطار مرة أخرى

زاوية الكتاب

كتب طارق بورسلي 3688 مشاهدات 0


الأنباء: 

الدعوة لمحاسبة المسؤولين عن الأخطاء الإنشائية في مشاريع البنى التحتية التي كشفتها أمطار الأسبوع الماضي لا تكفي عبر لجنة تحقيق او إجراء إيقاف أو عزل مسؤول أو مسؤولين أو ثلاثة، بل المفروض أن تكون حاسمة وواضحة، ومن خلال متابعتنا نلاحظ ان دور البرلمان في مجال مراقبة العمل الحكومي غالبا ما يبقى حبيس الأسئلة ذات الطابع العام، كما أن الردود الحكومية تطغى عليها عادة لغة إنشائية ومضامين خشبية مما يجعل هذه الآلية غير ذات فعالية. وبالنسبة للجان التحقيق التي يشكلها البرلمان على قلتها فإن تقاريرها كثيرا ما تبقى مجمدة.

إن المحاسبة الموضوعية والفعالة في تحصين تدبير الشأن العام من الاختلال والانحراف لا يمكن أن تكون مزاجية أو انتقائية أو ظرفية أو وسيلة انتقامية لأسباب سياسية او غيرها، وإنما هي عملية تستند إلى القانون في شكلها وإجراءاتها وموضوعها وما يترتب عنها، وهي فحص وتحقيق موضوعي وحيادي يشمل أهداف وشكل ومضمون المسؤولية ونتائج مزاولتها، مع الأخذ بعين الاعتبار الوسائل المتوافرة وطريقة استعمالها والتزامها بمقتضيات القانون الذي يؤطرها ومدى تناسبها مع الحصيلة المنجزة.

ولا يمكن القيام بالمراقبة والمحاسبة على النحو المشار إليه إلا إذا كانت الجهة التي تتولى هذه المهمة تتمتع بالاستقلال والحياد ويتوافر طاقمها على المؤهلات الضرورية التي تكمن أساسا في المعرفة التامة بالقواعد القانونية المؤطرة لعملية التحقيق والتدقيق والتقيد بمقتضياتها من حيث الشكل، والإلمام الواسع بكل الجوانب القانونية والإدارية والمهنية المتعلقة بالجهة الخاضعة للمراقبة والالتزام بالموضوعية والنزاهة في التحري والبحث قبل استخلاص الملاحظات وتكوين القناعة مما يتطلب إتاحة الفرصة للمسؤولين للتعبير عن موقفهم وتقديم كل التوضيحات والبيانات بشأن الأعمال التي يتحملون مسؤوليتها والظروف التي يعملون فيها والوسائل الموضوعة رهن إشارتهم لإنجاز مهامهم وغير ذلك من البيانات.

وحينما تصدر الحكومة قرارا عقابيا فلابد أن يكون معللا وموضحا لجانب التقصير أو الإخلال أو التلاعب الذي يرتب المسؤولية ويوجب العقاب أو التأديب، وباعتبار أن موضوع المراقبة والمحاسبة يتعلق بتدبير الشأن العام فلابد من توضيح أسباب المراقبة ونتائجها وحيثيات القرارات المتخذة بشأنها للرأي العام.

والأمم التي تتطور وتتقدم هي التي تحرص قبل الوصول إلى أعمال المراقبة والمحاسبة على الوقاية من الفساد والانحراف وذلك بوضع واحترام معايير موضوعية يحددها القانون وتضمن تكافؤ الفرص وتكون الكفاءة هي وحدها عنصر الترجيح في تعيين المسؤولين وإسناد المناصب، ولا يبق المجال مفتوحا للمحسوبيات التي تؤدي إلى تسرب عدد من غير الاكفاء لمواقع المسؤولية مما يؤدي للاختلال وإهدار ونهب المال العام وتعطيل وتعثر المشاريع مستقبلا.

وهذه الدعوة حتى لا يظلم احد لا مسؤول او غير مسؤول ممن تضرر من كارثة الأمطار من مواطنين ومقيمين.

تعليقات

اكتب تعليقك