ما تشهده الساحة السياسية من تهدئة أمر متوقع يبقى ضمن الحلول الترقيعية الوقتية المعتادة والتخدير الموضعي - برأي د. حمد إسماعيل الأنصاري

زاوية الكتاب

حمد الأنصاري 751 مشاهدات 0


الراي:

أحداث كثيرة مرت خلال الأيام الماضية، سواء على المستوى المحلي أو الاقليمي، فما بين انطلاق العقوبات الأميركية الجديدة على إيران، وتداعيات قضية جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، وموجة تطبيع بعض دول مجلس التعاون مع الكيان الصهيوني، وصولاً إلى الوضع الداخلي وافتتاح دور الانعقاد الثالث وما صاحبه من أحداث كسحب استجواب رئيس الوزراء، واستجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة للمرة الثانية، من دون تقديم طلب طرح الثقة، ثم التصويت على بقاء عضوية النائبين وليد الطبطبائي وجمعان الحربش، وانتهاءً بتجهيز وزارة الإعلام آخر صيحات القوانين الحكومية بمنع ما يسمى الحسابات الوهمية.
شخصياً لست من المتحمسين للكتابة في الشأن الخارجي، فأنا أفضل عادة الكتابة حول القضايا المحلية التي تمس الشعب مباشرة وبشكل يومي، لكن ما يحدث حولنا اليوم يؤثر بشكل أو بآخر علينا في الكويت، فنحن نقع في منطقة جغرافية ملتهبة، وسيؤثر علينا حتماً ما يحدث فيها من أزمات سواء شئنا أم أبينا، بل يبدو لي أن الوضع الخارجي في الوقت الحالي هو المؤثر الأول على أي قضية سياسية محلية، فنحن نتابع ونترقب ما ستؤول إليه الأوضاع بخصوص العقوبات على إيران وتأثيرها على الكويت التي يفترض أن تطبق تلك العقوبات، خصوصاً أنها أقرب دول الخليج لإيران والعراق، كذلك التصعيد الدولي المصاحب لتداعيات قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وما سينتهي له من قرارات ستنعكس آثارها علينا بالضرورة، وقد أكد صاحب السمو أمير البلاد على ذلك في كلمته لافتتاح دور الانعقاد الثالث لمجلس الأمة، بل قد وصف المرحلة الحالية بأنها قد تكون الأخطر على حاضرنا ومستقبلنا، بعد أن تحولت المنطقة لساحة قتل ودمار، مطالباً أعضاء السلطة التشريعية أن يكونوا مدركين لتلك الأخطار ومقدرين لأبعاد تلك التحديات.
يبدو لي أن هذا الوضع الخارجي المضطرب والخطر، قد انعكس على افتتاح دور الانعقاد، الذي شهد استجواباً ثانياً لوزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، من دون تقديم طلب طرح الثقة، بل من دون إحداث ضجة تذكر، أما سحب الاستجواب المقدم لرئيس مجلس الوزراء، فأعتقد بأنه جاء بعد إعلان مجلس الوزراء عن عودة بعض الجناسي المسحوبة، وهو بوجهة نظري الشخصية تصرف غير مقبول، فعودة الجناسي تعني أن هناك ظلماً قد وقع على هؤلاء المواطنين يستدعي أن تحاسب الحكومة عليه، ولكن يبدو أن الوضع الاقليمي كان له دور في سحب هذا الاستجواب أيضاً، كذلك يبدو أن هناك نوعاً من التهدئة من الجانب الحكومي خصوصاً في موضوع إسقاط عضوية النائبين الطبطبائي والحربش، فعلى الرغم من تصويت الحكومة مع اسقاط عضويتيهما إلا أن النتيجة النهائية حسمت لعدم إسقاطها عبر أصوات نواب محسوبين على الحكومة.
الشاهد في الأمر، ان ما يحدث الآن في الساحة السياسية المحلية من تهدئة بحجة تداعيات وآثار الوضع الإقليمي الخطير جداً هو أمر متوقع، ولكنه يبقى ضمن إطار الحلول الترقيعية الوقتية المعتادة، والتخدير الموضعي الذي لا يحل أي مشكلة بل قد يفاقمها مستقبلاً، فنحن وإن اتفقنا على ضرورة التهدئة في ظل الوضع الخارجي المضطرب، إلا أننا يجب أن نعي خطورة تجاهل مشاكلنا الداخلية، وعدم المبادرة لحلحلة ملفات الأزمة السياسية، ففي مثل هذه الأوضاع الخارجية نحتاج أن نعزز ونقوّي جبهتنا الداخلية على قاعدتي المشاركة الشعبية والحريات، أما التعامل مع الأمور بطريقة «سيب وأنا أسيب» كما هو الواقع الحالي فلن يحل أي مشكلة ولن نعرف من خلاله «وين رايحين» في ظل ظروف إقليمية حرجة وخطرة.

تعليقات

اكتب تعليقك