ناصر العبدلي يكتب عن مانديلا الخامسة الذي تحول إلى " بيض الله وجيهكم "

زاوية الكتاب

كتب ناصر العبدلي 1175 مشاهدات 0


الراي

ازدهرت في فترة ما يسمى «الحراك» - قبل أن يتبرأ منه أصحابه - مفردات مثل «جيفارا الكويت»، «مانديلا الخامسة» و«أحرار الكويت»... غير أن تلك المفردات خفت صوتها تدريجيا عن الساحة، حتى استبدلت بمفردات مثل «بيض الله وجيهكم» و«ذخر طال عمرك»، و«الله لا يحرمنا منكم»، وفي الفترة ما بين تلك المفردات الثورية وعبارات الشكر التقليدية كان هناك «اعتذارات» و«صفقات» كما لو كان الأمر تخلياً عن النضال لا سمح الله!


هذا هو الفرق بين أن تكون «أداة» في أيدي الاخرين، وبين أن تكون مناضلاً تبحث عن الحرية، وتعمل على الانعتاق من قيود التخلف وكل ما يمت له بصلة، فعندما تكون الأول لا تملك قرارك، فإذا أبرموا صفقة كنت أنت أول ضحية لها، وإذا عجزوا عن إبرام تلك الصفقة وآثروا الانسحاب بهدوء أو هربوا، تركوك لتواجه مصيرك، لكن عندما تكون الثاني تستطيع أن تحلق إينما تريد، فالرقيب هو ضميرك فقط.


رموز المشروع الوطني: عبدالعزيز الصقر، عبداللطيف الغانم، جاسم القطامي، سامي المنيس، الدكتور أحمد الربعي، عبدالله النيباري... رحم الله من توفي منهم وأطال الله في عمر من تبقى، ظلوا على مواقفهم الصلبة في ما يتعلق بالدستور وأجواء الحرية، وكان لهم تضحيات جادة عند كل منعطف من منعطفات المشروع الوطني، لم ينجرفوا في يوم من الأيام لهكذا صراعات وتنافس بين أفراد الأسرة الحاكمة، حتى لايخلوا بالتوازن بين طرفي العقد الاجتماعي الأمر الذي أبقاهم رموزا يحتذى بهم.


لماذا بقوا بعيدين عن كل تلك الصراعات والتنافس، رغم أن أجواء الاستقطاب في حينها أكبر بكثير مما يحدث حاليا؟ لأنهم يعرفون جيدا أن الانحياز لأي طرف من أطراف الصراع والتنافس سيحول دون جدال الدستور والحريات إلى أداة من أدوات الصراع، وسيكون البلد والمكتسبات الشعبية ضحية كما يحدث الآن، وربما يكثر عدد الضحايا كما رأينا عند استخدام حقوق المواطنين كمصدات بشرية لكي لا تتطور آثار ذلك الصراع والتنافس وتؤثر على استقرار البلد.


تخيلوا معي لو ابتعد أعضاء مجلس الأمة والإعلاميون والمفكرون عن أجواء الصراع والتنافس تلك، وتركوا أبناء الأسرة الحاكمة يحسمون أمرهم، بل ويحلّون في ما بينهم وفق الصيغة التي يريدون، حسب ما حدد لهم الدستور، وتفرغنا نحن - أعضاء مجلس الأمة والإعلاميين والمفكرين وأصحاب الرأي - لتطوير مشروعنا الديموقراطي وتنميته، ألم يكن الأفضل لنا، خصوصاً وأن جهدا بذل في الاتجاه الخاطئ كان يمكن أن يوفر الوقت والجهد وكثرة الضحايا.


خمس سنوات مضت من عمر الوطن انشغل فيها الجميع بصراعات لا ناقة للشعب فيها ولا جمل، وكان الحري بنا أن نترك ساحتها لأصحابها، وألا ندس أنوفنا في ما لا يعنينا، وأن ننشغل بدلاً من ذلك على توفير الأرضية الخصبة لتنمو الديموقراطية كما نريد لها أن تكون نموذجا لدول الخليج، خصوصا بعدما بات واضحا أن استنزاف جهودنا في ساحة غير ساحتنا أبقى ساحتنا جامدة كل تلك السنوات.

تعليقات

اكتب تعليقك