أحمد الصراف يتساءل " هل آن أوان الكفر ؟"

زاوية الكتاب

كتب أحمد الصراف 810 مشاهدات 0


القبس

أعتقد أن غالبية المخلصين من ابناء هذا الوطن الجميل خالجتهم مشاعر مختلطة اتجاه الديموقراطية، خاصة في الأيام الأخيرة، وبعد أحداث جلسة يوم الثلاثاء الماضي بالذات. كما حزنوا لما وصلت له أوضاع الحكومة والمجلس. ولا شك أنهم تساءلوا سرا وعلنا عن مدى جدارتنا بنظام حكم ديموقراطي، وهل نحن بالفعل مؤهلون له، أم أن سنوات طويلة تفصلنا عن الممارسة الديموقراطية الصحيحة؟


لا شك أن أعداء الديموقراطية وأعداء المشاركة في الحكم الديموقراطي نجحوا بتفوق في خلق صورة بائسة للديموقراطية لدى الغالبية، بعد أن أصبحت وسيلة إثراء غير مشروع، وطريقا لإنجاز المعاملات غير القانونية، وهدفا لكسب واقتناص المناصب للأهل والأحبة، وبالتالي أصبحت الديموقراطية لا علاقة لها تقريبا بالمشاركة والرقابة والتشريع.


كنت أدخل مع المرحوم نبيل الفضل في مناقشات حادة بمدى أهمية الديموقراطية وصلاحيتها لمجتمعاتنا، وكنت أعتقد أننا مع الوقت سنتطور للأفضل، ولكنني أعترف بعد معايشة امتدت لأكثر من نصف قرن، ومشاركة في كل الانتخابات النيابية تقريبا، وبالرغم من أن غالبية من قمت باختيارهم نوابا لم يحالفهم الحظ، لأسباب معروفة، وربما كان نبيل الفضل، وابنه النائب الحالي أحمد من الاستثناءات، فإنني لم افقد ثقتي بالديموقراطية وبكونها الوسيلة الأفضل لإدارة البلاد وللرقابة على الجهاز التنفيذي، وأداة تشريع وحيدة، مع أن أيا من هذه الأهداف لم يتم تحقيقها بشكل جيد، فإنني بقيت على إيماني مع كل تراجعاتنا الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، ثم جاء الثلاثاء الأسود، فاكتشفت خطئي، وان الحكم الفردي هو ما نستحقه، وهو الأنسب وهو الأفضل، وإننا لسنا «كفو»، بعد أن أوصلتنا الديموقراطية الى مجلس لا يؤمن حتى نصفه بحق الوطن في الوجود أصلا، دع عنك بقية الأمور الخطيرة الأخرى، وبالتالي لم يتردد أعضاء فيه عن نهش لحمه، عن سابق إصرار وترصد.


نعم أعلن يأسي، وكفري بالديموقراطية، وبكل ما له علاقة بحكم الأغلبية. فقد فشلنا جميعا في سعينا، لأن ننضج ديموقراطيا، وهذا كان يمكن التغلب عليه، ولكن أوضاعنا جميعها ساءت أكثر، ونظرة لخلفيات من وصلوا للنيابة تبين لنا أن فهمنا وخياراتنا أصبحت تتراجع مع كل مجلس. وقد يقول قائل إن الحكومة تريد ذلك، وتريد توصيل هذه «الأشكال» للمجلس، وانها تتعمد عرقلة التطوير الإداري، لكي يضج المواطن، ويلجأ الى نائبه ليطلب منه التوسل للحكومة، لكي تعطي المواطن حقوقه، فيقع هذا تحت سيطرة الوزير بدلا من أن يكون إدارة رقابة على أعماله، وقد يكون هذا صحيحاً، ولكن يصعب إنكار حقيقة أن غالبية الناخبين لا يعرفون هذا الأمر، ولكنهم مع هذا لم يسعوا الى بذل أي جهد لتغيير الوضع، ورضوا بهذه الحال، وهذا دليل آخر على أننا لسنا «كفو» ولا نستحق الديموقراطية.


نعم نعلن كفرنا بها، وسنستمر إن بقيت الأوضاع على حالها، فكيف نؤيد مجلس أمة يقوم بعض نوابه باقتحامه، فيدان المقتحمون على فعلتهم، وتصدر الأحكام بحقهم، وهنا يتدخل زملاؤهم ليدافعوا عن حق المقتحمين في أن يستمروا نوابا، فينجحون، فيقوم المقتحمون بشكر المدافعين على «موقفهم المشرف».. وبين هؤلاء وأولئك نواب حكوميون؟!
***
توفي الكابتن فيصل ثنيان الغانم، وكان شخصا مهنيا وشريفا في عمله، وصاحب أفضال على الكثيرين، وكان من أوائل محبي كتاباتي وحثي على الاستمرار والصمود. عزاؤنا الصادق لأهله وأصحابه.

تعليقات

اكتب تعليقك