مذكرة قانونية ... عضوية وليد الطبطبائي صحيحة دستورياً وقانونياً

محليات وبرلمان

11 سبباً يقدمها دكتور محمد الدميثة لتأكيد دستورية المادة 16 من قانون الانتخاب

الآن 1161 مشاهدات 0


الرد على الطعن ] ٥ / ٢٠١٨ [ دستوري
المقامة من السيد / محمد طلال السعيد
بعدم دستورية المادة ١٦ من قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة وبالطعن على عضوية النائب وليد الطبطبائي
كتب الدكتور / محمد الدميثة العنزي – دكتوراه في فلسفة نظام الحكم في الكويت– قانون دستوري
سنفصل ردنا على الطعن سالف الذكر بفقرتين : الفقرة الأولى : بيان الأسباب الشكلية والموضوعية للطعن وطلباته الختامية . والفقرة الثانية : بيان رأينا في الطعن
وفقا للآتي بيانه
1
الفقرة الأولى
بيان الأسباب الشكلية والموضوعية للطعن وطلباته الختامية .
أولا : في قبول الطعن شكلاً :
استند الطاعن في طلبه بقبول الطعن بتوافر الصفة والمصلحة الشخصية المباشرة قائلاً :
] أن بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي على أثر زوال أحد الشروط القانونية اللازمة لاستمرارها فيه يترتب عليه أن تصبح عضوية مجلس الأمة عن الدائرة الثالثة شاغرة ويحق للطاعن التقدم لشغل هذه العضوية لحيازته لكافة الشروط القانونية اللازمة لشغل العضوية في مجلس الأمة كون اسمه مدرجًا في أحد جداول الانتخاب للدائرة الانتخابية الثالثة . لذلك فإن الطاعن تتوافر فيه الصفة والمصلحة في الطعن الماثل ، فيكون الطعن مقبول شكلاً خاصة بعد استيفاء الطاعن للكفالة المقررة قانونًا ، وتوقيع صحيفة الطعن من ثلاث
محامين موكلين أصليا بوكالات مرفقة طي صحيفة الطعن [ .
2
ثانيا : في موضوع الطعن :
قال الطاعن شارحًا لموضوع ووقائع طعنه الآتي :
من المقرر قانونًا أنه لا يجوز للتشريع الأدنى أن يخالف التشريع الأعلى أو يصدر مناقضًا له . والثابت من الدستور :
أن المادة ٨٢ من الدستور نصت صراحة على شروط جامعة وحصرية :
] أن يكون كويتي الجنسية ، وأن تتوافر فيه شروط الناخب وفقا لقانون الانتخاب ، وألا يقل سنة يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية ، وأن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابها [ .
وأنه من المقرر بالمادة ٢ من قانون الانتخاب رقم ٣٥ لسنة ١٩٦٢ بأن :
] يحرم من حق الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره [ .
3
وأن عدم توافر الشروط المقضي بها في المادتين ٨٢ من الدستور و ١٦ من قانون الانتخاب سواء مجتمعة أو منفردة يؤدي إلى فقدان العضو صفة العضوية في مجلس الأمة .
ولما كان ذلك ، فإن صدور حكم جزائي بات بعقوبة جناية في الجناية رقم ٩٤٦ / ٢٠١١ - تمييز رقم ١٥٤١ /٢٠١٧ جزائي / ١ ، ضد المعلن إليه الثاني وليد الطبطبائي ، بحبسه ثلاث سنوات وستة أشهر مع الشغل يجعله والحال كذلك
فاقد ًا لشرط م شروط العضوية في مجلس الأمة .
ومن ثم بات إعمال حكم الدستور ...... ويكون نص المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تشير إلى أن فقدان العضو لأحد الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب يستتبعه اتخاذ إجراءات إجرائية بتشكيل لجنة وعرض نتيجة عمل اللجنة للتصويت على الأعضاء هو في حقيقته قفز على
حكم المادة ٨٢ من الدستور ومخالفة لها [
4
ثالثًا : في طلبات الطاعن الختامية :
ختم الطاعن صحيفة الطعن بطلبين يلتمس من المحكمة الدستورية القضاء بهما :
أولا : القضاء بقبول الطعن شكلاً .
وثانيًا : القضاء بعدم دستورية المادة ١٦ من القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٦٣ بشأن اللائحة الداخلية فيما تضمنته من إجراءات مخالفة للدستور تم اتخاذها عند فقدان عضو مجلس الأمة لأحد شروط انتخابه الواردة بالمادة ٨٢ من الدستور ،
واعتبارها كأن لم تكن ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها ثبوت بطلان عضوية المعلن إليه الثاني ] وليد الطبطبائي [ ، وعدم صحة ما اتخذ بشأنه من
إجراءات وتصويت بمجلس الأمة .
5
الفقرة الثانية
رأينا في الطعن
بالرغم أن الدفع بعدم توافر المصلحة الشخصية المباشرة يبدى قبل تناول الدفوع الموضوعية ، إلا أنه بتفنيد موضوع الطعن سيسهل علينا فهم الدفع بعدم توافر المصلحة الشخصية المباشرة بصورة جلية .
لذلك سنبين رأينا في عدم سلامة موضوع الطعن ، ثم رأينا في انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للطاعن ، وفقا للآتي :
6
أولا : عدم سلامة موضوع الطعن
أن المادة ١٦ من قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة التي دفع الطاعن بمخالفتها للمادة ٨٢ من الدستور ، لا يقوم بشأنها شبهة ظاهرة بوجود تعارض بينها وبين المادة ٨٢ من الدستور ، وأن المبررات التي ساقها الطاعن لموضوع طعنه لا تستقيم مقوماتها للتقرير بهذا التعارض والحكم بعدم
دستوريتها واعتبارها كأن لم يكن .
والأسباب التي نراها – وفق تقديرنا - وتبين أن دفع الطاعن بعدم دستورية المادة ١٦ من قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لا تستقيم له مبررات جادة تُ ِعين على استنهاضه أمام المحكمة الدستورية مما يستتبع عدم سلامة
الطعن ، نفصلها بالشكل التالي :
السبب الأول : لعدم سلامة الطعن
من المقرر أن القضاء الدستوري يبحث في مدى توافق أحكام القانون مع الدستور من عدمه ، أي أن يكون مناط الطعن مبناه عيب دستوري . وهو في
7
سبيل أداء مهمته إنما يسعى إلى استجلاء الهدف الحقيقي الذي يتغياه التشريع وصولاً إلى إخضاعه لولايته الرقابية .
والتشريع في هذا الصدد لا يخضع لولاية المحكمة الدستورية طالما أنه لا يهدر نصًا في الدستور ، ولا يخالف حكمًا من أحكامه ، أو يصطدم بضابط أو قيد من الضوابط والقيود التي يكون الدستور قد حدد سلطة التشريع في أمر من
الأمور .
ومن المقرر أن الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية في شأن النصوص القانونية إنما تجد مجالها في مخالفة النصوص للدستور .
ولا شأن للرقابة الدستورية عند قيامها بتفسير النصوص التشريعية ، أو بكيفية تطبيقها عملاً ، وما ينجم عن ذلك من آثار ، ذلك أن الخطأ في تأويلها ، سواء بفهمها على غير معناها أو بتحريفها ، إذ أن العيوب في التفسير أو بكيفية تطبيقها وما ينجم عن ذلك لا يوقعها في حمأة مخالفة الدستور ، إذا
كانت النصوص صحيحة في ذاتها على ضوء الأحكام التي تضمنتها .
8
كما أن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية في شأن الشرعية الدستورية ، لا تستقيم موطنًا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في حمأة المخالفة الدستورية .
ذلك أن هذه المحكمة إنما تباشر رقابتها لضرورة تقتضيها ، وهي تكون كذلك كلما كانت النصوص المطعون عليها عصية على كل تفسير ، يوائم مضمونها وأحكام الدستور .
وبإنزال ما سلف بيانه من مبادئ دستورية استقرت عليها المحكمة الدستورية على موضوع الطعن يتضح جليا أن الطعن لا يستثير شبهة عدم الدستورية وليس لها ما يظاهرها أو أن يكون الطعن مرتكزًا على ما يبرره .
إذ أن المبررات التي ساقها الطاعن في طعنه لا تستقيم جادة ل ُت ِعين على استنهاض الطعن أمام القضاء الدستوري .
إذ أنه عند إعمال المحكمة لسلطتها بالتعرف على حقيقة الطعن دون التقيد
بحرفية العبارات والألفاظ المستخدمة أو بالتكييف المعطى لها وما يخلعه الطاعن
عليها من أوصاف ، باعتبار ذلك من فهم الواقع الذي تستقل به المحكمة
9
بتقديره ، وحسبما أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها في الأوراق .
سيتضح جليًا أمام المحكمة ناحيتين في الطعن
من الناحية الأولى :
أن الطاعن لم يبين أوجه المخالفة والمطاعن الموجهة إلى النص المطعون عليه من الناحية الموضوعية بيانًا كافيًا وافيًا نافيًا عنها كل غموض وتجهيل ، حتى يتحدد بهذه البيانات الجوهرية نطاق الدفع بعدم الدستورية ومحله ومداه .
ومن الناحية الثانية :
أن مؤدى طعن الطاعن تعلقه بتفسير المادة ١٦ لائحة ، وبكيفية تطبيقها عملاً ، وما نجم عن ذلكما التفسير والتطبيق من آثار برفض إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي .
وهذا المؤدى للطعن والذي لا يستقيم محلاً لمنازعة دستورية بَــي َّـنَـها الطاعن صراحة في الصفحتين ٧ و ٨ من طعنه بقوله :
10
صفحــ ٧ ــة :
] عندئذ يكون تخلف هذا الشرط أو غيره سببًا مباشرًا ووحيد وجازم في فقدان المرشح لمقومات ترشحه وأن كان عضوًا يكون تخلف هذا الشرط أو غيره من الشروط سببًا مباشرًا ووحيدًا وجازم في فقدانه للعضوية في مجلس الأمة [
صفحــ ٨ ــة :
] وعندئذ يكون نص المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تشير إلى أن فقدان العضو لأحد الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب يستتبعه اتخاذ إجراءات إجرائية بتشكيل لجنة وعرض نتيجة عمل تلك اللجنة للتصويت على الأعضاء وهو في حقيقته تعطيل وقفز على حكم الدستور الثابت بالمادة ٨٢ منه مما تثبت معه المخالفة الدستورية وتضحى المادة ١٦
من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة مخالفة لحكم الدستور [ .
وبالتالي فإن ما اعتبره الطاعن وجها لمخالفة المادة ١٦ من قانون اللائحة
الداخلية لحكم المادة ٨٢ من الدستور – على الفرض الجدلي بحدوث المخالفة –
فهي مخالفة تتعلق بالخطأ في تأويل حكم المادة ١٦ لائحة ، سواء بفهم حكمها
11
على غير معناها أو بتحريفها . وهذه المخالفة لا يوقعها في حمأة مخالفة الدستور ولا يعيبها دستوريًا .
ومــا يؤكد انتفاء العيب الدستوري عن المادة ١٦ لائحة وفقا للسالف بيانه أمرين :
الأمر الأول : لانتفاء العيب الدستوري عن المادة ١٦ لائحة :
أن نص المادة ١٦ لائحة لم يهدر شيئا من النظرية التي نص عليها حكم المادة ٨٢ من الدستور ، وكذلك لم تصطدم المادة ١٦ لائحة بأي شرط من الشروط التي حددت المادة ٨٢ من الدستور سلطة التشريع فيها بشأن فقد العضوية .
فحكم المادة ٨٢ من الدستور - وبمفهوم المخالفة – يقرر الحالات الموضوعية أو النظرية لإسقاط العضوية بأربعة حالات . وبالمثل فإن حكم المادة ١٦ أبقى على هذه الحالات الموضوعية أو النظرية ولم يلغي أي منها ، بل زاد عليها حالة
فقدان الأهلية المدنية .
12
وبالتالي تظل المادة ١٦ متفقة في شقها الموضوعي مع الشق الموضوعي للمادة ٨٢ من الدستور عندما عددت حالات إسقاط العضوية بما يتماثل مع الحالات الواردة في المادة ٨٢ من الدستور .
خاصة أن المادة ٨٢ من الدستور لم تتضمن في حكمها شق إجرائيًا يدفعنا إلى استظهار شبهة عدم الدستورية في الشق الإجرائي المنصوص عليه في المادة ١٦ لائحة .
ونقصد بذلك أن المادة ٨٢ من الدستور تضمنت تعدادًا - حصريًا – لحالات إسقاط العضوية وهذه الحالات - تعد والحال كذلك - هي الشق الموضوعي وحيد للمادة ٨٢ من الدستور ، إذ أنها – أي المادة ٨٢ - لم تنص على شق إجرائي يتعلق بكيفية السير في إسقاط العضوية عند تحقق حالة من الحالات سالفة
الذكر الموجبة لإسقاط عضوية مجلس الأمة . أما المادة ١٦ لائحة فقد تضمنت شقين :
الشق الأول : شق موضوعي نصت عليه الفقرة الأولى ويتماثل مع الشق
الموضوعي الوحيد للمادة ٨٢ من الدستور .
13
والشق الثاني : شق إجرائي نصت عليه الفقرة الثانية ويتعلق بكيفية السير في إسقاط العضوية عند مخالفة عضو مجلس الأمة للشق الموضوعي المنصوص عليه في المادة ٨٢ من الدستور .
وبالتالي فإن استنهاض العيب بعدم الدستورية لنص قانون مطعون فيه في مقابل حكم من أحكام الدستور ، يستوجب أن تكون المخالفة الدستورية بين المتقابلات ، أي بين شق موضوعي في نص القانون مع شق موضوعي في نص الدستور ، أو بين شق إجرائي في نـص القانون مع شق إجرائي في نص
الدستور .
وتدليلاً على ما سبق نجد – على سبيل المثال - أن المادة ١١١ من الدستور تتضمن - فقط - شق إجرائي للحصانة النيابية ، وبالتالي فإن ما يقابلها في نصوص لائحة المجلس وهو نص المادة ٢٠ منها ، نجدها قد نصت – فقط - على
شق إجرائي مماثل للمادة ١١١ من الدستور .
فإذا أثيرت منازعة دستورية أمام المحكمة الدستورية بين المادة ٢٠ لائحة وبين
المادة ١١١ من الدستور فإنها تكون في محلها الصحيح لأن المخالفة الدستورية
14
ستكون بين شقين متماثلين وهما شقين إجرائيين ، متى ما توافرت مبررات سائغة لهذه المنازعة .
أما عن طعن الطاعن :
فإنه بمطالعة وقائع هذا الطعن ومبرراته خاصة ما جاء في الصفحتين ٧ و ٨ منه نجد أن الطاعن أراد استنهاض العيب بعدم دستورية المادة ١٦ بين شقها الإجرائي في فقرتها الثانية مع الشق الموضوعي الوحيد في المادة ٨٢ من الدستور ، مما أوقع الطعن في مخالفة ما استقرت عليه المحكمة الدستورية من مبادئ بأنها لا تختص بالرقابة الدستورية على كيفية تطبيق حكم القانون ، أي تقصد المحكمة الدستورية بذلك أنها لا تختص بالرقابة على الشق الإجرائي لنص القانون المطعون فيه في مجال تطبيقه طالما أنه لا يوجد شق إجرائي يقابله
في أي حكم من أحكام الدستور .
15
والأمر الثاني : لانتفاء العيب الدستوري عن المادة ١٦ لائحة :
أن الطعن قال في الصفحــ ٧ ــــة منه :
] عندئذ يكون تخلف هذا الشرط أو غيره سببًا مباشرًا ووحيد وجازم في فقدان المرشح لمقومات ترشحه وأن كان عضوًا يكون تخلف هذا الشرط أو غيره من الشروط سببًا مباشرًا ووحيدًا وجازم في فقدانه للعضوية في مجلس الأمة [ .
وما قاله الطعن سالفًا يخالف ما استقرت عليه المحكمة الدستورية من :
] أن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية في شأن الشرعية الدستورية ، لا تستقيم موطنًا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في حمأة المخالفة الدستورية .
ذلك أن هذه المحكمة إنما تباشر رقابتها لضرورة تقتضيها ، وهي تكون كذلك كلما كانت النصوص المطعون عليها عصية على كل تفسير ، يوائم مضمونها وأحكام الدستور [ .
16
فالطاعن لم ينتبه فهمه إلى أن المادة ١٦ لائحة التي يعيبها دستوريًا تحتمل في مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في المخالفة الدستورية ، عندما قررت بأن العضوية لا تسقط إلا بموافقة الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة .
وبالتالي يتضح من اشتراط حكم المادة ١٦ أغلبية خاصة لإسقاط العضوية أنه من الممكن أن تسقط العضوية بتحقق هذه الأغلبية الخاصة . فيكون مضمون نص المادة ١٦ يحتمل التأويل بإسقاط العضوية إذا تحققت في عضو مجلس الأمة
إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور .
وهذا التأويل الواضح في المادة ١٦ من لائحة مجلس الأمة بأنه من الممكن أن تسقط العضوية بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة يجنب مضمونها الوقوع في حمأة المخالفة الدستورية ، خلاف ما جزم به الطاعن من أن رفض مجلس الأمة بإسقاط عضوية النائبين وليد الطبطبائي يوقع المادة ١٦
لائحة في مخالفة دستورية بتعارضها مع المادة ٨٢ من الدستور .
وبالتالي يكون مضمون المادة١٦ موائمًا وحكم المادة ٨٢ من الدستور ، ولا عوار
دستوري ينال منها طالما أن تأويلها في التطبيق ليس فيه جزما بعدم سقوط
17
العضوية بخلاف ما يرى الطاعن بأن المادة ١٦ لائحة جاءت بشكل يمنع التأويل نحو إسقاط العضوية مما تعد مخالفة للمادة ٨٢ من الدستور .
إن رقابة المحكمة الدستورية تكون ضرورية كلما كان النص المطعون عليه عصيًا على كل تفسير ، أما المادة ١٦ لائحة وباشتراطها موافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة لإسقاط العضوية فإن لا تكون عصيةً على التفسير الآخر بأنه إذا لم تتحقق هذه الأغلبية الخاصة فإن مآل العضوية يكون إلى السقوط ، وبالتالي فإن المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة تحصن نفسها
بنفسها من العيب بعدم الدستورية بحدوث التأويل في تفسيرها .
السبب الثاني : لعدم سلامة الطعن
أنـه كما أسلفنا ، بأن الطاعن بَــي َّـنَ صراحة في الصفحة ٨ من طعنه وجه المخالفة بين المادة ١٦ لائحة وبين المادة ٨٢ من الدستور بقوله :
18
صفحــ ٨ ــة :
] وعندئذ يكون نص المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تشير إلى أن فقدان العضو لأحد الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب يستتبعه اتخاذ إجراءات إجرائية بتشكيل لجنة وعرض نتيجة عمل تلك اللجنة للتصويت على الأعضاء وهو في حقيقته تعطيل وقفز على حكم الدستور الثابت بالمادة ٨٢ منه مما تثبت معه المخالفة الدستورية وتضحى المادة ١٦
من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة مخالفة لحكم الدستور [ .
وباستقراء وجه المخالفة التي حددها الطاعن في الصفحة ٨ من صحيفة طعنه ، فهي مخالفة تنصب على الإجراءات التي قررتها المادة ١٦ لائحة ، بأن وصم الطاعن هذه الإجراءات بعدم الدستورية .
وبشكل آخر ، فإن الطاعن قد عول على مثالب الإجراءات التي قررتها المادة ١٦ لائحة بشأن إسقاط العضوية من عدمه ، وأنه بالتالي تكون المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة غير ملاءمة لحكم المادة ٨٢ من الدستور ؛ فوصمها
الطاعن بعدم الدستورية .
19
هذا المخالفة سالفة البيان التي خطرت في بال الطاعن لا تقوم على أساس قويم ، إذ أنه قد سبق للمحكمة الدستورية أن قررت في حكمها الصادر فــي الطعن رقــم ] ٢٦ لسنة ٢٠١٢ دستوري [ بتاريخ ٢٥ / ٩ / ٢٠١٢ بأنه :
] لا شأن للمحكمة في بحث مدى ملاءمة النص ، ولا ما ظهر فيه من قصور ومثالب من جراء تطبيقه ، ولا بالإدعاء بأن النص لم تؤتى أكله وتتحقق غايته ، فهذه الأمور قد يستدعي معها النظر في تعديلها إذا كانت غير وافية المرام وذلك بالأداة القانونية المقررة طبقا للدستور ، بيد أنها لا تصلح أن تكون سببا للطعن عليها بعدم الدستورية لخروج ذلك عن مجال الرقابة القضائية لهذه
المحكمة [ .
إذن نستنتج أن ما يراه الطاعن من إجراءات قضت بها المادة ١٦ لائحة وعدم ملاءمتها لحكم المادة ٨٢ من الدستور يوصم المادة ١٦ بعدم الدستورية جاء على غير أساس قويم ، فهذه الإجراءات وتطبيقها ومدى ملاءمتها تخرج عن مجال الرقابة الدستورية ، ولا تملك المحكمة إلزام مجلس الأمة على نحو معين عند إعماله لحكم المادة ١٦ بأن تلزم أغلبية أعضائه الذين يتألف منهم إسقاط
20
العضوية عند تحقق حالة من حالات فقد عضو مجلس الأمة المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور ، وأن المحكمة الدستورية تحكم بعدم الدستورية إذا أخطأ مجلس الأمة في إعمال حكم المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة .
وبالتالي فإنه ليس من شأن رفض مجلس الأمة إسقاط العضوية أن يكون هذا العمل البرلماني أو المادة ١٦ برمتها مخالفًا أو مخالفةً لحكم المادة ٨٢ من الدستور .
السبب الثالث : لعدم سلامة الطعن
قال الطعن في الصحــ ٨ ـــة منه :
] نص المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والتي تشير إلى أن فقدان العضو لأحد الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب يستتبعه اتخاذ إجراءات إجرائية بتشكيل لجنة وعرض نتيجة عمل اللجنة للتصويت على
الأعضاء هو في حقيقته قفز على حكم المادة ٨٢ من الدستور ومخالفة لها [
21
والطعن يشير - هنا - ضمنيًا إلى أن المادة ١٦ لائحة تم استغلالها في ارتكاب مخالفة للمادة ٨٢ من الدستور عندما لم يصوت أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة بالموافقة على إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي بعد
أن صدر ضده حكم بات بعقوبة جناية .
إن ما ذهب إليه الطعن وبشكل ضمني بوجود استغلال تشريعي سيء لا يكشف بذاته عن عيب دستوري ، ولا يصلح بهذه المثابة للطعن بعدم الدستورية لانحسار رقابة المحكمة الدستورية عنه .
كما أنه لا يسوغ في مقام الوقوف على مدى دستورية المادة ١٦ لائحة التحدي بواقع متغير ؛ ذلك الواقع الذي يشير تارة إلى استغلال المادة ١٦ لائحة استغلا ًلا سيئًا عند رفض إسقاط العضوية ، وتارة أخرى يشير إلى الاستغلال الحسن عند الموافقة على إسقاط العضوية – وذلك حسب مفهوم الظن للطعن -
لتعييب القانون توصلاً إلى القضاء بعدم دستورية المادة ١٦ لائحة .
] انظر في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية الصادر فــي الطعن رقــم ٢٦ لسنة ٢٠١٢ دستوري ، بتاريخ ٢٥ / ٩ / ٢٠١٢ [
22
السبب الرابع : لعدم سلامة الطعن
إن الطعن على المادة ١٦ بعدم الدستورية الذي يراه الطاعن بأن الإجراءات التي نصت عليها مخالفة لحكم المادة ٨٢ من الدستور وفقا للسالف بيانه فاقدًا لسنده الصحيح في هذا الشأن ، نظرًا لأن الدستور ذاته في المادة ١١٧ منه قد فوض مجلس الأمة بأن يضع لائحته الداخلية متضمنة سير العمل في المجلس ولجانه وأصول المناقشة والتصويت وسائر الصلاحيات المنصوص عليها في
الدستور .
فإذا كان الدستور ذاته قد فوض في المادة ١١٧ منه مجلس الأمة بأن يضع أصول
المناقشة والتصويت ، فإن القواعد الإجرائية التي قررتها المادة ١٦ من لائحة
المجلس بما تضمنته هذه القواعد من إحالة موضوع إسقاط العضوية إلى لجنة
الشئون التشريعية والقانونية ثم التصويت عليه في اللجنة وفي المجلس وفقا
لقاعدة التصويت الحر التي قررتها المادة ١١٠ من الدستور بأن عضو مجلس
الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار في المجلس أو لجانه ، وما ينتهي إليه
هذا التصويت الحر من رفض إسقاط العضوية أو الموافقة على ذلك ، فإن هذه
23
الإجراءات تستمد وتبعًا لذلك معها المادة ١٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة شرعيتها الدستورية من الدستور ذاته في مادته ١١٧ منه .
أي أنه إذا كانت المادة ٨٢ من الدستور بينت شرعية حالات فقد عضوية مجلس الأمة دون إلزام على مجلس الأمة لسلوك موقف معين نحو رفض إسقاط العضوية أو الموافقة على إسقاطها ، فإن المادة ١١٧ من الدستور بذات الدرجة بينت شرعية الإجراءات التي نصت عليها المادة ١٦ من اللائحة الداخلية
لمجلس الأمة .
ومن المقرر أن المغايرة بين الأوضاع أو المراكز أو الأشخاص التي لا تتحدد واقعًا فيما بينها يملكها المشرع في إطار سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق ، وهي سلطة تتمثل جوهرها في إجراء المفاضلة بين البدائل المختلفة واختيار البديل الأكثر ملاءمة من غيره تحقيقًا للأغراض التي يتوخاها من هذا التنظيم ، وطالما كان هذا التقدير قائما على أسس موضوعية ، مستهدفًا تحقيق غايات مشروعة ، كافلاً وحدة تطبيق القاعدة القانونية في شأن الأشخاص المخاطبين بها ، فإن منح مجلس الأمة سلطة هذه المفاضلة بين إسقاط العضوية
24
أو رفض هذا الإسقاط على ذات الأسس الموضوعية المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور تجد سندها في ذلك التفويض الذي نصت عليه المادة ١١٧ من الدستور ، مما لا ينال المادة ١٦ من اللائحة أي عيب دستوري بموجب هذا التفويض نظرًا لأن هذه الإجراءات التي نصت عليها المادة ١٦ من لائحة المجلس تعد من صميم السياسة التشريعية التي يملك مجلس الأمة منفردا
تحديد مفهومها ومداها ونطاقها وكيفية إتباعها .
السبب الخامس : لعدم سلامة الطعن
أن المناط في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية هو باجتماع أمرين لازمين ،
أولهما : أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي ، وثانيهما : أن تقوم شبهة ظاهرة بوجود تعارض بين النص التشريعي المطعون فيه وبين نص في الدستور .
وباستقراء صحيفة الطعن نجد الطاعن قد أسس الدفع بعدم الدستورية على
قيام مجلس الأمة وإعمالاً للمادة ١٦ لائحة برفض إسقاط عضوية النائب وليد
الطبطبائي بالرغم من صدور حكم بات بعقوبة جناية .
25
وهذا الأساس الوحيد في بناء الطاعن لدفعه بعدم الدستورية لا يصلح لإثارته في منازعة دستورية ، لكون ما أتاه المجلس من تصويت برفض مجلس الأمة إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي يعد عملاً برلمانيا بحتًا . وهذا العمل لا يعد عيبًا دستوريًا ينال من المادة ١٦ لائحة ذاتها هذا من ناحية ، وأنه لا يخضع
لرقابة المحكمة الدستورية من ناحية أخرى .
ولما كان العمل البرلماني المتمثل برفض مجلس الأمة إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي لا يخضع لرقابة المحكمة الدستورية ويخرج عن ولايتها ، فإنه والحال كذلك يضحى معه الطعن بعدم دستورية المادة ١٦ من لائحة المجلس التي نظمت هذا العمل البرلماني غير مجدي إذ أن رقابة المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية المادة ١٦ لائحة يستتبع حتما بحث ما أجراه مجلس الأمة من عمل برلماني ، وهو ما تنحصر عنه رقابة المحكمة الدستورية ، وأنه بسبب انحصار هذه الرقابة عن العمل البرلماني فإن الحكم الصادر في المنازعة الدستورية - تبعًا لذلك – لا يكون له أي أثر في أصل النزاع الموضوعي الذي استند إليه الطاعن وهو النزاع بشأن رفض مجلس الأمة بإسقاط عضوية النائب
26
وليد الطبطبائي ، فتكون المنازعة الدستورية التي يثيرها الطاعن غير ذي موضوع فاقدة لمحلها .
] انظر حكم الدستورية رقم ٢ / ١٩٨٢ صادر بتاريخ ٢٨ / ٦ / ١٩٨٢ ،ورقم ١ / ١٩٩٤ ،ورقم ٣ / ١٩٩٤ [
إن عدم اختصاص المحكمة الدستورية ولائيًا بنظر الطعن المتعلق بالعمل البرلماني ، يعود لكون هذا العمل من أعمال سيادة البرلمان التي أحالت المادة ١١٧ من الدستور بشأنه إلى مجلس الأمة فقط وفقا للسالف بيانه .
فيكون حكم المادة ١١٧ من الدستور التي استبعدت الأعمال البرلمانية ومنها النظر في إسقاط العضوية من عدمه من رقابة القضاء الدستوري قد جعلت هذه الأعمال من اختصاص السلطة التشريعية .
وهذا الاستبعاد إنما تقرر لكون الأعمال البرلمانية يحكمها ضابط الملاءمة السياسية التي جعلتها مذكرة الدستور في بند التصوير العام لنظام الحكم شرطًا أوليًا يقيد أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية بقول مذكرة
الدستور :
27
] وفي النهاية فالمسألة قبل كل شيء مسألة ملاءمة سياسية تعبر عن واقع الدولة وتتخير أقدر الأصول النظرية على التزام الحد الضروري من مقتضيات هذا الواقع [ .
لذلك فإن ما قضت به المادة ١٦ من لائحة المجلس بأن لا يكون إسقاط العضوية إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس مما يفهم من ذلك أن هذه الأغلبية قد لا تتحقق فتستمر العضوية بالرغم من صدور عقوبة جناية ضد العضو أو تحقق أي حالة أخرى قررتها المادة ٨٢ من الدستور ، فإن كل ما
قضت به المادة ١٦ من اللائحة يأتي تحقيقًا للملاءمة السياسية الدستورية .
السبب السادس : لعدم سلامة الطعن
لقد بينا وفقا للسالف بيانه بأن المادة ١٦ المطعون عليها جاءت مقيدة بالحدود والضوابط الموضوعية التي فرضتها المادة ٨٢ من الدستور بأن تضمنت كافة هذه القواعد الموضوعية التي نصت عليها المادة ٨٢ من الدستور ، وأن ما قضت به المادة ١٦ من قواعد إجرائية بشأن كيفية مواجهة توافر حالة من
الحالات المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور ، فإن هذه المواجهة لا تعيب
28
المادة ١٦ بعدم الدستورية مهما اتخذ مجلس الأمة ناحية معينة في هذه المواجهة ، لكون الدستور – وكما أسلفنا - في المادة ١١٧ منه قد فوض مجلس الأمة بأن يضع القواعد القانونية الإجرائية لسائر صلاحياته المنصوص عليها في الدستور ، فيكون له تبعًا لذلك أن يتخذ ما يراه مناسبا في وضعه لهذه الإجراءات وفقًا لرقابة الملاءمة السياسية التي يراها مناسبة لسياسته التشريعية في إسقاط العضوية من عدمه ، أي تفويض الدستور لمجلس الأمة باختيار المواجهة التي يراها مناسبة عند تحقق أي حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور وفقا للملاءمة السياسية التي يختص بإعمالها
بعيدًا عن رقابة القضاء الدستوري .
لما كان ذلك ، وكان المادة ١٦ من اللائحة بسطت حماية تصطبغ بصبغة نيابية فرضتها مصلحة سياسية قوامها أن إسقاط العضوية عن من اكتسبها عند تحقق حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة ٨٢ من الدستور أو حالة فقد أهليته المدنية لا يكون إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة ، فإن هذه المصلحة السياسية التي عبرت عنها نص المادة ١٦ من اللائحة
29
بقواعد قانونية إجرائية تجد سندها فيما قضت به مذكرة الدستور صراحة في ختام بند التصوير العام لنظام الحكم بقولها :
] وفي النهاية فالمسألة قبل كل شيء مسألة ملاءمة سياسية تعبر عن واقع الدولة وتتخير أقدر الأصول النظرية على التزام الحد الضروري من مقتضيات هذا الواقع [ .
فإنه لما كان ذلك ، فإن ما ينعاه الطاعن لا يعدو ذلك أن يكون تأويلاً لنص المادة ١٦ لائحة ، ولا يتصل بمدى دستوريته إنما يتصل بكيفية تطبيقه ، مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ، هذا فضلاً عن أن ما قرره الطاعن بشأن تعييبه للمادة ١٦ من اللائحة بعد الدستورية - هو في حقيقته - إنما يتعلق بالسياسة التشريعية التي انتهجها المشرع لتنظيم القواعد القانونية الإجرائية لمواجهة حالات إسقاط العضوية التي عددتها المادة ١٦ لائحة ، وهي الحالات التي ما نصت عليه المادة ١٦ لائحة وبين ما نصت عليه المادة ٨٢ من الدستور ، فإن كل ذلك وأخصه هذا التماثل كافيا بدحض نعي الطاعن بعدم دستورية المادة ١٦ لائحة ، ناهيك بأن مبنى طعن الطاعن قد انحصر على ما ينعاه من وجود
30
مخالفة بين قواعد إجرائية نصت عليها المادة ١٦ من اللائحة وبين قواعد موضوعية نصت عليها المادة ٨٢ من الدستور ، وهذا النعي لا يصلح لأن يكون محلاً لمنازعة دستورية في نص القانون إذ لا يوجد اتصال بين القواعد الإجرائية الواردة في حكم المادة ١٦ لائحة وبين القواعد الموضوعية الواردة في حكم المادة ٨٢ من الدستور ، ولا ترتبطان بمجال بعضهما البعض فالأولى توصف بأنها
قواعد إجرائية والثانية توصف بأنها قواد موضوعية .
مما تصبح المطاعن التي وجهها الطاعن إلى النص المطعون عليه – المادة ١٦ لائحة المجلس - لا تستثير في إطارها شبهة عدم الدستورية وليس لها ما يظاهرها مما يضحى الطعن حريًا برفضه .وإلا أصبح القضاء في المسألة الدستورية يدور في فلك نظري بحت ، متجردًا من كل فائدة عملية ، ويتحول إلى فراغ في مواجهة العمل البرلماني الذي اتخذه مجلس الأمة برفض إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي ، فيكون تبعًا لذلك القضاء في المسألة الدستورية التي يطرحها الطاعن غير منتجًا أو مؤثرًا ويفقد جدواه بعد أن لم يعد ثمة موضوع يمكن إنزال هذا القضاء عليه ، وبذلك تنتفي مصلحة الطاعن
31
الشخصية المباشرة وهو الأمر المتطلب توافره في الطعن بعدم الدستورية ، وبالتالي يغدو الحكم بعدم قبول الطعن الماثل متعينًا .
32
ثانيًا : انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة للطاعن
من الممكن تلخيص انتفاء المصلحة الشخصية للطاعن بالأسباب التالية :
السبب الأول :
أن الطعن لن يحقق للطاعن أية فائدة يتبدل بها مركزه القانوني القائم عند إقامة طعنه مما تنتفي معه مصلحته الشخصية المباشرة كشرط لقبول الطعن
السبب الثاني :
أنه وإن كان القضاء بعدم الدستورية يستوجب توافر مصلحة شخصية مباشرة للطاعن ، إلا أنه لا تعد تلك المصلحة متحققة بالضرورة على محض مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور فحسب ، بل يتعين قيام الدليل على أن ضررًا واقعًا مباشرًا لحق الطاعن ، وأن يكون أمر هذا الضرر مرجعه إلى النص
المطعون عليه .
ولما كان ذلك ، وكان مجلس الأمة قد منح سلطة تقديرية واسعة في إسقاط
العضوية من عدمه ، فإن هذه السلطة لا يترتب عليها ضررًا يكابده الطاعن
33
هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى فإن الضرر مناط المصلحة الشخصية المباشرة ينتفي إذا كان راجعًا لممارسة مجلس الأمة لسلطة قررها له الدستور والقانون .
السبب الثالث :
أن البين من طعن الطاعن أن ما يدعيه الطاعن لم يكن ضررًا أصابه مباشرة بسبب تقرير النص المطعون عليه سلطة مقيدة على مجلس الأمة بأن لا يكون أمام هذا المجلس إلا وأن يسير في اتجاه واحد لا مناص منه بأن يقضي عبر التصويت بالآراء بأن يوافق لزومًا على إسقاط عضوية مجلس الأمة ، وإنما النص المطعون فيه منح مجلس الأمة سلطة تقديرية تتوافق مع ما قضت به المادة ١١٠ من الدستور بأن عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار في
المجلس أو لجانه وأنه لا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال .
السبب الرابع :
إن مصلحة الطاعن تنتفي لأن ما قام به مجلس الأمة يعد والحال كذلك عم ًلا برلمانيا استنفذ مداه وأثاره فضلاً عن أن رقابة المحكمة الدستورية تنحصر عنه
34
ولائيًا ، فلا يكون للحكم في الدعوى الدستورية أثرًا في مركز الطاعن بعد ذلك مما تكون المنازعة الدستورية بشأن نص المادة ١٦ غير منتجة إذ لم يعد ثمة محل لنزاع موضوعي يمكن إنزال قضاء المحكمة الدستورية عليه بعد قيام مجلس الأمة باختصاصه حصرًا بعمل برلماني تمثل في النظر في مسألة إسقاط
العضوية من عدمه والذي يخرج هذا العمل من رقابة القضاء الدستوري .
السبب الخامس :
أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط قبول المنازعة الدستورية لا تتحقق إلا إذا كان النص المطعون فيه مما ينطبق على حالة الطاعن شخصيًا . وهذا ما ينتفي من تطبيق المادة ١٦ من لائحة المجلس إذ أن تطبيقها لا علاقة له بالطاعن شخصيا . فيكون النص المطعون فيه لم ينل من حقوق الطاعن بشخصه ولم
يهدرها .
35
السبب السادس :
أنه لما كان الطاعن قد بـي َّــن بأن القضاء له ببطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي يؤدي إلى أنه تصبح عضوية مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية الثالثة شاغرة ، وأنه يحق له التقدم لشغل هذه العضوية لحيازته لكافة
الشروط القانونية اللازمة لشغل العضوية في مجلس الأمة .
فإن إفصاح الطاعن عن حقه بشغل عضوية مجلس الأمة بعد بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي يجعل من لجوء الطاعن إلى المسألة الدستورية أمرًا غير لازم ، إذ أنه لا أثر للحكم في الدعوى الدستورية على شغل عضوية مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية الثالثة لكون شغل العضوية لا يكون إلا بانتخابات عامة مباشرة وسرية ، ولا يعد الحكم الدستوري في منازعة الطاعن سبيلاً لأن يشغل الطاعن عضوية مجلس الأمة بشكل مباشر ، إنما سيشغلها من تتجه إليه إرادة الأمة عبر صناديق الانتخاب فقط إن أسقطت عضوية النائب وليد
الطبطبائي .
36
السبب السابع :
أنه وإن كان الطاعن قد تمسك في حقه بشغل عضوية مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية الثالثة بعد بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي إلا هذا التمسك غير كافي لتوافر المصلحة الشخصية المباشرة مناط قبول طعنه .
لأنه من المشترط لقبول الدعوى الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية
مباشرة في دعواه وقت رفعها ، أي أن تلك المصلحة إنما تتحدد ويلزم توافرها
عند رفع المنازعة الدستورية حتى الحكم فيها ، وهو ما لم يتحقق لكون ما قرره
مجلس الأمة من رفض إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي يعد والحال
كذلك عملاً برلماني يخرج عن رقابة القضاء الدستوري وعصيًا على إلغائه منها ،
فضلاً أنه حتى في ظل الحكم بعدم دستورية المادة ١٦ لائحة ، واعتبارها كأن لم
يكن كأثر مترتب على عدم دستورية ، فإن ذلك يؤدي إلى ثبوت عضوية وليد
الطبطبائي لا فقدها ، إذ أن مجلس الأمة بعد الحكم بعدم دستورية المادة ١٦
لائحة ليس في مقدوره إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي لعدم توافر
حكم بديل أو أكثر في لائحة مجلس الأمة يمكنه من مواجهة الحالة التي استند
37
إليها الطاعن في موضوع طعنه وهي صدور عقوبة جناية ضد النائب وليد الطبطبائي ، مما يؤدي الحكم بعدم دستورية المادة ١٦ من اللائحة واعتبارها كأن لم يكن إلى ثبوت عضوية النائب وليد الطبطبائي لا إسقاطها .
وترتيبًا على ذلك فإن الفصل في المنازعة الدستورية بعدم دستورية المادة ١٦ لائحة يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول ، لافتقاد الطاعن المصلحة الشخصية المباشرة .
السبب الثامن :
أن المصلحة الشخصية التي تصورها الطاعن في أن إسقاط عضوية النائب وليد الطبطبائي ستمكنه من شغل عضوية مجلس الأمة ، فهي مصلحة افتراضية لا عملية واقعية . أي أنها مصلحة لا توحي بجزم تحققها نظرًا لما أسلفناه بأن شغل العضوية لا يكون إلا بانتخابات عامة مباشرة وسرية قد لا يتحقق من
خلالها شغل الطاعن للوظيفة النيابية .
38
السبب التاسع :
أنه من المستقر عليه في القضاء الدستوري عدم كفاية المصلحة النظرية والتي تستهدف الطعن في النصوص التشريعية ابتغاء إبطالها إبطالاً مجردًا ، باعتبار هذه المصلحة النظرية لا يجوز الارتكان عليها لقبول الدعوى الدستورية .
لذلك نجد أن ما قرره الطاعن بأن بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي يعطي له الحق لشغل وظيفة عضو مجلس الأمة إنما في حقيقته مصلحة نظرية بحته لأن شغل وظيفة عضو مجلس الأمة لن تتحقق مباشرة عند الحكم لصالح الطاعن بطلباته الختامية الواردة في صحيفة طعنه ، إنما تظل خاضعة
لانتخابات تكميلية مباشرة وسرية لا جزم فيها بأن تكون لصالح الطاعن . السبب العاشر :
أنه يشترط في المصلحة الشخصية المباشرة أن يكون للطاعن أو المدعي علاقة بالحق الذي يدعيه .
39
ولما كان ذلك وكان إسقاط العضوية من عدمها من الحقوق الحصرية لمجلس الأمة وفقا لاختصاصها بها بتفويض المادة ١١٧ من الدستور له في هذا الاختصاص .
فإن الطاعن تبعًا لذلك تنقطع علاقته المباشرة بإسقاط العضوية عن عضو مجلس الأمة ، ناهيك على أن هذا الإسقاط عمل برلماني لا يخض لرقابة القضاء الدستوري .
السبب الحادي عشر :
أن العبرة في الدعوى بما تنتهي إليه من طلبات ختامية . لذلك فإن الطاعن تنتفي مصلحته الشخصية المباشرة لأنه ختم طلباته بالحكم بثبوت بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي ، وهذا الطلب يشكل في حقيقته طعنًا انتخابيًا
ومن المقرر قانونا أن الطعون الانتخابية أو الطعون بصحة العضوية لها إجراءاتها ، ولها مواعيدها ، وتنظمها نصوص خاصة في قانون إنشاء المحكمة الدستورية ولائحتها ، فميعاد رفع الطعن يكون في خلال خمسة عشر يوما من
تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب .
40
ولما كان ما سبق وكان الطلب الختامي للطاعن قد حدده بطلب ثبوت بطلان عضوية النائب وليد الطبطبائي ، فإنه والحال كذلك يعد طعنًا انتخابيا غير مقبول لفوات ميعاده ، مما تنتفي معه بهذا الفوات مصلحة الطاعن
الشخصية المباشرة .
وختامًا لجميع ما سبق :
يبقى رأينا في الطعن سالف البيان رأي يحتمل الصحة والخطأ ، وقابل للتفنيد والأخذ والرد ، والأهم من ذلك أن أحكام المحكمة الدستورية وفقا لقانون إنشائها تبقى هي الملزمة للجميع بما تضمنته من رأي يعد قاطعا وحاسما لأي
رأي فقهي بسبب إلزامية أحكامها بنص القانون ، وأن الحكم عنوان الحقيقة .
41

تعليقات

اكتب تعليقك