عبدالمحسن الخرافي يصف كيف نجح الكويتيون في إسقاط الرسوم والتفتيش عن حملات الحج الكويتية في منطقة رماح قبل قبل نحو 60 عاماً

زاوية الكتاب

كتب عبدالمحسن الخرافي 1389 مشاهدات 0



صاحب الحملة فهد سليمان الفهد يخدم أبناء وطنه ويراعي مصالحهم: توضح هذه القصة الواقعية التي يرويها أحمد بن برجس الشمري (الباحث في تراث الكويت والجزيرة العربية) مثالاً ونموذجاً لصاحبها التاجر فهد سليمان الفهد، رحمه الله تعالى، وكان من أبناء الكويت المعروفين بحبهم للكويت ولأبناء الكويت، وسعيه الدائم لخدمتهم والتسهيل عليهم ورعاية مصالحهم.
أما عن قصة المرحوم بإذن الله تعالى فهد الفهد وحبه لأهل وطنه من أهل الكويت الكرام، فقد بدأت بتأسيسه لحملة حج وعمرة على السيارات من الكويت إلى السعودية وذلك تقريباً في عام 1946م، وقد استخدمنا لفظ «تاجر» هنا تعبيراً مجازياً عن صاحب الحملة، ومن المعلوم أن العمل بحملات الحج والعمرة ما هو إلا ضربٌ من ضروب العبادة المقترنة مع التجارة الشريفة، حيث ينطبق على حملات الحج والعمرة الكثير من الأحكام التجارية من حيث التعاقد بين الحجاج وصاحب الحملة، بما في ذلك حقوق وواجبات كل من الطرفين، وكانت حملات الحج الكويتية في ذلك الوقت تتعرض للتفتيش في منطقة بين الكويت والسعودية تسمى «رماح»، وقد رأى التاجر فهد الفهد، رحمه الله، أن ذلك التفتيش مرهق جداً للحملات الكويتية، وخاصة أن التفتيش يتضمن تفريغ جميع المركبات من محتوياتها وتفتيشها ثم إعادتها مرة أخرى، وما يتخلل ذلك من مجهود مرهق على الحجاج والمعتمرين، ويزداد الأمر إرهاقاً عندما تضم الحملة شيوخا وأطفالاً ونساءً، ففي هذه الحالة تتضمن جهوداً مضاعفة، وفي إحدى حملات الحج رافق كل من عبد الله النوري والسريع والعبد الرحمن وأحمد البشر الرومي، رحمهم الله تعالى، والعم مشاري الحميضي، حفظه الله، في حملة الحاج الخاصة بالمرحوم فهد الفهد، وعندما توقفوا في منطقة رماح للتفتيش بادرهم المرحوم فهد الفهد قائلاً: «إن ما تتعرض له حملات الحج الكويتية من تفتيش مرهق جداً لنا، فما رأيكم أن نرفع الأمر إلى قائد المنطقة حتى يتم إعفاء حملات الحج الكويتية من ذلك التفتيش المرهق لنا جميعاً»، فلاقت مبادرة التاجر فهد الفهد قبولاً واستحساناً من مرافقيه، وذهبوا إلى قائد المنطقة الذي رفض بدوره إعفاء الحملات الكويتية من التفتيش، وأخبرهم أنه من الصعب أن يتخذ قراراً مثل هذا القرار، ولكن صاحب الحملة فهد الفهد ومرافقيه أصروا على إيجاد مخرج لتلك المشكلة، فقرروا تشكيل لجنة منهم والذهاب لمقابلة الملك سعود، رحمه الله تعالى، بقصره في الرياض، وبالفعل تشكلت لجنة منهم وذهبوا لمقابلة الملك سعود، ولكنه لم يكن موجوداً في ذلك الوقت، فطلبوا مقابلة نائبه الأمير منصور بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود فوافق على مقابلتهم ورحب بهم ترحيباً كبيراً، ودخلوا عليه بالفعل وشرحوا له الوضع بالتفصيل وما يتم في منطقة رماح من تفتيش لحملات الحج الكويتية وما يترتب على هذا التفتيش من إرهاق وتعطيل لحملات الحج القادمة من الكويت، فما كان من الأمير منصور، رحمه الله، إلا أن قال لهم: «أهل الكويت هم أهل السعودية، ولن نرضى أن تتعرضوا لمشقة عند دخلوكم المملكة أو أن تدفعوا رسوماً لأداء مناسك الحج والعمرة»، وبالفعل أرسل برقيات إلى أمير منطقة رماح بإعفاء جميع حملات الحج الكويتية من التفتيش أو دفع الرسوم عند دخولهم أراضي المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة، فكانت لتلك الجهود المباركة من المرحوم فهد الفهد ورفاقه الكرام فاتحة خير على جميع أهل الكويت بإعفاء جميع حملات الحج الكويتية من التفتيش وإعفاء جميع الحجاج والمعتمرين من أهل الكويت من دفع الرسوم عند دخولهم المملكة لأداء مناسك الحج والعمرة.
وهذا كان حال آبائنا وأجدادنا من أهل الكويت الكرام في ذلك العصر، عاشوا بالحب والانتماء لهذا الوطن الغالي، وتفانوا في المودة والصلة والتعاون في ما بينهم، وكانوا عمليين يشعرون بالمسؤولية الاجتماعية ويمارسونها بشكل طبيعي.
رحمهم الله رحمة واسعة وجعل مثواهم جنات النعيم

تعليقات

اكتب تعليقك