محمد السبتي يكتب: تكييش القروض السياسية!

زاوية الكتاب

كتب محمد السبتي 1125 مشاهدات 0


الراي:

صديقنا حمود، يتسلم راتباً شهرياً بمقدار 980 ديناراً، لكنه يصرف في كل شهر 1200 دينار ولا يستطيع أن يحجّم مصاريفه على قدر راتبه، وهو يحتاج كل شهر إلى 220 ديناراً يستلفها ليسدد مصاريفه التي لم يستطع معالجتها... في أول شهر ذهب واستلف من أخيه مبلغ 220 ديناراً، وفي الشهر الذي بعده احتاج 440 ديناراً نصفها ليسدد دين أخيه والباقي ليوفي باقي مصاريفه... استلفها من زميله في العمل، في الشهر الثالث احتاج 660 دينارا لسداد ديونه وباقي مصاريفه، سحبها من كرت البنك على «المكشوف»، في الشهر الرابع زاد المبلغ مضافا إليه فوائد البنك.
وظل حمود هكذا يسدد ديناً بدين ويزيد مبلغ دينه كلما مر عليه شهر جديد وحالته في النهاية لا تحتاج لشرح، لأنها معروفة وواضحة للجميع وصورة «الفلس» التي يعيشها صاحبنا جلية للعيان!
سياسيا... نحن نفعل ما يفعله حمود تماما، نحن نعالج أزمة بأزمة أكبر، نستدين لنسدد دينا قديما من دون أن نعالج أصل المشكلة - مع مقدرتنا على ذلك - في الكويت مثلا انظر إلى المشاكل السياسية التي تدور حولها البلد من سنين طويلة، كما تدور الساقية حول نفسها تجدها كلها «تكييش قروض سياسية»، نحن نعالج مشكلة سياسية بخلق مشكلة أكبر منها، حتى تحالفات الحكومة السياسية مع الكتل لا تخرج عن مبدأ سداد القرض بالقرض الأكبر منه!
ولهذا السبب لا توجد لدينا حلول لأي مشكلة ومنذ سنين طويلة، بل هي ذات المشاكل مربوطة بساقية، والمجتمع يدور حولها مثل حال حمود تماماً!
كثير من دول العالم الثالث - إن لم يكن غالبيتها - يتعامل بالمبدأ نفسه داخليا وخارجيا، وحتى مع القضايا الدولية تتم معالجتها بـ«الديون السياسية» لا بحل أصل المشكلة، ولهذا تتعاظم ديوننا تجاه القوى المتنفذة عالميا.
لا أحد يحلم أو يتمنى عدم وجود مشاكل فهذا غير متوافر في «نسخ» الحياة البشرية ولن يتوافر! لأن وجود المشاكل من طبيعة الحياة، ما يجب تمنيه هو معرفة كيفية مواجهة المشاكل بأسلوب يؤدي للحل لا إلى مشكلة أكبر، هذا النهج هو الذي نفتقده تماما في أمتنا العربية للأسف، وهو أهم أسباب فشلنا.

تعليقات

اكتب تعليقك