"الطليعة" ليست صحيفة.. بل كانت حالة إعلامية ومنصة عريضة جمعت كل القوى الوطنية - مظفر عبدالله يكتب عن مدرسة "الطليعة"
زاوية الكتابكتب مظفر عبدالله أكتوبر 15, 2018, 1:18 ص 1324 مشاهدات 0
الجريدة:
عدد الوظائف القيادية في الكويت بلغ حسب أرقام الإدارة المركزية للإحصاء 483 وظيفة، تحتل النساء منها 55 وظيفة بنسبة 11 ٪، رقم ضئيل لا يتناسب مع تطور دخول المرأة إلى سوق العمل ودورها الكبير في الإدارة العامة.
***
لم يكن حزني على مصير جريدة "الطليعة" لحظة الإعلان عن قرار تصفيتها وبيعها بالمزاد، بل كان قبل ذلك، ومنذ توقفها الأخير عن الصدور، وكمثل من يتوقع موت إنسان مريض لكنه لا يعيش اللحظة حتى يقع الموت.
قضيت في "مدرسة" الطليعة 12 عاما، تعلمت الصحافة بالمصادفة البحتة، اتصال من الزميل الكريم مبارك العدواني الذي تقلد منصب وكيل وزارة الإعلام في فترة سابقة يطلب مني الالتحاق بفريق صغير في الجريدة، كان ذلك في بداية عام 1993، ولم يغفر لي "بوحمد" جهلي في الصحافة فوافقت، وذهبت فإذا بي أواجه من له الفضل عليّ في تعلم فن الكتابة الصحافية، أخي الفاضل أحمد الديين، المهني والكاتب السياسي المتمرس، كنت حقاً محظوظاً بمرافقته شوطاً طويلا في "الطليعة"، وبعد ذلك بدأت الاحتكاك بقامات العمل الوطني في اجتماعات التحرير الأسبوعية "مساء كل أربعاء"، مع الفقيد سامي المنيس، وأحمد النفيسي صاحب القلم اللاذع، وعبدالله النيباري شافاه الله.
في مدرسة "الطليعة" وطوال عملي الذي أحببته وأخلصت له التقيت بثلة من الشباب الوطنيين الغيورين على بلدهم، كُتَّاباً ومحررين لايزال بعضهم من أصدقائي الدائمين اليوم، ساهموا مع العمالقة الذين ذكرتهم بقيادة د. أحمد الخطيب- هذا الرجل الذي حرص دوما على وحدة القوى الوطنية- في نشر حالة إعلامية وصحافية حية في الوسط السياسي والاجتماعي الكويتي، كان عدد "الطليعة" هو الصندوق الأسود الذي يحتوي على تفسير الأحداث في البلد.
أحداث السرقات والتجاوزات واللعب بمقدرات البلد والفساد السياسي... نعم، كان ميلاد عدد "الطليعة" بعد الطباعة حديث الناس الذي امتد عدة مرات إلى قاعة عبدالله السالم، وكان مثار جدل نواب في مجلس الأمة، إما حباً بالاستشهاد بما سطرته من حقائق، أو بغضاً ممن تم فضحهم من خلال ألسنة أذنابهم في المجلس.
"الطليعة" ليست صحيفة، بل كانت حالة إعلامية ومنصة عريضة جمعت كل القوى الوطنية، كان أي مقال يُمنع نشره في جريدة يومية يجد طريقة في صفحات "الطليعة"، وقد تحملت إدارتها الكثير من القضايا واللوم السياسي والهجوم الذي كان تقوده أطراف الفساد على صفحات صحف أخرى بأقلام رخيصة ومأجورة.
بعد أن دربني أستاذي أحمد الديين على الكتابة المهنية، انطلقت في تأسيس صفحة متخصصة في حقوق الإنسان، هذا المجال الذي أثر على نظرتي لكثير من الأمور لاحقاً وبشكل إيجابي، وكوَّن لديّ طاقة مضادة لكل سلوك مبني على التمييز والكراهية، وهنا أدين بهذا إلى معلمي وصديقي في ذلك المجال د.غانم النجار الخبير الدولي في حقوق الإنسان الذي لا أزال أستمد منه الطاقة الإنسانية والوطنية، والذي كنت قد التقيته في عام 1978وبدأنا مشوار العمل في منظمة العفو الدولية آنذاك.
عزيزي القارئ، تفرض جريدة "الجريدة" على الكتاب عدم الإسهاب في كتابة المقال لضيق المساحة، وأنا أحب الالتزام بطبعي، لكن الكتابة عن تجربتي في "الطليعة" تحتاج أكثر من هذه السِعة، وحاولت عدم الخوض في أسباب توقف "الطليعة"؛ لأن لتلك الأسباب أناساً يتحدثون حولها، لكنني آثرت الحديث عن تدرج شاب جديد على شارع الصحافة (لست شاباً الآن)، فهل لاحظتم الأسماء التي تداولتها في المقال، وبماذا تخصصت في الكتابة فيها، وكيف احتضنتني هذه المؤسسة التي بدأت العمل في 13 يونيو 1962.
تلك "المدرسة" التي أعنيها، هي مدرسة "الطليعة".
تعليقات