أن نصل إلى الاختلاف داخل أروقة الخارجية مع استمرار السكوت الحكومي فهذا غير مقبول على الإطلاق - يكتب حسن جوهر عن "المنطقة المقسومة"
زاوية الكتابكتب د. حسن جوهر أكتوبر 9, 2018, 12:02 ص 1376 مشاهدات 0
كأي بلد في العالم لدينا قضايا عالقة أو ملفات مفتوحة مع جيراننا، قد تتفاوت في حجمها أو تتناوبها موجات من الصعود والنزول في البعد السياسي، الأمر الذي يتطلب موقفاً مبدئياً واضحاً وإن تغيرت أساليب ودهاليز بحثها ومناقشتها مع الدول الشقيقة أو الصديقة.
السياسة الخارجية هي صمام الأمان لأي دولة، وفي حالة ارتخاء هذا الصمام يعني ذلك فقدان التوازن وبالنتيجة التعرض للخطر، وسياسة الكويت الخارجية بنيت وفق استراتيجية ثابتة وممتدة، عبر سنوات طويلة، قوامها الحياد وكسب الأصدقاء واتخاذ الدبلوماسية والحوار كأداة أساسية وشبه وحيدة للتعاطي مع المحيط الخارجي، بل نقل هذه الدبلوماسية إلى خارج حدود الدولة، وتفعيلها كوسيلة للتدخل الحميد والوساطة في حل المشاكل بين الدول الأخرى.
وبينت التجارب التاريخية أن سياسة التوازن والحكمة في إدارة الشأن الخارجي هي الخيار الوحيد المتاح لنا كبلد يعيش ضمن حدود صغيرة جداً مكانياً وبشرياً في إقليم متقلب وحافل بأمواج المد والجزر، ولذلك نجد أن المكونات المجتمعية والتيارات السياسية والنواب، مهما اختلفوا فيما بينهم أو مع الحكومة، إلا أن الجميع يساند توجهات الحكومة وسياستها الخارجية القائمة على الاعتدال والحكمة.
وكأي بلد في العالم لدينا قضايا عالقة أو ملفات مفتوحة مع جيراننا، قد تتفاوت في حجمها أو تتناوبها موجات من الصعود والنزول في البعد السياسي، الأمر الذي يتطلب موقفاً مبدئياً واضحاً وإن تغيرت أساليب ودهاليز بحثها ومناقشتها مع الدول الشقيقة أو الصديقة.
على خلفية زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، فوجئنا أن في الكويت رأيين فيما يخص استئناف العمليات النفطية في المنطقة المقسومة، وهذه الحقيقة سلّم بها الأمير محمد بشكل مباشر، الأمر الذي يعكس طبيعة وفحوى المباحثات التي أجراها في الكويت، ولا يمكن لنا كمواطنين أن نقبل بوجود هذه الازدواجية في مطبخ السياسة الخارجية لأسباب، منها أن تعدد الآراء في الشأن الخارجي يؤدي حتماً إلى إضعاف الموقف الرسمي للدولة أياً كانت بوصلة هذا الموقف، ويؤثر سلباً في الخيارات والأدوات الخاصة بالدبلوماسية الكويتية التي تتطلب تأييد ومباركة ومساندة الجميع من أجل إنجاحه.
السبب الثاني في رأيي هو الأخطر، وهو وجود اختلاف داخل السلطة في السياسة الخارجية، فبحسب العرف فإن السياسة الخارجية تعد من الملفات السيادية التي تديرها وتقرر مصيرها أسرة الحكم، والاختلاف في الرأي والموقف في هذا الخصوص يعني بالتبع التباين داخل الأسرة نفسها، وهذا مؤشر مقلق في حد ذاته.
يكفينا ما نقرؤه يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي من تغريدات وآراء وتحليلات وتسريبات إعلامية والكثير من القصص والروايات التي لا يعرف مصدرها في الشأن الخارجي، وسط صمت مريب من الحكومة في الإدلاء بمواقف رسمية دقيقة وواضحة، وذلك عبر بوابة حرية التعبير عن الرأي لأهل الرأي في إبداء تحليلاتهم الشخصية أو نصائحهم، ولكن أن تصل بنا الحال إلى الاختلاف داخل أروقة الخارجية مع استمرار السكوت الحكومي فهذا غير مقبول على الإطلاق، فالسياسة الخارجية لا تقبل القسمة على اثنين!
تعليقات