الضرب في مدارس الكويت يعود من جديد ؟!
محليات وبرلمانيطبق في 19 ولاية أمريكية
الآن - خاص سبتمبر 24, 2018, 12:06 م 2258 مشاهدات 0
في ظل التسيب الذي تشهده مدارس عديدة في الكويت طرح البعض فكرة العودة إلى الضرب كوسيلة تربوية لضبط العملية التربوية كما كان يحصل في السابق حيث يتذكر جيل الطيبين، كما يقال، أن الأسر قديما كانت لا تمانع في قيام المدرسين بضرب الطلبة لضبط سلوكهم، وكان الأب يقول قديماً للمدرس بداية العام الدراسي " لك اللحم ولنا العظام " في إشارة إلى قبول الأسر بالضرب طالما كان يؤدي لحسن تعليم أبناءهم.
إلا أنه ومع تطور العصر أصبحت الأسر في الكويت ترفض أن يتعرض أبناءها للضرب على اعتبار أن ذلك سيهد شخصياتهم كما أنه في حالات عدة كانت الأسر تلجأ لرفع دعاوى قضائية ضد المدرسين الذين يقومون بضرب أبناءهم على اعتبار أنها جريمة جنائية كما أخذت الصحف اليومية بنشر قصصاً خبرية عن المدرسين الذين يضربون الطلبة بشدة ما جعل الرأي العم ينظر بسلبية لهذا الأمر.
مؤخراً قررت مدرسة أمريكية وضع لائحة تنظم الضرب فيها للطلبة المخالفين في سابقة هي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة. ورغم أن هناك 19 ولاية أمريكية تسمح قوانينها باستخدام الضرب في المدارس كأسلوب تربوي لكنها كانت المرة الأولى التي تضع فيها مدرسة معينة لائحة تنظم عملية الضرب.
استطلعت آراء أولياء أمور ومختصين عن هذا الأمر.
ويرى هؤلاء أنه ولولا هذا الأسلوب لما تمكن كثيرين من النجاح في دراستهم.
طرحت هذه الفكرة على مختصين وأولياء أمور في هذا الاستطلاع لمعرفة آراءهم.
مبارك العنزي ولي أمر وناشط في مجال حقوق الانسان ذكر في البداية ان هناك نحو 190 دولة صدقت على قرارات دولية تمنع تعنيف الطلبة أو تأديبهم بالضرب.
وبين أن مثل هذه الإجراءات تُنمي عند الطفل السلوك العدواني وتسبب له مشكلات نفسية وعدم الرغبة في إبداء الرأي وقد تدفع الطفل للهروب من الحصة الدراسية ومن الممكن أن تؤثر على مستواه التعليمي.
وقال توالت فكره الضرب فنجد أولياء أمور يشجعون المدرس على الضرب كنوع من التأديب فيكون المدرس مدعوماً بهذا التشجيع وبأن ما يقوم به سيردع الطفل عن فعل الخطأ.
وقال العنزي " أن معظم الآباء لديهم مشكلة في فهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ ) فتفسيرهم خاطئ فمفهوم الضرب هنا يتعلق بعدم إلحاق الأذى ."
أما أفراح وهي ولية أمر فقالت "أن أغلبنا إن لم نكُـن كلّـنا نعرف أن أمريكا هي أكثر الدول مناداة بحقوق الإنسان وخصوصاً فيما يتعلق بالطفل، ونعرف أنّ الأطفال أكثر فئة حساسة لما يحدث لها في هذه المرحلة ( مرحلة الطفولة ) .
وبينت "نحـن في هذا العصر الذي نعتبر فيه الضرب- بشكل عام - أسلوباً قاسياً وفي الوقت نفسه يعتبر من الأخطاء في التربية والتعليم فبعد أن تثقف المجتمع وتطور عن السابق في أساليب التربية وأصبحنا نتّبع أنواع أخرى مثل النصح والإرشاد بدلاً من الضرب لأنه اسلوب يؤثر سلباً على الأطفال هل يعقل أن نلجأْ الآن إلى الضرب؟!! "
وقالت "من جهة أخرى لاشك أن هناك بعض الأطفال لديهم خوف، وحتى لو كان هؤلاء الأطفال يقومون بسلوكيات غير سوية فيفضّل أن يلجأ المعلمون أو المربون إلى أساليب ثانية في التأديب كالمـكافأة والعقاب أو اللجوء إلى المرشد النفسي في المدرسة لتفهم وضع سلوك الطفل غير المرغوب به والعمل على تعديله وإصلاحه و إعداده للتعامل مع المجتمع المحيط به بشكل افضل .
وذكرت " وإذا افترضنا أننا استخدمنا الضرب لتأديب الطفل غير السوي، فمن المتوقع أنه سيكرر السلوك غير المرغوب به لأنه سيعتاد على الضرب، وسيكرره أيضا إن لم يجد من يساعده بطريقة غير الضرب سواء بالعصا أو غيره؛ أي عبر الاسلوب اللطيف والجيّـد مع الطفل "
وأوضحت "هناك بعض الأطفال ممن لديهم ظروف قاسية في منازلهم ومع أسرهم، وقد نجد بعض الآباء أو الأمهات قاسين جداً على أبنائهم في التربية وبشكل مبالغ فيه ، فـلِمَ نقسى مرتين على الأطفال، مرة في البيت وأخرى في المدرسة؟
.
وقالت " وبافتراض ان أسلوب الضرب سوف يرجع تطبيقه في مدارسنا، فإنه سيؤثر سلباً بالتأكيد على الطفل كأي طفل يتعرض للضرب ، وحتى لو كان الطفل لديه سلوكيات كثيرة غير سوية فمن المفترض ألا يكون الضرب مدخلاً في اسلوب تعليم الأطفال و تأديبهم ، فالضرب اسلوب آثاره السلبية أكثر من نتائجه الإيجابية ، وكما ذكرت فالطفل حساس جداً لأي شيء سيّء يحدث له فكيف بالضرب ، و أخيراً يجب علينا الرفق و اللطف في تعاملنا مع أطفالنا الأعزاء ."
ألاء الدين أكدت بأنها لا ترى ان استخدام الضرب و سيلة لردع الطفل حيث ان النتائج التي تترتب على ذلك الأسلوب في المستقبل سلبية و تولد ردة فعل غير متوقعه مثل العصبية المفرطة و التوتر الزائد .
ورأت بأن من الوسائل الأكثر نفعا و التي تأثر على الطفل هي الحرمان المؤقت لان ذلك يجعل الطفل يتجنب الممنوع بهدف الحصول على ما يريد ومواجهته تكمن بالحديث الودي وليس بالأسلوب الجاد المتسلط الذي لا يحسن من أداءه في المدرسة ،بل يشكل لديه ضغط نفسي و يصور المدرسة بأنها عبء عليه و بالتالي هذا الضغط يقلل من مستوى أدائه المدرسي ، فيكون الاثر سلبي و تترتب نتائج عكسية على افعال الجيل القادم.
وذكرت بأن الموضوع يحتاج إلى دراسة علمية لتوضيح الأثر التي يترتب على مستقبل الطفل و لتوعية الاهل بكيفية تربية الاطفال بالأسلوب الذي يطور الطفل و يزيد من وعيه .
أما خديجة الكندري فترى أن الضرب في المدارس ليس بوسيله رادعة تضمن عدم تكرار الخطأ ,ولكن من الممكن ان تجدي نفعاً عند بعضاً من الاطفال وخصوصا من يشعرون بالحرج السريع عند معاقبتهم امام بقية الاطفال .
وذكرت أما سلوك الطفل غير السوي فيختلف تماماً من طفل لآخر وبذلك يكون التصرف مختلف ما يحتم علينا دراسة نفسية الطفل أولاً ومعرفة نقاط الضعف والقوة لديه قبل مواجهة المشكلة
وأضافت أما لو طبق نظام الضرب كأسلوب تربوي في الكويت فستكون الأسر أول من سيعارض هذه القضية بغض النظر عن نتائجها المحتملة سواء كانت إيجابية على الاطفال او سلبية.
سليمان الخضاري : - لا نتائج ايجابيه ناتجة عن الضرب كوسيلة تعليمية
-سيخلق شخصيات عدوانية ومتنمرة في المدارس.
الدكتور سليمان الخضاري وهو دكتور واستشاري في مجال الطب النفسي قال إن علينا طرح سؤالين الاول هل هذه الطرق تحسن السلوك؟ والثاني ماهي الآثار المترتبة عليه؟
ولو بحثنا لوجدنا ان معظم الدراسات المحكمة لا ترى أي نتائج ايجابيه ناتجة عن الضرب كوسيلة تأديبية او كوسيلة تعليمية ناجحة من حيث المبدأ.
وأضاف مثل هذه الوسائل التأديبية لا ينتج عنها اي نتائج ايجابية وفي الغالب ينتج عنها ارتفاع نسبة التعرض للأمراض النفسية والاكتئاب والعزلة الاجتماعية والرغبة في الانتقام وخلق شخصيات عدوانية ومتنمرة في المدارس.
وبين الخضاري أن للضرب أنواع منه ما يؤثر على كرامة الفرد. فالضرب على الوجه يتعلق بكرامة الانسان ويختلف عن الضرب على اليد، كما إن شدة الضربة تؤثر ايضا وهو عامل مهم يجب وضعه بعين الاعتبار.
وأوضح ان مثل هذه الطرق تؤثر على الفرد و المجتمع مستقبلا، لان معظم التجارب السلبية في المدارس تعيش مع الفرد لفترات طويلة وتساهم في شخصيته وفي كل الاحوال لا ينبغي تشجيع على مثل هذه الوسائل في بلدنا .
جاسم الجطيلي : - سابقاً كان للضرب جانباً تأديبياً لكن ذلك لا يعني أنه أسلوب صحيح تربوياً
- تربية اليوم ليس كتربية الأمس، فثقافة الضرب انقطعت ولَم تعد مستهلكه
الأستاذ جاسم الجطيلي وهو تربوي ومؤلف درامي انه ضد مبدأ الضرب بتاتاً ، ويفضل الابتعاد عنه قدر الإمكان ، فهناك دراسات دولية ومنها أمريكية بينت مضار استخدام الضرب مع الأطفال خاصة من عمر ٥ إلى ١٤ سنة وهي فئة التأسيس ، وقد شهِدنا حالات ضرب من قبل معلمين استخدموا اُسلوب الضرب على الطلبة مما أدى إلى تعرضهم إلى ألم عضوي كجرح أو تمزق بالإضافة إلى الألم النفسي ، وفي بعض الأحيان قد يصاحب الضرب الخفيف الغير مقصود منه العنف انفعال لدى المعلم فيتحول إلى الضرب المبرح .
وأوضح أن الأسلوب المتبع في التربية لدى الجيل السابق باستخدام الضرب كوسيلة للتأديب والتعليم ، قد يكون له جانب تأديبي ، وذلك يرجع لكوننا جيل معتاد على الضرب وإرث متبع من الاجداد إلى الآباء ، وهذا لا يعني أنه اُسلوب صحيح للتربية والتعليم بالعكس فمضاره أكثر من منافعه ، فالجيل الحالي يختلف عن السابق بالبيئة و التطور والظروف المعيشية .
وقال الجطيلي ففي الوقت الحالي الطالب اصبح أكثر معرفةً وذكاءاً ، وتربية اليوم ليس كتربية الأمس، فثقافة الضرب انقطعت ولَم تعد مستهلكه فحلت محلها ثقافة المنع أو الحرمان والفصل كعقاب ، فاستخدام الضرب كوسيلة للتعليم سينتج عنه ردة فعل عكسية وعدوانية للطالب ، قد يلجأ إلى ضرب المعلم أو ضرب إخوانه في المنزل كسلوك معتاد عليه، وخلق شخصية مهزوزة الثقة وليست شخصية مسؤولة.
وأشار إلى أن أغلب المدارس في الكويت تتوفر فيها خدمة نفسية عبر مختصين نفسيين يختلفون عن الخدمة الاجتماعية، فالمعلم قد يخلق اتصال أو تواصل دائم بينه وبين أولياء الأمر ، فعلى المعلم الاجتهاد في الوصول إلى حلول بديلة عن الضرب ، وتعاون الأهل مع الهيئة التعليمية لمصلحة الأبناء يشجع على تغيير السلوك بطريقة صحيحة وسليمة.
وأضاف بأن الضرب لا يجعل من المعلم ذو شخصية قوية ومهابة ، فالمعلم المحترم والذي يعامل الطلبة كأبناءه ، واستخدامه للمفردات بشكل صحيح كأبنائي وأخواني الصغار وتخصيص خمسة أو عشرة دقائق في اخر الوقت للتحدث معهم في أمور تخصهم بحدود الاحترام ، خصوصاً وأن الطالب يرى المعلم دائماً وباستمرار داخل أسوار المدرسة ، فبهذا الأسلوب يجعل الرادع له لارتكاب أي سلوك خاطئ هو التردد والإحراج من المعلم أكثر من الخوف من العقاب.
تعليقات