كبروا «تجوري» الحكومة!.. يكتب خالد الطراح
زاوية الكتابكتب خالد الطراح سبتمبر 18, 2018, 10:47 م 781 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- كبروا «تجوري» الحكومة!
خالد الطراح
«التجوري» كلمة عامية تعني الخزانة الآمنة، التي تحفظ فيها الأموال والغالي والثمين، وقد وردت كلمة «تجوري» في سياق حديث د. نايف الحجرف، وزير المالية، أثناء أول ملتقى للوزارة مع كل الجهات الحكومية بهدف «حثها» على وقف الهدر وترشيد الإنفاق عند إعداد الميزانيات (القبس 13 سبتمبر 2018).
ليسمح لي الوزير الحجرف «بالشرهة» باللغة العامية، اي العتب عليه في مخاطبة الجهات الحكومية عن الهدر، بينما النزيف المالي والإسراف هما صناعة حكومية، تحولا على مدى عقود الى ثقافة في المجتمع نتيجة الدلال الحكومي، حيث تساعد وتعتمد أساساً وزارة المالية عملية المناقلات بين بنود الميزانية، وتعزيز البعض الآخر، علاوة على اعتماد بنود الميزانيات، منها على سبيل المثال بند الخدمات الاعلامية المليوني في وزارة الإعلام، الذي كثيرا ما سجل ديوان المحاسبة مخالفات على مبررات الصرف والهدايا والعطايا من دون أن يتغير في الأمر شيء حتى تاريخه!
مثال آخر بلغت «قيمة أموال محتجزة لدى مؤسسة البترول الكويتية 3.9 مليارات دينار، سيتم تحويلها إلى خزينة الدولة خلال 6 سنوات»، وفقاً لرد وزير النفط وزير الكهرباء بخيت الرشيدي على سؤال برلماني (الجريدة 12 سبتمبر 2018)!
لماذا احتجزت هذه الاموال الضخمة؟ ولماذا السداد خلال 6 سنوات؟ نترك الاجابة لوزير المالية لتحديد مدى قانونية الحجز وخيار السداد!
مثال آخر أيضاً عجز هيئة الغذاء والتغذية عن «دفع رواتب موظفيها، واستنفاد الميزانية 5.6 ملايين دينار» (القبس 11 مارس 2018)، مما ادى الى اللجوء ببساطة الى «تجوري» الحكومة، اي وزارة المالية لتعزيز الميزانية وحل المشكلة!
هل الخلل في الصرف أم في صمت وزارة المالية حين يمس بند رواتب الموظفين؟
هل قيمة «الزي الموحد» للطيران المدني، البالغ 250 ألف دينار، الذي اعتمد أخيراً من قبل «تجوري» المالية، له مبرر موضوعي؟ خصوصاً أن مطار الكويت ككل تعم فيه الفوضى، وهناك آلاف من الأولويات قبل الزي الموحد! (الأنباء 15 سبتمبر 2018).
أما عن تقارير ديوان المحاسبة، وتحديداً المخالفات، فهي متوافرة بين أيادي الحكومة، فضلاً عن أن تقارير لجنة الميزانيات في مجلس الامة تحدد كل عام مصادر الهدر والمخالفات المالية، بدءاً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى أصغر جهاز حكومي يستنزف أموالاً طائلة. وإخفاق سافر في ترشيد الإنفاق، وخير مثال لغز ما يعرف بالعهد، الذي بلغ 3.8 مليارات دولار، وهي مبالغ عهد مرحلة ومتراكمة (الراي 14 يوليو 2017)!
هناك أيضا جهات تابعة لوزير المالية، منها الهيئة العامة للاستثمار، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والشركات التابعة لهما، حيث يتبين من تقارير ديوان المحاسبة عدد ضخم من المخالفات، سواء في الخسائر التي تكبدها المال العام بمبالغ تفوق حجم «تجوري» وزارة المالية، ولن استعرض طبيعة المخالفات، واكتفي بالتمني على وزير المالية الحجرف عقد لقاء في تناول كل المخالفات بشفافية، وبحضور إعلامي، حتى تصبح هناك لدينا القدوة في المساءلة والمحاسبة بمبادرة الوزير الحجرف على غرار مبادرة «تجوري المالية».
قد تكون مغامرة سياسية للوزير الحجرف إذا ما أراد اقتراح اجتماع لمجلس الوزراء، لتبيان حجم المخالفات المالية، التي «تزخر» فيها تقارير جهاز المراقبين وديوان المحاسبة، والقرار بالتأكيد متروك لتقديره حتى يسجل التاريخ الدور الوطني للوزير الحجرف، حتى في حال اضطر الى الاستقالة، او تم إعفاؤه لا سمح الله، فذاكرة المواطن لن تنساه، وهي مسؤولية ليست من باب التباهي، وإنما هي في الواقع تجسيد فعلي وفوري لوقف نزيف مالي حكومي.
واترك أيضا لتقدير د. الحجرف تحديد مدى امكانية حجب او إعادة النظر في تقليص كل الامتيازات المالية، التي قد تهدد يوماً بانفجار «تجوري» المالية لظاهرة التعيينات للمستشارين بدرجة وزير، وامتيازات مادية حكومية لا سقف لها، الى جانب الالتزامات المالية المترتبة على القانون، الذي أحالته أخيراً الحكومة لمجلس الامة بخصوص معهد إسلامي للمواصفات والمقاييس!
• تذكير:
عقدت الحكومة خلال تولي الشيخ احمد الفهد وزارة التنمية والتخطيط اجتماعاً موسعاً للقياديين في الدولة، شبيهاً الى حد ما باجتماع وزير المالية، لكن الفرق بين الاجتماعيين أن الاخير تناول الهدر والميزانيات، بينما الاول ركز على مساءلة المقصرين في تنفيذ خطط التنمية، وان لم تخني الذاكرة تكرر تحرك مشابه للأخت الوزيرة هند الصبيح، لكننا لم نشهد مساءلة تذكر لأي قيادي مقصّر، وهو ما يعني انه ليس لدينا تقصير أو مقصّر في الحكومة!
تعليقات