لم يتبق شيء من ثقة يمكن للعرب أن يحتفظوا به تجاه الحكومة الأميركية بعد أن تحولت إلى خصم مباشر لهم.. برأي سلطان الخلف
زاوية الكتابكتب سلطان الخلف سبتمبر 13, 2018, 10:43 م 3590 مشاهدات 0
الانباء
انتفاضة البصرة
سلطان الخلف
استعان الأميركان بإيران في الإطاحة بالنظام البعثي وأطلقوا يدها في العراق لدعم السلطة الطائفية فيه. وبالمثل استعان الروس بإيران في دعم نظام الأقلية الطائفية فيه لقمع الشعب السوري. منذ البداية اكتشف الشعب السوري خطر التدخّل الإيراني الذي يهدد بطائفيته غالبية الشعب السوري وانحيازه لنظام الأقلية الطائفي القمعي وصار في إدراك الشعب السوري أنه عدو لا يمكن القبول به على الأرض السورية، وقد أثبتت السنوات الماضية التي شهدت دمارا واسعا لمدن سورية وقتلا وتهجيرا لشعبها صدق حدس الشعب السوري. لكن الشعب العراقي لم يكتشف خطورة التدخل الإيراني إلا (بعد خراب البصرة) حسب المثل المشهور، وصارت لديه الآن قناعة بأن التغلغل الإيراني الطائفي في العراق وتورطه في الصراعات السياسية والعسكرة الطائفية كانت كلها أسباب في انتشار الفساد الحكومي وضياع أموال الدولة العراقية على حساب المواطن العراقي الذي يعاني من البطالة وارتفاع الأسعار والحرمان من نعمة الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والاستعمال، وهو ما دفع العراقيون في البصرة إلى الانتفاضة ضد حكومتهم وإلى حرق مقر القنصلية الإيرانية في البصرة التي تشهد تغلغلا إيرانيا واسع النطاق لا يوجد له مثيل في باقي المدن العراقية، ومقار الميليشيات التابعة لها. فإذا أضيف إلى ذلك دعوة النظام الإيراني رعاياه إلى مغادرة البصرة فورا يكون بذلك العراق قد دخل مرحلة من التوتّر الخطير مع النظام الإيراني ولا يستبعد أن تشهد الساحة العراقية مواجهة عنيفة بين الشعب العراقي والنفوذ الإيراني بعد المظاهرات التي سقط فيها قتلى وجرحى من الشعب العراقي الذي كان يطالب بمكافحة الفساد وتوفير ضرورات حياته اليومية والتخلص من الوجود الإيراني (إيران بره بره والبصرة تبقى حرّه). ربما يعذر أهل البصرة على انتفاضتهم فهم يعيشون فوق بحيرة من النفط ويخترق مدينتهم شط العرب لكنهم محرومون كباقي العراقيين من مردود مبيعاتهم النفطية ومواردهم المائية وأشغلتهم إيران في صراعاتها السياسية وتدخلاتها في شؤونهم الداخلية التي لم تجلب إليهم غير المعاناة وتدهور أوضاعهم المعيشية.
***
في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة التونسية بعد ثورة الياسمين المباركة من أجل حل مشاكل مواطنيها الاقتصادية وتوفير كل الخدمات التي تكفل لهم عيشا كريما، تخرج عليها لجنة المرأة التونسية بتوصيات تطالب بتبني مقترحات تهدف إلى إلغاء تجريم المثلية الجنسية، وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، وإزالة قوانين (الأخلاق الحميدة) وإلغاء عقوبة الإعدام، وكأن هذه التوصيات الفرانكفونية والتي سلقت على عجل كفيلة بانتشال تونس من مشاكلها الاقتصادية. ما يقال عن هذه التوصيات انها جاءت لإشغال الشعب التونسي عن قضاياه الأساسية. بل إن ثورة الشعب التونسي لم تكن سوى ردة فعل على فشل الحقبة البورقيبية التغريبية التي أوصلت تونس إلى احتقان اقتصادي وشبه ضياع للهوية الإسلامية التي يفخر بها التونسيون. وعلى اللجنة أن تتعلم الدرس في أن الشعب التونسي المسلم لم يعد مستعدا للعودة إلى اقتفاء آثار تلك الحقبة السوداء التي أصبحت في عداد الماضي وأسدل عليها الستار.
***
لم يتبق شيء من ثقة يمكن للعرب والمسلمين أن يحتفظوا به تجاه الحكومة الأميركية بعد أن تحولت إلى خصم مباشر لهم لا يمكن التمييز بينه وبين الكيان الصهيوني. فبعد أن كانت راعية للسلام المزيف ها هي الآن تكشف عن وجهها الحقيقي في تحدي محكمة جرائم الحرب وتهديد قضاتها إن هم حققوا في شكاوى الفلسطينيين عن جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني العنصري في فلسطين المحتلة. فقدت أميركا مصداقيتها في الدفاع عن حقوق الإنسان ولم يبق لديها قيم تدافع عنها أمام شعوب العالم.
تعليقات