خالد الطراح يكتب.. النهوض بالمؤسّسة العسكرية
زاوية الكتابكتب خالد الطراح سبتمبر 4, 2018, 10:39 م 588 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- النهوض بالمؤسّسة العسكرية
خالد الطراح
إن قرارات النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد جاءت أكبر حجماً من مفاجأة قطع فترة علاجه بالخارج وحضوره عزاء العسكريين المتوفيين، فلم تعهد الكويت مثل هذه القرارات السريعة والحاسمة، خصوصا في وزارات الدولة الحساسة، فقد اعتدنا على المماطلة والبطء في الإجراءات والقرارات وتشكيل لجان تحقيق، معظمها شكلي تنتهي تحقيقاتها في النهاية بالحفظ من دون اي اجراءات احترازية قبل مباشرة التحقيق، مثلما فعل وزير الدفاع بوقف عن العمل قيادات ذات رتب عسكرية رفيعة، ومجموعة اخرى من الضباط والأفراد ذات العلاقة بالتدريبات العسكرية، وكل شؤون الطلبة العسكريين.
الوقف عن العمل لا يعني وجود شبهة اتهام، ولكنه اجراء احترازي سليم يمنح القوة والدعم لسير اجراءات التحقيق حتى انتهائها بموضوعية وشفافية بخصوص حالات الوفيات، فقد يكون أحد أو عدد من الموقفين محل اتهام مباشر او اهمال في المسؤولية، من حيث المتابعة واعتماد وتقييم برامج التدريب العسكري التي أودت بالبعض الى الوفاة، والبعض الآخر الى الإصابة بأمراض قد تكون مزمنة وخطرة جدّاً على حياتهم.
قد تكون المعلومات التي تم تداولها اعلاميا عن طبيعة التدريبات وقسوتها المفرطة وخروجها عن اطار التدريب العسكري المتعارف عليه عالميا صحيحةً، وقد تكون معلومات مبالغاً فيها وغير صحيحة، ولكن هذا قد لا ينفي انحرافا محتملاً في اساليب التعليم والتدريب العسكري التي يطغى عليها شيء من العنف، وليس التدريب على اساس مؤسسي، وبموجب ضوابط ونظم لائحية واضحة بقدر ما هي ربما ممارسة رغبات فردية لا تستند الى نماذج تدريب عسكرية متطورة ومحددة نتيجة غياب الرقابة الصارمة والتقييم الدوري والمتابعة لعمليات التعليم والتدريب ككل الى جانب التدقيق في شروط ومعايير القبول في المؤسسة العسكرية وتحديد حجم الاستثناءات، ان وجدت، بسبب تغلغل الضغوط النيابية او غيرها لخدمة مصالح فردية او عدد من المواطنين، والقفز بالتالي على الشروط واللياقة البدنية، ما قد يعرّض البعض للخطر مستقبلا ويضع المؤسسة العسكرية في وضع حرج جدّاً قد ينال من مصداقيتها.
روى لي احد الضباط المجنّدين في الثمانينات عن العقوبات التي كان ينفّذها البعض، كالهرولة بالعتاد على مسافات طويلة في عز الشتاء القارس والأمطار الغزيرة بصحبة الضابط المشرف على تنفيذ العقوبة، حيث كان يصاحبهم طوال فترة تنفيذ العقوبة، متعرّضا شخصيا لما يتعرّض له مجندون، وهم ينفذون عقوبة عسكرية عليهم، وليس على الضابط المشرف، وهو ما ينمّ عن الوعي وإدراك المسؤولية في مراقبة الجميع وتوجيه رسالة للمعاقبين بأنه معهم طوال فترة تنفيذ العقوبة، وبنفس المسافة والوقت أيضا!
نرجو للشيخ ناصر الشفاء العاجل ومباشرة عمله، لرفع سقف المساءلة السياسية والقانونية، حتى يتوقّف سيل الضغوط، مهما كان مصدرها في مؤسسات الدولة، بما في ذلك العسكرية والأمنية منها، وإعادة النظر في اساليب وإجراءات المساءلة، حتى تترسّخ مبادئ المساواة والعدالة بموجب القانون والدستور.
لا بد من تقييم طبيعة الفكر السائد في الحكومة والمؤسسة العسكرية تحديدا، وبرامج التدريب ومدى ملاءمته مع تطورات اليوم الحديثة، من اجل تغيير في النهج العسكري الحالي وتطويره بالشكل المناسب والأنسب لمصلحة النهوض بالمؤسسة العسكرية.
كما نتمنى نشر سير اجراءات التحقيق وأساليب وبرامج التدريب المعتمدة وحجم الخبرة للمدرّبين، اضافة الى طرق الرقابة والتقييم، من اجل شفافية تتناسب وحجم القرارات لوزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح.
تعليقات