العنصرية ترعرعت بيننا وحظيت بعناية ورعاية حكومية وسياسية إما بقصد أو دونه.. كما يرى محمد المطني
زاوية الكتابكتب محمد المطني سبتمبر 2, 2018, 11:26 م 3376 مشاهدات 0
النهار
نقش- نختلف ولكن...
محمد المطني
مشكلتنا مع العنصرية مزمنة، فقد ترعرعت بيننا وحظيت بعناية ورعاية حكومية وسياسية إما بقصد أو دونه، تم استخدامها في حقب كثيرة وبوضعيات مختلفة لكي تنهي الحكومة بعض المشاكل السياسية وتضمن استمرارها وكم استخدمها السياسيون في تصفية حساباتهم وفي معاركهم حتى أصبح الحديث عن الأصل والعرق وتاريخ النزوح إلى الكويت هو أصل التقييم لا العمل والقيمة.
المحزن هو الانتقال المفاجئ من استخدام العنصرية بين فئات المجتمع الواحد إلى استخدامها ضد جنسيات أخرى تعيش بيننا حتى أصبح الشغل الشاغل لنا هو نقد وتتبع أي وافد وانتقاده واعتبار وجوده بيننا استغلالاً، علينا مكافحته والوقوف ضده.
عيوب التركيبة السكانية موجودة وعلاجها بخطط هادئة وواضحة طويلة الأمد تعدل هذه التركيبة وتضمن حياة وفرصاً أفضل وحلها بإحلال الكويتيين في الوظائف بشكل تدريجي دون الاخلال بحقوق غيرهم ولقمة عيشهم لمجرد كونهم وافدين تم التعاقد معهم بتوجه حكومي وبقرار من الدولة لا منهم.
يستخدم الناس مبررات كثيرة لشرعنة هذه العنصرية والنظرة الدونية لغيرهم فمن استغلالهم للوظائف إلى مزاحمتنا على الخدمات التي تقدمها الدولة إلى زحمة الشوارع والخ الخ...، يحملون كل مشاكلهم التي سببها نمط الإدارة ليلقوها في أي سلة تصادفهم، حتى في الأمس القريب كان الحديث عن التجنيس وبعد تفرقة المجتمع الواحد انتقل السبب إلى الوافدين.
قد تكون بعض هذه المبررات مشاكل حقيقية موجودة ونعاني منها لكن الوافدين بالتأكيد ليسوا سبب وجودها بل أداء الحكومة وعملها وادارتها لهذه الخدمات هو السبب، واسأل: ماذا لو قضينا على الوافدين وزاد عدد الكويتيين في المستقبل ولم تتطور الخدمات المقدمة لهم من الدولة ألم تكن النتيجة واحدة؟.
للعنصرية قدرة مدمرة وآثار انسحابية طويلة الأمد لا يمكن التعامل معها والقضاء عليها بقرار إداري ولا بمكافحة وقتية ولا بتصريحات ولا حتى بقوانين، سلاح نووي يشابه قنبلة هيروشيما التي مازالت آثارها إلى اليوم وعلاجه بثقافة واعية تحترم الآخر وتخاطبه بكونه انسانا لا وحشا جاء للقضاء على خيراتك وخيرات بلدك التي تكونت أساساً نتيجة هجرات مختلفة واجناس متعددة ولولا تنوعها لما استمرت.
عزيزي القارئ: لا نتأمل من السياسيين التصدي لمشكلة يستخدمونها كسلاح في صراعاتهم ولذلك يقع الواجب عليك اليوم في مكافحة هذا المرض ومواجهته فاستمراره يعني تفكيك المجتمع والعبث بمكوناته واشغاله عن التقدم نحو حل مشكلاته الاساسية وما استخدموه ضد غيرك اليوم قد يكون مدخلاً لاستخدامه ضدك في المستقبل. علم أولادك اننا نختلف في اجناسنا وفي أشكالنا وفي أعراقنا، وأن الله خلقنا مختلفين لنتعارف ونعمر الأرض وان هذه الاختلافات لا يجب أن تكون مدخلاً للتمييز والأفضلية، علمهم أن احترام الآخر وقيمته يحددها عمله وما يقدمه فقط وأننا لسنا شعب الله المختار ولن نكون كذلك، وأننا نمثل بقعة صغيرة في هذه الكرة الأرضية وليس هناك مجال لجعلها أكثر وضوحاً إلا بالتمسك بهذه القيم الانسانية، علموهم قبل ان نفقد هذه الميزة ونعيش مستقبلاً مظلماً تقوده الأحقاد وتنظمه النزعات المقيتة التي نرى بوادرها اليوم. تفاءلوا
تعليقات