حول اعتماد وزارة التعليم العالي لشهادات أكاديمية مزورة.. يتحدث عبد اللطيف بن نخي

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 1253 مشاهدات 0

د. عبد اللطيف بن نخي

الراي

رؤية ورأي- البحر والرفاعي

د. عبد اللطيف بن نخي


ما زالت الكويت تتفاعل سلبا وإيجابا مع فضيحة اعتماد وزارة التعليم العالي لشهادات أكاديمية مزورة. ومن بين التفاعلات الإيجابية مع هذه القضية، عقد لقاء تلفزيوني مباشر مع رئيس الجمعية الكويتية لجودة التعليم الأستاذ بدر البحر، وأمين سر الجمعية الأستاذ هاشم الرفاعي، لتسليط الضوء على أبعاد القضية، وعرض رؤيتهما حول كيفيّة التصدي للشهادات المزورة والوهمية.

اللقاء بشكل عام كان ثريا وتميز بالصراحة بدرجة تناسب حجم الكارثة الأكاديمية، وتضمن العديد من الجوانب الحساسة والجزئيات المهمة، ولكنني سأكتفي في هذا المقال باستعراض مطالبة الضيفين بتوسعة نطاق التدقيق والمحاسبة والإصلاح في محور الفساد الأكاديمي.

فالأستاذ البحر صرح بوجود خلل في فهم السلطة التشريعية لطريقة معالجة أزمة الشهادات المزورة، لأنها تختزلها في كشف الشهادات المزورة ومعاقبة المزورين، في حين أن البحر يرى أن منهجية التصدي للشهادات المزورة يجب أن تشتمل المسؤولين في المنظومة الحكومية المعنية باعتماد الشهادات الأكاديمية، ومن بينهم مدير إدارة معادلة الشهادات العلمية والوكيل المساعد لشؤون البعثات والمعادلات والعلاقات الثقافية ووكيل وزارة التعليم العالي ومعالي الوزير. 

وأما الأستاذ الرفاعي، فأشار إلى مسؤولية النواب الحاليين والسابقين عن استمرار واستشراء السرطان الأكاديمي، حيث أوضح أن تصريحات أعضاء مجلس الأمة ومطالباتهم الحكومة بالتصدي للشهادات المزورة بدأت في العام 1967 وما زالت تتجدد، وكذلك الحال بالنسبة للجان التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية المتعاقبة منذ ذلك الفصل التشريعي، التي تداولت مرارا ملفات الشهادات المزورة. ولكن ما يعيب تلك الأنشطة أنها كانت جميعها موقتة، تختفي بعد غروب التغطية الإعلامية وضمور المتابعة الشعبية. ورغم هذا الأداء المتذبذب للكثير من النواب، إلا أن لجانهم الإعلامية تسابقت للتفاخر بتصريحاتهم الأرشيفية العابرة! 

كما أشار الأستاذ هاشم إلى نوعية من النواب، الذين توسطوا لدى وزراء سابقين، بدوافع انتخابية، لضمان استمرارية اعتماد شهادات بكالوريوس من جامعات هشة، بصورة متزامنة مع تصريحاتهم داخل قاعة عبدالله السالم وخارجها، ضد تلك الشهادات. المراد أن هناك حاجة لثورة في الثقافة السياسية بالمجتمع، تعيد صياغة معايير تقييم أداء النواب، واستقراء مواقفهم السياسية، وإلا فإن فضيحة الشهادات المزورة سوف تتكرر، وجبال الفساد سوف تنفجر براكينها وتتقاذف حممها علينا جميعا.

من الجزئيات الجميلة، المرتبطة بتطوير الثقافة السياسية في مجلس الأمة والمجتمع، التي تحدّث بشأنها البحر والرفاعي، تعدد الخيارات والأدوات المتاحة أمام النواب عند معالجتهم قضايا الفساد التي يتابعونها. فعلى سبيل المثال، التصدي النيابي للفساد الأكاديمي وغير الأكاديمي، يجب ألا يقتصر على كشف صوره أو إعلان وجوده في جلسة برلمانية أو أثناء لقاء تلفزيوني أو من خلال تصريح لوسائل الإعلام. كما أن الخطوة التالية لكشف الفساد أو الخلل المؤسسي، ليست بالضرورة التوجه إلى استجواب الوزير المعني، فهناك عادة خيارات إيجابية متعددة ينبغي أن يتبعها النائب كمسارات بديلة أو موازية لمسار الاستجواب. فالاستجوابات غير المعدة جيدا سوف تنتهي بتحصين الوزير المقصر.

من جهة أخرى، اتفق البحر والرفاعي على وجود قصور رقابي وتشريعي من طرف البرلمان. فمن بين الأمثلة على القصور الرقابي، أشار الرفاعي إلى عدم متابعة توصية صادرة من الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، في عهد وزير التعليم العالي السابق، بشطب العديد من الجامعات الهشة من قوائم الجامعات الخارجية التي يسمح حاليا للطلبة الدراسة فيها. وأما المثال على القصور التشريعي، فقد تطرق البحر إلى الحاجة لتشريع قانون يجرّم استخدام الشهادة الأكاديمية غير المعادلة، على أن يتضمن القانون إنشاء هيئة اعتماد وتفتيش أكاديمي، نواتها الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وتضاف إليها إدارة معادلة الشهادات العلمية، التابعة حاليا لوزارة التعليم العالي. وذكر البحر أن خمسة نواب من المجلس المبطل الثاني تبنوا المسودة الأولى من الاقتراح بقانون تجريم استخدام الشهادة غير المعادلة، وتمت متابعة الاقتراح بقانون في المجالس اللاحقة، ولكنه لم يقر حتى الآن، بالرغم من الحاجة الماسة له.

بعد الثناء على الجهود المضنية التي بذلتها الجمعية الكويتية لجودة التعليم، وبالأخص الأستاذين البحر والرفاعي، من أجل التصدي للشهادات المزيفة، أناشد النواب تبني الاقتراح بقانون المعد من قبل الجمعية. كما أدعو الجمعية إلى دعم الاقتراحين بقانون المقدمين إلى المجلس الحالي الخاصين بتعزيز الاستقلالية الإدارية والمالية للجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».



تعليقات

اكتب تعليقك