نار المجلس.. ولا جنة الحكومة، هكذا يرى وليد الجاسم حال البلد رغم إقراره بأن الطاحوس زودها شوية وان الخرافي متخصص فى التصريحات المثيرة
زاوية الكتابكتب إبريل 22, 2009, منتصف الليل 501 مشاهدات 0
وليد جاسم الجاسم
نار المجلس.. ولا جنة الحكومة
بكل صراحة وبمنتهى الوضوح، أقول ان مظاهر المبالغة في التشدد ومحاولات فرض الهيبة وصولا الى التعسف في تطبيق القوانين الى حد مطاردة كل من نطق أو تفوّه برأي من السياسيين أو توجه بسؤال من الاعلاميين وتحويلهم رهن الاعتقال والتحقيق هو مشهد أقل ما يقال فيه أنه لا يليق بالكويت وينتقص كثيرا من صورة الكويت في عيون ابنائها وفي عيون الآخرين.
فما يحدث في الكويت هذه الايام لا يفيد، ولن يعود بالسمعة الطيبة المعروفة اصلاً عن بلادنا باعتبارها الصدر الأكثر اتساعاً في الشرق الاوسط، ومركز الحنكة والهدوء في التعامل مع الاحداث.
نحن لسنا ضد أن تحاول الدولة استعادة هيبتها التي عبث فيها مجلس الأمة ونوابه، ولكن على الحكومة أن تعلم أن الشدة والحزم لهما أصولهما.. وقديماً قال عتاة الدهاة «لا تكن صلباً فتكسر ولا ليّناً فتعصر».. ويجب ألا ننسى شعرة معاوية التي أراها توازي كل ما جاء في كتاب (الأمير) لمكيافيللي.
نعم.. إن الأخ خالد الطاحوس «زودها شوية» عندما أخذه الحماس وأخذ يهدد ويزبد ويرعد ويتحدث عن مجاميع قبلية جاهزة للمواجهة، لكن الكل يعرفون انه لم يكن قائدا ميدانياً يرتدي الدرع الحديدي والقلنسوة النحاسية ويحمل سيفاً بيمناه، ورمحاً بشماله وهو يجهز الجيوش العرمرمية من أبناء القبائل لمواجهة القوات النظامية للدولة، وكلنا نعرف أن ما قاله الطاحوس لم يكن أكثر من «شوية عنتريات لزوم الانتخابات».. لكن بعدما حدث له، ثبت يقيناً أن الأخ الطاحوس صاحب حظ يفلق الصخر، فالاعتقال واطالة أمد الاحتجاز جعله يحقق نتيجة ربما لم يكن يحلم بها في فرعية قبيلته، وعليه الآن أن يقول شكراً كبيرة جدا للحكومة، فهي من حيث لا تعلم قدمت له أكبر خدمة يحتاجها.
وإذا كان مقبولاً بشكل أو بآخر أن يتم إلقاء القبض على الطاحوس والتحقيق معه لأن ما قاله -حتى لو لم يكن يعنيه- يظل كلاماً خطيراً لا يجب أن يخرج من فم سياسي محنك، إلا أن أسلوب التعامل مع الدكتور ضيف الله بورمية كان خاطئاً بكل المعايير، إذ كان يكفي استدعاؤه للتحقيق معه ومن ثم الافراج عنه بكفالة أو ضمان، واستدعاؤه كلما لزم التحقيق، ولم يكن هناك داع لاحتجازه وهو النائب السابق، والطبيب السابق الذي استخدم لسانه كمشرط سياسي بعدما تخلّى عن مهنة الطب الانسانية وهام عشقاً في عالم السياسة!!
أما الحكاية التي لا نقدر على بلعها.. فهي حكاية القبض على عضو المجلس البلدي خليفة الخرافي، فكلنا نعلم بان الاخ خليفة متخصص في هذا النوع من التصريحات المثيرة منذ سنوات، وكلنا نعلم بان لا خطر من ورائه ولا هم يحزنون، ولكن تم اعتقاله (وصار اللي صار).. وسط كلام غريب نسمعه لتبرير ما يحدث بأنهم (زين سوّوا عشان عيال القبائل ما يظنون انهم وحدهم المستهدفين)!
أما عن المسكين الذي (توهق) بالسالفة فهو الأخ بداح الهاجري الذي حاصرت منزله ست دوريات وتم القاء القبض عليه بعدما اتهم بمحاولة استنطاق عضو البلدي خليفة الخرافي وسحب اعتراف منه بأن التصريح المنشور له على لسانه منذ اكثر من سنة.. هو قائله!!
ما حدث من تشدد مبالغ فيه الايام المنصرمة ربما ألجم ألسنة البعض ممن يعشقون التطاول لأيام.. لكن هذا كان بسبب الذهول والترقب، وليس الخوف، فنحن نعلم انهم في أمن الدولة لا يوجهون الطراقات للمعتقلين ولا يجلسونهم على القناني الزجاجية المكسورة ولا يقلعون اظافرهم بالكماشة، ولا يعرضونهم الى أي مواد كاوية، ولا يثقبون اجسادهم بالمثقاب الكهربائي!!.. وبالتالي.. اليوم أي مرشح يفكر بالفوز والبطولة ما عليه الا ان يطوّل لسانه اكثر، ويرفع صوته اعلى، ثم يرفع كفيه الى السماء داعيا الله ان يكونوا سمعوه ويأتوه على الفور للقبض عليه واحتجازه.. وتحقيق النتيجة (العكسية) التي يتمناها.
لقد كنت دائما من المؤمنين بأهمية الديموقراطية وضرورتها حتى لو شابتها شوائب وعابتها عيوب، وكنت ارى الديموقراطية حافظة للتوازن في المجتمع ومانعة لأي تسلط من أي طرف على عباد الله، ولكن.. في الفترة الاخيرة كنت قد بدأت اتقبل مسألة مناقشة الحل غير الدستوري وان كان مفيداً للكويت أم لا، خصوصاً وسط تعالي الصيحات بأن مجلس الأمة يتعسف في استخدام صلاحياته وانه صار أكبر خطر على الحريات العامة، وسببا في وقف التنمية والتقدم ويضع العصي في الدواليب الاقتصادية.. وكل ما شابه ذلك من الكلام.
لكن اليوم.. أحمد الله على ما حدث، فقد أثبت ان رأيي القديم هو الاصوب وان الحكومة معرضة لفقدان الرشد في اي لحظة، ومعرضة للتهور في اي وقت، مما يجعلنا نقول ان وجود مجلس الامة بكل عيوبه وموبقاته واخطائه افضل لتحقيق التوازن، وانسب من ترك الحبل على الغارب للحكومة التي لا تعرف كيف تمارس الشدة والحزم. وأثبتت انها حكومة تحتاج الى وصاية دائمة..
وأخيراً.. نار مجلس الأمة ولا جنة الحكومة!!
لا تتركوا بداح
نتمنى تحركاً جماعياً من الزملاء في الحقل الاعلامي «صحافة وتلفزيون» للتضامن مع الزميل بداح الهاجري والمطالبة بالافراج عنه، هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى يجب ان يكون هناك تحرك جماعي آخر لضمان سلامة الصحافي والاعلامي وتمكينه من اداء عمله وواجباته دونما ارهاب وترهيب.
تعليقات