أصحاب الشهادات المزورة بدلا من أن يعيشوا في الظل خوفا من انكشاف أمرهم يتقلدون أعلى المناصب في الدولة.. برأي محمد السداني
زاوية الكتابكتب محمد السداني يوليو 20, 2018, 10:49 م 4401 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- دكتوراه في حتى...!
محمد السداني
عندما أفلس أحمد مظهر أو سمو الأمير - في فيلم «الأيدي الناعمة» - الأمير الذي يتحدر من الأسرة العلوية التي كانت تحكم مصر قبل الانقلاب العسكري عليها، بدأ يبيع مقتنياته شيئا فشيئا حتى تعرف على متشرد عاش معه في قصره الواقع تحت حراسة الحزب الاشتراكي، أحب المتشرد أن يجعل سمو الأمير يحترمه، فقال له إنه يحمل شهادة دكتوراه في - حتى - فما كان من الأمير إلا أن احتقره أكثر من السابق لأنه لا يرى قيمة لهذه الدكتوراه التي أهدر فيها عمره لدراسة حرف واحد وهو - حتى -.
وهذا الحال ينطبق على مجتمعنا، فعندما كثرت الأموال بين الناس وارتفع مستوى الدخل وتساوت الروس، بدأ البعض يبحث عن علامات فارقة بينه وبين غيره الذي ينظر له بنظرة لا يعتبرها كافية في الاحترام والتقدير، فانهال الكثير منهم يطلب شهادات دكتوراه وماجستير من دولة معينة دون غيرها، فتكاثر أصحاب هذه الشهادات حتى عشنا في مجتمع نصفه دكاتره ومحامون وغيرهم الكثير الكثير ممن حمل شهادة وهو على رأس عمله.
والمصيبة أن الحكومة تعلم بذلك وتمارس دور أحمد مظهر في احتقار هؤلاء وتهديدهم متى ما استدعت الحاجة، فكل عامين يتصدر عناوين الصحف عنوان بأن عدد المزورين تجاوز العدد الفلاني وأنَّ الجامعة الفلانية بها عدد من المزوّرين والهيئة بها عدد من المزوّرين، وفي الأخير لا يحدث شيء ويقفل الملف كأن شيئا لم يكن.
والغريب في الأمر أنَّ أصحاب هذه الشهادات بدلا من أن يعيشوا في الظل خوفا من انكشاف أمرهم، تراهم يتقلدون أعلى المناصب في الدولة ويتصدرون المشاهد الإعلامية والسياسية، وغيرها الكثير الكثير من الأماكن التي تجعلك تتساءل مَن المزور فينا؟!
إنَّ حجة البعض في عدم كشف أسماء المزوّرين للشهادات، أنَّ الذين زوّروا بعضهم أبناء عوائل وشخصيات مرموقة، فإن كان هذا صحيح فلماذا نقر القوانين ونضع اللوائح وغيرها في كل سنة؟ ولماذا نضع شرط اللغة للحصول على البعثة للطلبة الصغار؟ ولماذا نتشدد في جانب ونتراخى في جانب آخر؟ كل هذه الأسئلة تجعلنا نفكر من هي العوائل والشخصيات المرموقة التي تخاف الدولة الكشف عن أسمائها، وهل ستنهار الدولة عندما تكشف لنا مزورين خانوا الأمانة وخدعوا الله والوطن والقانون، ولم يعاملوا الوطن مثلما عاملهم؟
إنَّ أول خطوة من خطوات الإصلاح الشامل للفساد في التعليم، هو جعل هذه المجموعة عبرة لمن لا يعتبر، والتنكيل بهم أشد تنكيل لكي لا يقدم أحد على مثل هذه الفعلة الشنيعة. إنَّ هذه العوائل والشخصيات يجب أن تقف عند مسؤولياتها كمكونات أساسية في المجتمع فتحافظ على صلاح المنظومة التعليمة، وإن كان هذا الإصلاح يعبر على بعض أبنائهم وأفرادهم. وحقيقة، لقد مللنا من هذه الاسطوانة المشروخة، فحين الكشف عن أي خلل أو فساد يطالب المسؤول بالتكتم على المسؤولين عن أي فساد بحجة استقرار البلد، وأنا مؤمن جيدا بأن استقرار البلد لن يأتي إلا بكشف هؤلاء المخادعين الذين خدعوا المجتمع بشهاداتهم المضروبة.
خارج النص:
- المدير مو مداوم، أتمنى أن يكون هناك مدير مداوم لكي ننتهي من معاملاتنا في الحكومة في وقت قصير، فلا يمكن أن أختم ورقة واحدة بأكثر من خمسة أختام لكي تنتهي...
تعليقات