دشتي: هدفنا مصلحة الكويت الكويت أولا و أخيرا

محليات وبرلمان

654 مشاهدات 0


اصدر مرشح الدائرة الأولى باقر دشتي بيانه الانتخابي التالي:

معـاّّ نستطيع

(1)

وقفة لمراجعة الذات


     يقال أن 'السياسة هي فن الممكن'، وإذا ما كان هذا القول صحيحا - كما يفترض - فلابد أننا أضعنا العقود الثلاثة الماضية في محاولة تحقيق غير الممكن: فنحن كنا و لا زلنا نحاول أن نمارس ديمقراطية حقيقية تقوم على حكومة تحظى برضا الشعب، وتخضع للرقابة الشعبية ممثلة بالبرلمان، ولكننا بالرغم من ذلك لم نحاول ولو مرة واحدة اختيار برلمان فعال يمثلنا في تحقيق ذلك. 

والبرلمان الفعال كما رأينا خلال العقود الثلاثة الماضية يعني إما التمثيل الفئوي أو الحزبي أو القبلي أو الطائفي. وخطأ كل هذه التوجهات – كما هو واضح – هو أنها سوف تؤدي - إن هي تركت مستمرة دون مجابهة - إلى تفكيك الدولة.  وإذ تطورت دولة الكويت ونظامها السياسي خلال فترة القرنين والنصف الماضية عبر تمثيل كل هذه المصالح الفئوية والقبلية والطائفية والحزبية مجتمعة ضمن كتلة موحدة اسمها الشعب الكويتي، وهي المكون الرئيسي لدولة الكويت، فإن تفكيك الدولة يعني العودة بنا وبما وصلنا إليه من تطور سياسي إلى الوراء لأكثر من قرنين ونصف.

     وإذا أضفنا إلى محاولة تفكيك السلطة السياسية المحاولات الشرسة لتقاسم ثروة الدولة بين تلك الفئة التي تطالب بدعم الدولة المالي حتى عندما تخطأ أخطاء جسيمة - وصلت إلى درجة تعريض مصداقية الدولة المالية للخطر – والفئة الأخرى التي تريد أن تقتات من مال الدولة دون وجه حق، ودون اعتبار لما قدمته كلتا الفئتين في سبيل تنمية المجتمع الكويتي من فكر، أو جهد، أو مال، غير ما دار في منفعتهم الذاتية أساسا، وتنمية الدولة صدفة.  وتزامن مع كل ذلك وأد منظم لأبناء الوطن أصحاب العقول المبدعة ذات الرؤية المستقبلية الثاقبة من مختلف الأجيال.  وأصبحت مؤسسات الدولة تدار من أناس أغلبهم ممن يريد أن يرتزق ويغتني منها على حساب غيره، لا أن يفيد الدولة.  وبمرور الوقت ضاعت بوصلة اتجاهنا، وتقديرنا للأمور، ولدور الزمن فيه، وضرورة المحافظة على فاعلية النظام السياسي.  وبالنتيجة تلاشت تدريجيا الشريحة التي تنصح دائرة صنع القرار الوطني، إلا من قلة يسيرة لا تستطيع أن تمنع هذا الانتحار الجماعي للشعب والوطن، وأصبح ما نراه من تدهور في القرار والتنفيذ على مستوى الحكومة والمجلس مجرد قمة جبل الثلج كما يقولون، ونخشى أن يكون القادم من الأمور أكبر وأخطر.

      وكل ما ينقصنا اليوم لاستكمال هذا المسار الانتحاري للدولة هو أن نبدأ بتقاسم الأرض قسرا، وبتقطيع أوصالها.  وهذه الخطوة الأخيرة قد بدأت فعلا بتقسيم المناطق الانتخابية على الأسس الفئوية والقبلية والطائفية، وجاءت الحزبية لتحاول أن تعطي هذا التقطيع المبرمج لونا سائغا، لمذاق أصله مر، تعافه النفس.

     وما يثير اهتمامنا أننا نردد دائما نصوصا دستورية أساسية تقضي بأن 'الأمة هي مصدر السلطات'، غير مدركين أننا عندما نقوم بتفتيت وحدة الأمة ذاتها فإنها لا تعود قادرة على أن تكون مصدرا للسلطات. فالأمة اليوم حقيقة تحاول جاهدة أن تحمي مصالحها الموحدة ضد مصالح الفئة والحزب والقبيلة والطائفة !


(2)

عقد اجتماعي جديد


     وفي ضوء هذه القراءة الواقعية لحالنا اليوم وما آلت إليه أمورنا ، فإن الحل الذي نعرضه اليوم على جموع الشعب الكويتي بكل أطيافه، من الممكن أن يلخص في عبارة واحدة: إننا نحتاج إلى عقد اجتماعي جديد. هذا العقد الاجتماعي الجديد لن يقوم فيما نعتقد إلا بعد أن تكون لنا وقفة لمراجعة الذات كشعب، وبعد أن نتدارس وبالتفصيل أين أخطأنا في تطبيقنا لما نص عليه دستور 1962، ما دمنا نتفق على أن الخطأ ليس في النص.  كما أن هذه الوقفة مع النفس تتطلب أن ندرك أن ليس لنا مصلحة إلا في إصلاح هذه التجربة ودفعها إلى الأمام. وعلينا بالإضافة إلى ذلك أن ندرك كذلك أنه تحيط بنا مجتمعات من كل عرق ولون ودين وطائفة انشقت على بعضها، ووصلت الآن إلى مرحلة من الاحتراب والاقتتال بين بعضها البعض، ومن المفروض علينا ككويتيين جميعا أن نتعلم من هذه التجارب المريرة لهؤلاء الجيران. 

     ومن جهة أخرى فإننا لو بسطنا الأمور وجلسنا فعلا في جلسة مصارحة مع النفس، لوجدنا أن الحقيقة التاريخية هي أننا جئنا من كل حدب وصوب منذ قرون عدة، ولكن لو خيرنا في العودة إلى كل جهة جئنا منها، لما عدنا، إذ أننا كما يقولون بالكويتي الفصيح لن نجد أفضل مما نحن فيه. وهذا اختيار صحيح في نظرنا إذ أن سياسة دولة الرفاه الحديث في الكويت وصل من جودته ودرجته المتقدمة في الكفالة الاجتماعية إلى حد إفساد روح المبادرة، والفكر المبدع، وأخلاقيات العمل، والاحتراف، والاهتمام بالثقافة، والحرص على المال العام لدينا، حتى بات كل من جاهد ليحافظ على صوابه بيننا - وهم كثر - يطالب بين الفترة والأخرى بالعودة إلى هذه القيم الأصيلة في الشعب الكويتي. 

     وبالإضافة إلى كل ذلك، فإننا يجب أن ندرك أيضا ونتدبر في آن واحد أن لا سلطة سياسية أو دينية يرفع المتطرفون منا كلهم شعاراتها أو أعلامها أو يتكلمون بلغاتها وأطروحاتها السياسية أو الاقتصادية قادرة  الآن أن تحقق لشعوبها ومن يتبعها ما حققته دولة الكويت لشعبها بسواعد أبنائها الصادقين والمبدعين مجتمعين عبر القرون. ويجب أن ندرك أخيرا أننا كلنا كويتيون، والأهم في مراجعة الذات هذه أن ندرك أن لا مجال اليوم أبدا للتفرقة بيننا على أساس الأصل أو الجنس أو المعتقد أو الطبقة أو السبق في اكتساب صفة المواطنة أو أي أساس آخر .   

     وأخيرا فإن المنطق يقول أننا إذا كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه في بناء دولة الكويت بالعمل متحدين ، فإن إصلاحنا لأوضاعنا - بعد مراجعة النفس هذه - يقتضي أيضا أن نعمل متحدين من أجل أن نتقدم أكثر وأسرع إلى الأمام، لا أن نفرق اللحمة التي تجمعنا، والوحدة التي تحمينا.

     إن السبيل إلى الذي نطالب به ونحاول أن نقنعكم به هو أن ننظر إلى  جذور تأسيس المجتمع الكويتي الذي قام على المصلحة المشتركة المبنية على ضرورة تقاسم العيش في بلد واحد ضمن نظام سياسي موحد نص عليه دستور دولة الكويت لعام 1962، وأكدته دماء شهداء الكويت عبر التاريخ مرورا باحتلال دولة الكويت وتحريرها عام 1990-1991 ووصولا إلى من سقط ضحية للإرهاب وهو يدافع عنا.  وفي نظرنا أننا إذا ما استوعبنا جديا أن تعايشنا قائم فعلا على المصلحة المشتركة في البقاء موحدين، خاصة في ظل الظروف الدولية الحالية حيث التدخلات الخارجية تأتينا من كل اتجاه، وصولا إلى تسهيل قيامنا بمسؤولياتنا وحصولنا على حقوقنا الدستورية، بدلا من أن تكون أطروحات الفئة والحزب والقبيلة والطائفة مفرقة لوحدة الشعب الكويتي، كما هو الحال الآن.

     هذا التقاسم للعيش وليس للوطن يجب أن يقوم على أن الشعب الكويتي واحد موحد بسلطاته السياسية الدستورية، ومواطنيه ومواطناته، وكل من يعيش بيننا بإخلاص وجد ومثابرة.  وأن هذه السلطات السياسية رأسها سمو أمير البلاد كما ينص الدستور، وأنه يفوض السلطات الثلاث بممارسة صلاحياته الدستورية المطلقة، وأن لا مجال دستوريا على وجه الإطلاق للقول بجواز تحدي سلطة الأمير في من يختار لتفويض سلطاته إليه، وأن لا مصلحة تجنى من ذلك، وأن الظروف الدولية الحالية تتطلب تعزيزا ودعما للقيادة السياسية الكويتية في مواجهتها لهذه الظروف، لا انتقاصا من سيادتها الدستورية.. 

     ولكن السلطة التنفيذية ذاتها والتي هي مسؤولة عن ممارسة سمو أمير البلاد لسلطاته الدستورية التنفيذية - عبر التفويض الدستوري الذي تتمتع به - يجب أن تكون السند الأول للقيادة السياسية.  ولكن هذه مسألة صعبة في الظروف الحالية، حيث استشرت معايير غريبة في من يصلح للوزارة أو للاستشارة.  ولذلك فالعودة عن هذه المعايير لن تتم أبدا إلا إذا قامت السلطة التنفيذية باختيار الأصلح للوزارة والاستشارة على أساس من الاحتراف والمهنية، والابتعاد عن المحاصصة الفئوية والحزبية والقبلية والطائفية. ثم يجب أن يتلو ذلك أن تبدأ الحكومة الجديدة بتنفيذ كل الخطط الإستراتيجية التي وضعتها، لا أن تشرع بتخطيط أخرى فتضيع الوقت.  كما يجب على السلطة التنفيذية أن تتعامل مع إدارة هذه المشروعات بنهج جديد ومختلف يقوم على روح من الشفافية الذاتية. بحيث تتولد فرصة جديدة لإعادة توزيع الثروة بمسؤولية ومهنية أكبر من السابق، وبحيث يمكننا منذ الآن سد الفجوات التي بدأت تظهر بين الطبقة الوسطى والطبقات الأعلى.

     كما يجب أن يقوم الحل الذي نقترحه على أن البرلمان هو الممثل المنتخب للشعب الكويتي كله بدون تفرقة، وأنه يجب أن يمارس سلطاته الدستورية في التشريع والرقابة على أساس أن يتصدى للتشريع والمراقبة للأهم من الأمور ثم المهم ثم الأقل أهمية لا العكس كما هو قائم حاليا.  كما يجب أن يتولد فهم لدى ممثل الأمه أنه يبدأ مسؤولياته بفسم يجب أن لا يحنث عنه، وأن لا مجال هنالك لاجتهاداته الفقهية الشخصية التي يخالفه فيها الكثير، فالعلاقة ببساطة تقوم على عهد التزم به، والوفاء بالعهد هو الأكثر إلزاما من اجتهاداته الفقهية.  وفي هذا السياق يجب التشديد على أن عدم احترام رموز الشعب السياسية، أو عدم احترام السلام الوطني، أو علم دولة الكويت، أو عدم احترام الحقوق السياسة للمواطنين، أو الحق في الرأي، والحق في ممارسة الشعائر الدينية، ليس من الدين في شيء مادام أنه يفرق الأمة، إذ أن المتفق عليه هو أن مصلحة الأمة ووحدتها غالبة على كل شيء آخر. 

     أما فيما يخص آلية عمل البرلمان فإنها يجب أن تطور في تصديه لوظائف التشريع والرقابة بتوظيف كل القدرات الفنية اللازمة في مجالات التخطيط والاستشارات والمحاسبة وإدارة المشروعات الكبرى، بحيث يستطيع البرلمان أن يعطي رأيا فنيا دقيقا في هذه الأمور، وليس كما هو جار في الوقت الحالي.  وهذه في نظرنا تعتبر قضية ملزمة تجاهلها نوابنا منذ عهد طويل، فما داموا يمثلوننا في التشريع والرقابة، فإن عليهم حسب قواعد الوكالة القانونية مسؤولية كبرى في تقصي جوانب كل أمر قبل أن يشرعوا لنا أمرا به، وأن يكونوا على إلمام بجوانب كل موضوع قبل أن يخضعوه للرقابة باسمنا، ثم كيف يجوز لهم أن يتجاوزوا حدود الوكالة القانونية هذه بأن يثيروا مشاكل، لم تعن ولن تعني لشرائح عريضة من الشعب الكويتي شيئا، ويؤثروا بذلك  على مصالح الشعب الكويتي مجتمعا؟   

     كما يجب أن تتغير أعراف التعامل بين الحكومة والبرلمان بأن تعود لتستند إلى أخلاقيات الشعب الكويتي وأعرافه من حسن النية وضبط النفس قولا وفعلا.  وهذه كلها يجب أن تجسد في قواعد مكتوبة للتعامل تضعها الحكومة والمجلس مجتمعين، وأن يلتزما بالعمل بها، وأن يشكلا لجنة مشتركة لمحاسبة أعضاء الحكومة والمجلس على أي عدم احترام أو خرق لهذه القواعد، وتطبيق الإجراءات اللازمة بحق كل من يقوم بذلك، بحيث يتولد نمط جديد من التعامل بين السلطتين يقوم على الاحترام المتبادل والمهنية العالية، وأن يتحقق بذلك ما نص عليه الدستور من تعاون بينهما.

     هذه باختصار الصورة العامة التي ندعو إليها في بياننا هذا الذي نستهل به حملتنا الانتخابية.  هذا البيان إنما جاء ليقدم تشخيصا أوليا للأوضاع التي آل إليها وطننا الكويت، والتي من غير الممكن أن نخرج منها إلا بالتكاتف والتعاضد كشعب واحد موحد دون اعتبار لنظراتنا الفئوية والحزبية والقبلية والطائفية. وهذا البيان هو دعوة للجميع دون اعتبار لهذه الاختلافات للانضمام إلى وتأسيس تحالف عريض من المرشحين يضم كل أطياف الشعب الكويتي لبدء وإدارة جولة انتخابية مختلفة جدا في كل الدوائر الانتخابية تقوم على الاحترام المتبادل، والحوار الرصين، واحترام عقل الشعب الكويتي، وتغليب مصلحة الكويت فوق كل شيء. وما نريده من كل منكم حقيقة الوعي بأننا حريصون على فهمكم وعقلانيتكم وأقتناعكم أكثر من حرصنا على صوتكم. والامر بيدكم للنهوض ببلدناوأمامنا فرصة لا تعوض.  فهل أنتم فاعلون؟
 


هدفنا مصلحة

الكويت أولا و أخيرا

الآن: محرر الدائرة الأولى

تعليقات

اكتب تعليقك