قراءة في المشهد الإنتخابي التركي.. بقلم عبد العزيز الكندري
زاوية الكتابكتب يونيو 25, 2018, 11:17 م 1455 مشاهدات 0
الراي
ربيع الكلمات- فاز أردوغان
عبد العزيز الكندري
«الديموقراطية هي أفضل ما أنتجه العقل البشري... وأن نتلاكم بالكلمات أفضل من الرصاصات» المنصف المرزوقي.
أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، سعدي غوفن، فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية وحصوله على 52 في المئة من أصوات الناخبين والذي جنبه جولة الإعادة. ولكن المفاجأة هي حصول حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة معه على أغلبية برلمانية، ولو فكرنا بموضوعية بعيدا عن العواطف، فإن هذه النتيجة جدا مهمة في استقرار تركيا وسط محيط ملتهب.
ولكن هناك نقاطا عدة يجدر النظر فيها، ولعل أهمها أن 50 مليون مواطن تركي صوتوا في يوم واحد وفي أقل من 10 ساعات وبكل انسيابية، من دون حدوث خروقات تذكر... هذا يسجل لمصلحة وعي المواطن. والأمر الآخر، هو شدة المتابعة والمبالغة وحماس المواطن العربي في متابعة العملية الانتخابية، ما بين مؤيد بقوة أو شامت فيها، وأظن لولا الإحباط في العالم العربي لما وجدنا ذلك. والأمر الثالث أن المعارضة التركية كانت على درجة كبيرة من الوعي السياسي، وهذا يحسب لها، أما الليبرالية العربية فأغلبها ليبرالية شعارات لها مواقف مسبقة من الأحداث، تتحدث بعكس ما كانت تنظر فيه بالسابق.
حزب «العدالة والتنمية» تولى الحكم منذ 15 عاما وبأصوات الشعب، فأصبحت تركيا لاعبة رئيسية وباحتراف كبير في المنطقة، على كل المستويات المحلية والدولية، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، حيث ان الحزب لديه رؤية ثاقبة وفاحصة وكاشفة ومجهرية في الوقت نفسه، ساعدته كثيرا في أخذ مكان ريادي ومتصدر، وفي سرعة قياسية سحب البساط من دول كثيرة في المنطقة، وبل حتى القضايا العربية والإسلامية كان له السبق فيها، وذلك لأن الإعداد كان جيدا وسليما، واكتسب احترام أكثر الدول في المنطقة وخارجها.
يقول فوللر مؤلف كتاب «تركيا لاعب إقليمي متنام»، ان التحولات التي تشهدها تركيا داخليا وخارجيا في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية ليست تحولات طفرية بقدر ما هي نتاج منظم متسارع لتراكم خبرات الحركة الإسلامية في تركيا. ويضيف الكاتب أن «العدالة والتنمية» الذي تأسس بزعامة أردوغان في أغسطس العام 2001، يعد الحزب الأكثر اعتدالا في تاريخ الأحزاب الإسلامية التي ظهرت في تركيا خلال العقود الأربعة الأخيرة، بل انه الأكثر نجاحا على الإطلاق بين الأحزاب السياسية عامة بما حققه من نجاحات في إدارة السياسة الخارجية وفي المجالين الاقتصادي والاجتماعي. ويصفه بأنه «الحزب النموذج لدى الإسلاميين في العالم كله».
ومن يتذكر تركيا عندما كانت في قبضة العسكر قبل سنوات، يتبادر إلى ذهنه الانغلاق والانعزال عن العالم الخارجي وعن الجيران، إضافة إلى سوء الأوضاع المعيشية وقلة دخل الفرد ونقص الخدمات الأساسية، لدرجة حتى المياه في منتصف التسعينات، كانت تؤخذ ببراميل صغيرة نتيجة كثرة انقطاعها.
الرئيس التركي السابق عبدالله غول أبدى تحفظه على التعديلات الدستورية والانتقال للنظام الرئاسي، ولكنه قال إن مناقشة الموضوع مفيدة لمعرفة الآراء المختلفة، وهذه قوة الديموقراطية. والتعديلات ستمنح أردوغان صلاحيات تعيين نواب الرئيس وبعض الوزراء وكبار الموظفين، وسيكون تشكيل الوزارة أو إلغاؤها بمرسومٍ رئاسي، والتعديلات تجعل للرئيس البقاء في السلطة لدورتين كحد أقصى وهذا في غاية الأهمية، مدة كل منهما 5 سنوات. ولكن من أبرز التعديلات أن الشباب ستكون لهم الكلمة المؤثرة في قادم الأيام، حيث سيتم خفض سن الترشح لعضوية البرلمان من 25 عاماً إلى 18، والانتخابات البرلمانية والرئاسية ستكون في يوم واحد كل 5 سنوات.
وهناك أصوات عاقلة متزنة كانت تعارض التعديلات الدستورية، ولها رأي وجيه في عدم تركز السلطة في جهة واحدة، ولكن تنوعها وإعطاء فرصة للمعارضة في المشاركة في اتخاذ القرارات، له أثر إيجابي، حيث التوافق مهم جداً في مثل هذه التغييرات المصيرية.
تعليقات