عن معايير الإنسانية بين الكويت وفرنسا

زاوية الكتاب

يكتب زايد الزيد- متناولا تجنيس أفريقي خلال 30 ثانية، فكم يحتاج البدون لإثبات ولاؤهم؟!

كتب 1837 مشاهدات 0


شكلت حادثة قيام أفريقي مهاجر بصورة غير شرعية في فرنسا بانقاذ طفلة قبل سقوطها من الدور الرابع في عمارة سكنية، شكلت الحدث الأبرز سواء على مستوى الاعلام في فرنسا من خلال الصحف والمنصات الاعلامية، أو حتى على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي عربياً ودولياً، وهذا الاهتمام لم يكن منصباً على بطولة هذا الشاب العشريني وشهامته، بل بتداعيات الحدث ذاته والذي كان سريعاً من خلال قيام الرئيس الفرنسي ماكرون باستقبال هذا الشاب شخصيا لتوجيه الشكر له ومنحه الجنسية الفرنسية وتقديم وظيفة له في ادارة الاطفاء والانقاذ عرفاناً له على دوره البطولي، وهذا الحدث برمته كان مثار جدل وحديث طويل عبر مواقع التواصل ولا سيما على مستوى الدول العربية، فكان الحدث أشبه بحلم جميل يتمنون تطبيقه في بلادهم.

والحقيقة على مستوى الكويت خصوصا، يدعونا هذا الحدث لاستذكار بطولات الكويتيين البدون الذين قدموا دماءهم وأرواحهم وتشهد لهم مختلف الميادين، فمنذ حروب 1967 و1973 والغزو العراقي عام 1990 ثم معركة التحرير عام 1991 وحتى اليوم، عقود مضت وما زال الآلاف من هؤلاء - وأبناؤهم وأحفادهم - حقوقهم مهضومة، في حين - وعلى الجانب الآخر - لم يحتج الشاب الأفريقي سوى 30 ثانية هي المدة الزمنية لبطولته ليظفر بشرف نيل الجنسية الفرنسية، أما عن «الكويتيين البدون» فكم يحتاجون ليثبتون وطنيتهم؟ فها هم منذ أكثر من 50 عاماً يعانون الأمرين، فماذا يحتاجون ليثبتون وطنيتهم ؟ 
واللافت ان هذا الأمر أصبح مثار سخرية من خلال ردود الفعل في الكويت بالمقارنة بين وضع «الكويتيين البدون» وهم أبناء الأرض منذ زمن بعيد، مع وضع الشاب الأفريقي الذي حضر حديثا من بلاده ليدخل بصورة غير قانونية، ولم يحتج لأي اثبات لوطنيته ليظفر بالجنسية الفرنسية.
ولو أردنا قياس هذا الأمر بمعيار الانسانية، لكان المقياس ليس في صالحنا، ففي بلد عظيم كفرنسا ورغم الظروف التي داهمتها مؤخرا والتحديات الأمنية، يمنحون الجنسية لأفريقي مقيم بصورة غير قانونية لأنه أنقذ طفلة فرنسية، فهم قاموا بهذا الفعل لأنهم نظروا للحالة الانسانية ولم ينظروا للعرق ولا للدين، أما في الكويت، فحتى الآن - وبصريح العبارة - ما زلنا بعيدين كل البعد عن تطبيق أدنى معايير الانسانية ولنا في «الكويتيين البدون» خير مثال.

الآن - زايد الزيد

تعليقات

اكتب تعليقك