خالد الطراح يكتب.. تسييس وزارة الأوقاف
زاوية الكتابكتب إبريل 15, 2018, 11:46 م 893 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- تسييس وزارة الأوقاف
خالد الطراح
نجت وزارة الأوقاف، الى حد ما في 2016، من رياح تدوير وزاري كان من الممكن ان تعود بالوزارة إلى التسييس وأجندات لا تخدم التنوير، وترسيخ قيم المجتمع المدني والتصدي للغلو في ظل تحديات خطرة للغاية.
وزارة الأوقاف، أو وزارة الأمن الاجتماعي على حد تعبير وكيل الوزارة السابق، ينبغي ان تتلاقى الأعمال فيها عند أهداف التصدي للفكر المتطرف، حيث برهنت الأحداث على أن التطرف الديني سبب رئيسي وليس فرعيا للمجازر التي شهدتها الكويت والعالم أيضا.
هناك ملفات، لا ملف واحد، شكل معظمها انحرافا في مسار العمل الاداري والمالي في الاوقاف، في حين تميزت ملفات أخرى بخروج النهج الدعوي عن مظلة الرقابة ونطاق الدستور والدولة المدنية، كما حصل اخيرا في خطبة الجمعة عن «الالحاد المعاصر» والتعدي على حريات الآخرين، لاسيما من النساء غير المحجبات اي السافرات والمتبرجات!
وزارة الأوقاف ينبغي ان تظل بعيدة عن التسييس، والا تكون جزءا من صفقات سياسية من الممكن ان تدفع بالبلد إلى وادي التوحش، فيما اذا خضعت الوزارة لقبضة سياسية.
احدث مثال على ذلك تراجع الوزارة عن تعميمها الذي صدر بخصوص منع «جماعة التبليغ» من دخول المساجد من دون اذن مسبق، ورقابة الادارة المعنية بناء على «طلب امني رسمي» وليس تمنيات. ولكن «ضغوطا سياسية» جعلت الوزارة تسحب التعميم خلال اقل من 24 ساعة، في حين أن خطبة الجمعة فجرت مشاعر استياء اجتماعية وقانونية عميقة بخصوص المرأة السافرة لم تجد لها صدى عند الوزير او الوكيل، ربما لأن لدى الوزارة اكثر من تيار ديني مهيمن عليها! (القبس 2018/4/7)
وزارة الأوقاف ينبغي ان تكون بعيدة كل البعد عن التسييس، وان تكون مرآة للدولة المدنية. لكن يبدو ان رياح التسييس تغيب قليلا وتعود كثيرا الى هذه الوزارة بالذات، وهي ممارسة حكومية لها تاريخ حتى لو قفزت على دستور الدولة.
من المفيد تجديد تذكير الحكومة بان الخلايا الإرهابية في الكويت وخارجها منبعها بيئة حاضنة ومصدرة لجماعات القتل باسم الدين، وهذه البيئة تنمو في محيطنا في ظل معرفة ورعاية، كما برهنت الاحداث، امنية وقضائية.
من الممكن ان تكون هناك عقول ضالة تتمتع بالقرار اينما كانت، وهو ما يستدعي التركيز على اي سياسات او توجهات قد تحمل سموما اجتماعية.
الخطاب الديني المتشدد خرج على لسان افراد من فئات عمرية مختلفة ضلوا طريق التسامح، وحملوا راية الذبح لأبرياء في الكويت، وهو شكل من اشكال الغلو الذي يقتضي إدراك وزارة الاوقاف للمسؤولية الاجتماعية قبل الدينية، خصوصا انها مكلفة بنشر الوسطية وليس تفتيت المجتمع وإحداث انقسام ديني واجتماعي في محيط يئن من شتى انواع التجاذب والصراعات!
ليس غريبا على وزير الاوقاف الرضوخ لضغوط سياسية طالما الصف الآخر ممن يحملون رايات الدولة المدنية في مجلس الامة متسمرين خلف كاميرات الاعلام وحسابات التواصل الاجتماعي، فالهالة الاعلامية التي يخلقونها لأنفسهم هي الاهم لهم من تفعيل المساءلة السياسية للحكومة، كما هو حال معظم جمعيات النفع العام!
تعليقات