السلطة هي تعبير عن واقع اجتماعي وليست نزلاً من المشتري أو المريخ.. كما يرى عبد اللطيف الدعيج
زاوية الكتابكتب مارس 10, 2018, 11:59 م 963 مشاهدات 0
القبس
السلطة لا تخلق الواقع بل تعبّر عنه
عبد اللطيف الدعيج
عودة إلى موضوع حرية الرأي والتعبير، التي يبدو أنها أخيراً بدأت تهيمن على اهتمام الكثيرين منا. حرية الرأي والتعبير ليست جزءاً من النظام الديموقراطي، بل هي النظام الديموقراطي كله. فمن دون هذه الحرية لا يمكن الحفاظ على المبادئ الديموقراطية نفسها، ولا يمكن وقف أو فضح اعتداءات القوى الاجتماعية، سواء في السلطة أو في المجتمع عليها.
أنا صار لي سنون أكتب ضد مجاميع التخلف الاجتماعي، وأنتقد الموروث والتقليد، وما يبقينا نراوح في أماكننا أو ما يشدنا الى الخلف. وبالكاد أثار هذا اهتمام أو حفيظة أحد، لكن مجرد انتقاد أو الإشارة إلى أخطاء السلطة فإن هذا الانتقاد أو الإشارة يستأثر باهتمام الحالمين والنائمين، ومن يعتقدون أنهم فعلاً حماة ورعاة الشأن العام.
أنا أعلنتها وأعيد.. ليست مشكلتي مع السلطة، بل إنني أو إننا النظام، كما أعلنت مرارا وتكرارا، اننا النظام.. هناك من يقيد هذا النظام، وهناك من يشوه هذا النظام من أطراف اجتماعية وأطراف سلطوية أيضًا.. وأعداء النظام الحقيقيون هم من لم يتقبل، ولا يبدو أنه سيتقبل النظام الديموقراطي القائم على التعددية وتداول السلطة في المجتمع وفي السلطة السياسية.
السلطة، أي سلطة، هي تعبير عن واقع اجتماعي، وليست نزلاً من المشتري أو المريخ. وحاليًا من يقيدنا ومن يؤخرنا ومن يتسبب في ألف وياء أزماتنا هم القوى الاجتماعية المعنية والمستفيدة من تراجع الحريات وتوقف البناء والنهوض الاجتماعي، في السلطة، وبدرجة أقوى وأشد في المجتمع.
لا أنكر على الإطلاق، ولست بالسذاجة الكافية كي أنكر أن بعض أركان السلطة سعوا بقوة وبعنف أيضاً إلى وقف وتجميد التطور، وإلى تثبيت عجلات التقدم. وعملوا على بناء سدود أمام الزحف التقدمي، ووضع عصي في دواليب التطور. لكن هذه السدود أصبحت حصونًا اليوم، وهذه العصي تحولت إلى أعمدة راسخة ومستقرة في البناء الاجتماعي. وهي اليوم «ذاتية» الحركة والمصالح والأهداف. وربما تجدر الإشارة إلى أنها أصبحت حتى على تناقض أو بالأحرى على يمين القوى السياسية التي اختلقتها.
التطور والتنمية الاجتماعية قبل السياسية ليست من خيارات الكثير من مجاميع التخلف، ولا تتفق مع توجهاتها. لذلك فإن هذه المجاميع وليس السلطات «وحدها» هي من يتصدى للتنمية، وهي من أوقف ولا يزال يوقف عجلات التقدم. وعلى الكثيرين مراجعة مواقفهم السياسية، فحلفاء الأمس واليوم هم أعداء المستقبل، وهم حجر العثرة الحقيقي أمام التطور والتقدم أياً كان.
تعليقات