((الآن)) تنشر كلمة سمو الأمير

محليات وبرلمان

لجأت الى حل مجلس الأمة وفقا لأحكام المادة (107) من الدستور ودعوة الشعب الكويتي الى انتخاب مجلس نيابي جديد

3067 مشاهدات 0


وجه حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه كلمة للمواطنين فيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

 'وأوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا . ان الله يعلم ما تفعلون' صدق الله العظيم

 احمد الله الذي هو على كل شيء رقيب واصلي واسلم على أشرف رسله اعظم من أدى الأمانة وحدد معالم الطريق فتركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها الا هالك.
اخواني وابناء وطني اتحدث اليكم اليوم حديث القلب حديث الأب كما هو حديث المسؤول عن مستقبل وطن وشعب لا ينشد لأبناء وطنه الا المنعة والقوة والازدهار والحفاظ على العهد الوطيد الذي يجمع كلمتهم ويضمن أمنهم ويحفظ استقرارهم ذلك العهد هو وحدتهم الوطنية التي تعرفون جميعا أنها اذا انفرط عقدها لا قدر الله فليس بعدها الا انهيار بنائهم وذهاب ريحهم.
اخواني وبني وطني لقد كان مقتضى النعمة الوافرة التي أكرم الله بها أهل الكويت يحتم ان يجيء شكرهم عليها ظاهرا وباطنا وأن يكون الحفاظ عليها وحراستها هو الشغل الشاغل لكل فرد على أرض الكويت الطيبة هذه الارض المعطاء التي لم تبخل على احد قط.
ولكنني بكل الاسف اصارحكم كما يصارح الأب ابناءه بأن بعضا منا قد غرتهم نعم الله فاعتادوها وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.
وتناسوا أمن سفينة الوطن الغالي التي هي حصن الجميع وراحوا يتبارون في مماحكات وممارسات محمومة - ايا كانت مقاصدهم - تهدد سلامة الوطن واستقراره ووحدة ابنائه ويعرضون شعبا بأكمله للخطر الذي ليس وراءه خطر.
ولا شك أنكم ايها الأخوة تابعتم مثلي بكل استياء وألم ما تشهده الساحة البرلمانية من ممارسات مؤسفة شوهت وجه الحرية والديمقراطية الكويتية وهي ميراث صنعه الآباء والأجداد وسيبقى موضع اعتزاز وفخر لنا جميعا ولم يعد خافيا ايها الاخوة أن تلك الممارسات قد افسدت التعاون المأمول بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وأشاعت أجواء التوتر والتناحر والفوضى بما أدى الى تعثر مسيرة العمل الوطني في البلاد وامتدت طويلا وامتد معها صبر المواطنين بلا جدوى.
أقول ذلك بكل الحزن والاسف بعد ان تجاوزت هذه الممارسات كل الحدود وأضحت سبيلا الى استفزاز مشاعر الناس وتحريضهم وسببا في اذكاء رماد الفتنة البغضاء لعن الله من يوقظها.

اخواني وابناء وطني الكرام لقد تلمست خلال لقاءاتي المتعددة مع المواطنين في مختلف مناطق البلاد مشاعر القلق والاستياء والتي باتت تقض مضاجعهم وتؤرقهم فكلنا يدرك ما آلت اليه الامور من تداعيات جراء الخلل المتفاقم الذي يشوب العمل البرلماني بما انطوى عليه من انتهاك للدستور وللقانون وتجاوز لحدود السلطات الاخرى وتدني لغة الحوار على نحو غير مسبوق وانتهاج سبل التعسف والتشكيك والتصيد والقدح بذمم الناس واخلاقهم وممارسة المزايدات والاستعراضات المشبوهة على مختلف المنابر والتجمعات واستغلال وسائل الاعلام لاثارة الجماهير وشحنهم وشق الصف تحقيقا لغايات قصيرة ضيقة على حساب مصلحة الوطن.
ولعلكم ايها الاخوة تابعتم وتتابعون طبيعة وظروف وملابسات استخدام الاستجوابات والتهديد بتقديمها تحت مختلف الحجج والذرائع وما انطوى عليه ذلك من خروج عن المقاصد السامية التي استهدفها الدستور وانصراف عما ينتظره المواطنون من انجازات حقيقية تلبي حاجاتهم الفعلية ومعالجة قضاياهم المهمة.
وبعيدا عن الاعتبارات الدستورية والقانونية المتعلقة بتلك الاستجوابات ومدى انطباق الضوابط القانونية بشأنها فهل من المستغرب ان يتساءل المواطن عن طبيعة تلك الاستجوابات والممارسات وغاياتها الحقيقية ! وعما اذا كانت تصب فعليا في مصلحة الوطن ! وعما اذا كانت تحقق اهداف من شرعها !.
ألم تكن مناسبة الاحتفالات باعياد الوطن وزوال الاحتلال الآثم وتذكر نعمة التحرير والاستقلال كافية لنتذكر حاجتنا لأن نكرس وحدتنا الجامعة ونحافظ على أمن بلدنا ونشحذ الهمم لبنائه ونمائه !.
اخواني وأبنائي..
لاشك بأن هناك بعض أوجه القصور في أداء الاجهزة الحكومية بما يستوجب العمل الجاد من اجل الارتقاء بأداء الجهاز الحكومي والعمل على تسريع انجاز المشاريع التنموية والاستجابة لتطلعات المواطنين وضمان مستقبل اجيالهم القادمة في وطن آمن مزدهر..ولكن هل يمكن ان يتحقق الانجاز المطلوب في ظل أجواء مشحونة بغيوم الشد والتوتر والتعسف والتشكيك والترهيب!.
ان ممارسة النائب لحقوقه الدستورية في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية حق لا جدال حوله بل هي ممارسة رقابية محمودة ما دامت في اطارها الصحيح بما في ذلك توجيه الاستجوابات..ولكن كل حق مهما كان نوعه له شروط وضوابط لا يجوز اغفالها او القفز عنها ولعل اهمها ان يكون منضبطا باطاره القانوني السليم وملتزما بروح المسؤولية ومحققا لغاية وطنية وبعيدا عن الكيدية والشخصانية والا صار الحق أشبه بالباطل.

ان الله سبحانه وتعالى هدانا الى دستور ارتضيناه جميعا واستقيناه من تعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء وهل هناك اسمى من شرعة الله في تنظيم الحقوق والواجبات وصون مصلحة الوطن والمواطنين فدستورنا في حقيقته منظومة قواعد قانونية لم تأت مضامينها جزافا وعلى اطلاقها لتفتح باب الفوضى والعبث وهدر الوقت والجهد دون طائل وانما جاءت لتكفل الممارسة الديمقراطية الواعية السليمة التي ينبغي ان ندرك بانها على اهميتها فهي اداة وليست هدفا بحد ذاتها وان نحرص على ان تكون سبيلا متقدما في الممارسة السياسية بكافة سلطات الدولة وحصنا حصينا للوحدة الوطنية ومشعلا يضيء طريق التقدم والرقي لابناء هذه الارض الطيبة.
وهل يليق ان تتحول قبة البرلمان الى ساحة للجدل العقيم والخلافات وافتعال الازمات ! تعج بها الممارسات الشخصانية وعبارات التشكيك والاهانة بين ابناء المجتمع الواحد خروجا عما الفه اهله وما جبلوا عليه من قيم فاضلة قوامها الاحترام والتقدير ! وهي المنبر القدوة الذي تلتقي به امال الشعب ومحط انظاره والذي يتشرب منه ابناؤنا القيم الديمقراطية وتبادل الحوار المسؤول وقبول الرأي الاخر.
إن ما آل اليه الوضع ايها الاخوة من تراجع وترد في الممارسة الديقراطية وما ترتب على ذلك من تداعيات باتت تمس ركائز ومقومات امن مجتمعنا واستقراره يجعلوني استشعر الخطر .. نعم بكل امانة اقول لكم انني استشعر الخطر كل الخطر ولاسيما ان مناخا مضطربا بل متفجرا يضرب الواقع الاقليمي والدولي في شتى صوره الامنية والسياسية والاقتصادية جميعا ولاشك ان هذا الوضع المعقد يحتم علي باعتباري ابا محبا مخلصا لجميع ابناء هذا الوطن وقائدا مسؤولا عن شعب باكمله ان ارجع اليك وانتم اهلي وعزوتي.
انني معكم دائما ولم اكن يوما بعيدا عن تلمس هواجسكم وتفهم ضجركم وطول صبركم وانتظاركم للامل في اصلاح العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والارتقاء بادائهما للمستوى المنشود ووجهت رسائل واضحة لاصحاب الشأن آملا الاستجابة للنصح تجنبا لما ابغض واكره وقد فاض الكيل.
واجد لزاما علي هنا ايها الاخوة ان اتوجه بعتاب كبير هو عتاب الاب وهو عتاب ولي الامر الى مؤسساتنا الاعلامية بوسائلها المختلفة التي طالما حملنا لها كل الاحترام والرعاية وعولنا على دورها الايجابي في التنوير والتوحيد والتنمية حيث تم استغلال بعضها كمعاول هدم لمجتمعنا ولثوابتنا الوطنية.

وإني على ثقة في ان روح المسؤولية الوطنية لدى المخلصين من رجال الاعلام كفيلة بادراك خطورة الاستمرار في النهج الحالي واتخاذ وقفة تصحيحية جادة تجسد الحرص على الالتزام بهذه المهمة المقدسة التي هي مهمة الشرفاء وحدهم ويعملوا على تكريس الحرية المسؤولة حتى لا يكون الندم حين لا ينفع الندم.
اخواني وبني وطني يعلم الله ان القرار الذي اتخذته اليوم لم يكن يسيرا على قلبي بل هو قرار حتمي تمليه علي امانة المسؤولية حيث اصبح اللجوء الى الخيار امرا ملحا وعاجلا ومن الامور التي تستوجبها المصلحة الوطنية وهو ان الجأ الى حل مجلس الامة وفقا لاحكام المادة (107) من الدستور ودعوة الشعب الكويتي الى انتخاب مجلس نيابي جديد ينهض بمسؤولياته الجسام في صيانة امن الوطن وسيادته ويتحمل مسؤولية التطوير والتنمية في روح من التعاون الواعي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فذلك هو حجر الزاوية في نماء كل وطن وهو مركز الانطلاق الى كل هدف.
اننا في هذا البلد ننعم بنهر كريم من العطاء المتدفق من الحرية والديمقراطية والالفة وقد حبانا الله من نعمه وافضاله الشيء الكثير وهي نعم تستوجب الحمد والشكر ويحسدنا الكثيرون عليها ولن نسمح لكائن من كان ان يدنس هذا النهر ويلوثه وما احرانا كلنا ابناء الكويت بان نحكم دائرة السياج لحماية هذه النعم العظيمة وان تلتقي قلوبنا وتلتف سواعدنا لنكون جميعا درعا حصينا لوطننا ومكتسباتنا وثوابتنا الوطنية فكويتنا الغالية تستحق ذلك واكثر.
واذ نؤكد ايماننا المطلق الراسخ وتمسكنا بالنهج الديمقراطي الذي تعاهدنا عليه فان علينا جميعا ان نتفهم ونعي دواعي بعض المطالبات المتطرفة التي عبر عنها الكثيرون مؤخرا ازاء الممارسات النيابية السلبية والتي عكست حالة الرفض والاحباط التي يشعر بها المواطن.
وليعلم الجميع انني ومن منطلق امانة المسؤولية الوطنية التي احملها وهي امانة وطن وشعب لن اتردد في اتخاذ اي خطوة في صيانة امن الوطن واستقراره والحفاظ على مصالحه وحماية ثوابته ومكتسباته فليس هناك اكبر واهم واغلى من الكويت واهلها الاوفياء.
اخواني وبني وطني اتوجه اليكم ان تعينوني بقوة وانني على ثقة تامة بانكم حريصون على ممارسة واجبكم الوطني المسؤول في حسن اختيار من يمثلكم في صون مصلحة الكويت حاضرا ومستقبلا وتحقيق تطلعاتكم في وطن امن مستقر مزدهر فالكويت هي امنا الحنون وانتم اهلها واحق بها فعضوا عليها بالنواجذ وتوحدوا حولها وتجردوا من الذاتية الضيقة والعصبية البغيضة.
فالكويت العزيزة تستحق ان نفديها بكل غال من روحنا ودمنا ومن عزمنا وارادتنا وان نتجاوز من اجلها المصالح الضيقة والكويت هي يومنا وهي امسنا وهي مستقبلنا المعمور بالامل باذن الله.
فليحفظ الله الكويت من كل مكروه ويديم عليها نعمة الامن والامان وليعين اهلها المخلصين على النهوض باحلامها الكبيرة لتعتلي مكانتها المستحقة سائلين المولى القدير ان يتغمد بمغفرته وواسع رحمته شهداء الكويت الابرار ويسكنهم فسيح جناته.
'اللهم انا نسألك العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر وان تهبنا نورا نمشي به في الناس'.
'ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من امرنا رشدا'.

صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الآن - كونا

تعليقات

اكتب تعليقك