لو أن القيم الدينية سبب التخلف لكانت دولة الاحتلال الصهيوني أكثر دول العالم تخلفا ورجعية.. كما يرى سلطان الخلف
زاوية الكتابكتب ديسمبر 2, 2017, 11:51 م 521 مشاهدات 0
الانباء
فكرة-ليسوا ليبراليين
سلطان الخلف
مرت بالعالم العربي موجة يسارية عارمة بعد خروج المستعمر من بلادنا العربية، وكانت شعاراتها التحرر من الاستعمار ومقاومة الإمبريالية المتمثلة في الدول الغربية الاستعمارية والتعاطف مع الاتحاد السوفييتي الذي استعمر جميع دول آسيا الوسطى المسلمة.
وانتشرت حينها مصطلحات يسارية مقتبسة من الثقافة الشيوعية كمصطلح الرجعية، ومصطلح التقدمية، ومقولة «الدين أفيون الشعوب»، وصارت محاربة الفكر الديني، الذي يعتبرونه سبب تخلف المجتمعات العربية أمرا لابد منه من أجل تحقيق النهضة والتقدم.
وتسلم القوميون اليساريون السلطة في مصر وسورية والعراق، لكنهم لم يحققوا النهضة التي كانوا يمنون شعوبهم بها.
وفشل المشروع القومي العربي الذي كان عبارة عن مدونات إنشائية على الورق وخطابات نارية في الهواء، فلم يحقق تقدما ولا نهضة، بل حقق تخلفا علميا، وأزمات اقتصادية خانقة، واستبدادا سياسيا غير مسبوق، وبطالة قاتلة عانى منها الشباب العربي، أدت فيما بعد إلى انتفاضة شعبية أو ما يعرف بالربيع العربي احتجاجا على تلك الأوضاع غير المحتملة.
اليوم وبعد تقهقر الفكر اليساري العربي الذي لم يعد يحظى بثقة المواطن العربي، بدأت تغزو مجتمعاتنا العربية المحافظة صيحات ليبرالية جل اهتمامها التحلل من هويتنا الدينية واستبدالها بقشور الليبرالية الغربية كأساس للتقدم والتحضر والحداثة، لا تعنيها معايير الليبرالية الغربية في الممارسة الديموقراطية التي ترفض الإقصاء وتساوي بين يميني متعصب دينيا وليبرالي أو يساري على أساس أن هؤلاء متساوون في المواطنة ومن حق كل مواطن المشاركة في بناء الدولة التي هي وطن للجميع وليست حكرا على أحد.
وقد رأينا اشتراك اليمينيين المتطرفين جنبا إلى جنب مع نظرائهم الليبراليين في التشكيلات الوزارية للحكومات الغربية.
ولو أن القيم الدينية سبب التخلف لكانت دولة الاحتلال الصهيوني التي يحكمها المتطرفون الصهاينة والمتمسكون بدينهم من أكثر دول العالم تخلفا ورجعية.
ومن المعلوم أن الإحصائيات تشير إلى أن مجموع ما ينشر من بحوث علمية وبراءات اختراع في تلك الدولة الدينية (الرجعية) يفوق مجموع ما تنتجه الدول العربية جميعا بما فيها (التقدمية).
ومع حساسيتها المفرطة تجاه الدين، فإن الليبراليية العربية لا تملك مشروعا نهضويا وتعول كثيرا على الحضور الإعلامي وممارسة الضغط، لذلك لن تكون أوفر حظا من اليسار العربي في تحقيق تطلعات الشعوب العربية.
وتشهد روسيا اليوم تقاربا وتفاهما بين المؤسسة الرسمية والكنيسة الأرثوذكسية التي همشت في العهد السوفييتي، كما تعيش أوروبا وأميركا رائدتا الليبرالية حالة سياسية مستقرة يشوبها التسامح والتعايش مع التيارات اليمينية، إلا في بلادنا العربية فإن المناكفة بين الليبراليين والدين شديدة ولعل السبب في ذلك أن دعاة الليبرالية العرب ليسوا ليبراليين بالمعنى الغربي الصحيح.
> > >
شهدت باكستان منذ أيام بالون اختبار درجة الوعي الديني، حيث حاول وزير العدل تغيير فقرة القسم في قانون الانتخابات والتي تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم باستبدال كلمة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء إلى (أعتقد).
لكن درجة الوعي كانت كبيرة جدا حيث خرجت مظاهرات حاشدة، لم تشهد باكستان مثيلا لها من قبل واستدعت تدخل الجيش، تطالب بوقف العبث بالقسم واحترام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتعرض من وقت إلى آخر لإساءة من قبل مدعي العلمانية واللادينيين الذين لا وزن لهم في المجتمع الباكستاني المحافظ.
وقد أثمر هذا الوعي الديني الجامح إرغام وزير العدل زاهد حامد على الاستقالة وإصابة من كانوا يقفون وراء محاولة العبث بالقسم بالإحباط من هول ردة الفعل لدى الشعب الباكستاني المسلم.
> > >
ما جدوى زيارة بابا الفاتيكان فرانشيسكو منذ أيام إلى بورما، وإقامته قداسا للكاثوليك البورميين في الوقت الذي تتعرض فيه الأقلية المسلمة الروهينغا إلى الإبادة والتطهير العرقي من قبل الجيش البورمي؟ وما يدعو إلى الامتعاض هو عدم إثارته قضية الروهينغا في لقائه بقادة الجيش البورمي الذين يديرون عمليات الإبادة والذين يرون في لقائه معهم دعما لمشروعيتهم.
أقل ما يقال في زيارة بابا الفاتيكان إلى بورما أنها استهانة بمأساة الروهينغا المسلمين.
تعليقات