ورقة تشكيل الحكومة أحد الشواهد الحية التي تبرز حجم العجز الذي وصلت إليه الدولة.. كما يرى محمد المقاطع
زاوية الكتابكتب نوفمبر 20, 2017, 11:49 م 933 مشاهدات 0
القبس
تشكيل الحكومة.. ومدة التشكيل
د. محمد المقاطع
ورقة تشكيل الحكومة أحد الشواهد الحية التي تبرز حجم العجز الذي وصلت إليه الدولة في التعامل مع أي ملف من الملفات المهمة وطنياً، وهو دلالة أبلغ في بيان التراجع المخيف في أداء الدولة ومؤسساتها من جهة، وضعف السلطتين؛ التنفيذية والتشريعية، وعدم تمكنهما من أن تكونا قادرتين على التعامل مع قضايا الوطن وجميع ملفاته الملحة والمعلقة منذ سنوات عدة بشكل فعال ومؤثر.
فقد كشف تأخّر تشكيل الحكومة تساؤلات مشروعة من الوجهة السياسية والموضوعية، فضلاً عن الأسئلة الدستورية والقانونية. فموضوعياً ليست لدينا حكومة حالياً، والموجودة هي حكومة تصريف العاجل من الأمور، فهي لهذا الاعتبار حكومة محدودة الصلاحيات ناقصة التكوين، طبيعتها مؤقتة؛ لأنها حكومة مستقيلة ولا وجود لها إلا في حدود وضمن حيّز ما هو «موصوف بالعاجل من الأمور»، وهو نطاق ضيق ومآله الزوال عند تشكيل الحكومة الجديدة، إن لم تكن هي فعلاً قد زالت أصلاً بمجرد وجود رئيس وزراء مكلف؛ إذ إن تكليف الحكومة بتصريف العاجل من الأمور مرتبط بوجود رئيسها الذي زال وجوده بتكليف رئيس الوزراء الجديد، حتى لو كان هو نفس الشخص، لاختلاف الصفتين. ومن ثم يصبح وجود الوزراء المكلفين محل شك.
وموضوعياً وسياسياً معاً، فإن تأخّر تشكيل الحكومة إما أنه يكشف عن عدم قدرة رئيس الوزراء على إقناع من يعمل معه ضمن الفريق الوزاري، وإما انه لا يزال يدور في النمط ذاته، الذي تشكل به الحكومات السابقة، أو انه ربما يعتبر الوقت وسيلة لخلق تهدئة مفترضة، رغم أنه لا توجد أي معطيات تبرهن على أنه يستفاد من الوقت لتعزيز الثقة بالحكومة وقدراتها ليكون ذلك مدخلا حقيقيا للتهدئة. وليس يخفى أنه بات أمرا ملحّا أن يتغيّر أسلوب تشكيل الحكومة ونمط تكوينها ليكون للتهدئة عنوان يقرأ بمجرد تشكيل الحكومة، وإن فات كل ذلك، ندرك أن عدم تشكيل الحكومة هو الحقيقة المؤلمة، مما يستدعي إعادة التفكير.
أما من الناحية القانونية، فإن تشكيل الحكومة لا يحظى بأجل مفتوح ومدة غير محددة، فمعاني القانون ونصوصه تتعلق بأسس النظام البرلماني ومقاصده وطبيعته بشكل عام والنظام البرلماني الكويتي بشكل خاص، بل يغيب عن هؤلاء المواعيد الزمنية التي ترتبط بوجود حكومة ينبغي تشكيلها خلال أسبوعين، والفراغ الدستوري الذي يترتب حتماً على فوات هذه المدة، فهو فراغ يعطل وجود حكومة أصلاً، فوجود رئيس مكلف ووزراء من الحكومة السابقة ينفي وجود مجلس للوزراء، مما يترتب عليه تعطل أي عمل ينبغي أن يصدر عن مجلس الوزراء كمؤسسة جماعية بقرار منه، وإما بمرسوم حسب حكم المحكمة الدستورية لسنة ٢٠١٢. وهو فراغ يعطل عمل مجلس سلطة أخرى وهي مجلس الأمة، الذي تتعطل اجتماعاته، وهو الذي يجب أن يجتمع كل أسبوعين، وهو أيضا الذي يجب ألا يقل دور انعقاده السنوي عن ٨ أشهر، ومن ثم كيف تحسب مدة تعطله ضمن دور انعقاده، لعدم تشكيل حكومة، بل ان تأخر تشكيل الحكومة عن أسبوعين، يعطل انعقاد المجلس ومواعيد وأعمال محددة بمدد وإجراءات مقررة، ويعطل نصوصاً دستورية ولائحية عدة، فترك تشكيل الحكومة بلا قيد زمني يعني يمكن أن تمتد لشهرين أو سنة أو سنتين! وهذا كلام منطقه غير صحيح، وأي ممارسات لإسناده تكون، من ثم، داحضة لما سبق من إيضاح.
وقد يختلط الفهم لدى كثير من الناس، ولذا فإن وضع النقاط على الحروف يرفع اللبس ويوقف الهمس ويوعي كل من له حسن نية وحس.
ولكل ما سبق، ندرك كيف أن ورقة تشكيل الحكومة تبرهن على حالة التراجع والضعف التي بلغتها الدولة.
تعليقات